ثقافة المحيط الهندي

عبدالرحمن السالمي
تمتزج في المحيط الهندي وعلى ضفافه أكثر العرقيات والأديان واللغات الحية تنوعا في العالم، بل ونصف الحضارات العالمية الحية بحسب التقسيم العالمي الهنتجتوني، فدوله المطلة عليه تستحوذ بُعدًا استراتيجيا في الاقتصاد والسياسة العالمية، كما أن الترقبات في السياسة الدولية تشير إلى أن هذا المحيط سيكون مركز النفوذ العالمي للقرن الحادي والعشرين.
-I-
يخترق المحيط الهندي قارتي أفريقيا وآسيا حتى أوقانوسيا (أستراليا)، ومع أن كتاب الطواف حول البحر الإريتري (المكتوب بواسطة أحد التجار في القرن الثالث الميلادي) يرى المحيط الهندي بحراً أفريقيا، فالواضح أنه حتى في ذلك الحين كان مفهوما أنه بحراً داخلي يربط بين شواطئ عُمان واليمن والبحر الأحمر من جهة وسواحل شرق أفريقية من جهة ثانية. وبذا فقد كان وقتها بحراً افريقيا/آسيويا. وقد توسع الإدراك له من الناحية الجغرافية حينما صار معروفا في القرن الثامن الميلادي أنه واسع الامتداد طولا؛ لأنه يتوازى مع طريق الحرير أو الطريق البري للتجارة البعيدة المدى من أقاصي شرق آسيا (تركستان والصين) وإلى الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط. وقد كان الاعتقاد أن طريق الحرير تتنقل عليه السلع عبر البلدان التي لا تمتلك شواطئ وبحارا وأنهاراً طويلة تصلح للملاحة، ونحن نعرف الآن أن هذا الطريق البري كانت تنتقل عليه السلع الخفيفة أما الطريق البحري فكان مخصصاً لعبور فيه السلع الثقيلة أو الكميات الكبيرة من مواد التجارة المختلفة. وإذا كان طريق الحرير قد خرج من نطاق المحلية والداخلية منذ العصور القديمة -بسبب شيوع السلام والمسالمة في عمليات التبادل السلعي- وبذا فإن المحيط الهندي قد خرج عمليا من نطاق المحلية والداخلية منذ القرن التاسع الميلادي حين تمكن المسلمون من تسيير سفن فيما بين البصرة وصحار وسيراف من جهة، وشواطئ الهند وبحر الصين -عبر مضيق ملقة- من جهة ثانية. وقد ظل المحيط مَخُوفاً بسبب العواصف والأعاصير البحرية الهائلة، كما تدل على ذلك قصص السندباد، وعجائب الهند، ورحلة سليمان التاجر. إلى أن تقدمت صناعة السفن, وازدادت المعارف البحرية بالجزُر الداخلية في المحيط، والتي يمكن اللجوء إليها والرسو فيها، وممارسة التبادل بانتظار هدوء الأعاصير وتبعا لمواسم الرياح، أو إلى أن تأتي سفن هندية وصينية إلى تلك الجزر للتواصل والتبادل. وبعد القرن العاشر الميلادي صار المحيط كله بُحيْرة للسلام والتجارة والتبادل بالسفن التجارية الصغيرة في الموانئ الداخلية من الجانبين، وبالسفن الضخمة فيما بين عمان والبصرة وبحر عمان وبحر العرب من جهة، والموانئ الهندية والصينية من الجهة الثانية. وهكذا فإن المحيط الهندي صار من الناحية الجغرافية محيطا شاسعا وواصلا؛ حين توافرت له ثلاثة شروط: أولا: تطور المعارف البحرية بالطقس وبالأنواء المناخية والفلك. وثانيا: تطور صناعة السفن. وثالثا سيطرة المسلمين - مجتمعاتٍ ودولا- على أكثر أجزائه ومن جهاته الشرقية والغربية والجنوبية.
-II-
يذكر ابن حبيب في كتابه المحبر بأن سفن الصين والهند تصل إلى جزيرة العرب، وأنها ترسو في دبا مينائها الرئيس، وكان الجلندى ملك عمان يأخذ الضرائب عليها، وهذا التوثيق التاريخي إن صح فإنه يكون من أولى الإشارات الدقيقة في التواصل الحضاري بين الجزيرة العربية والصين والهند في مرحلة ما قبل الاسلام، بيد أن التطورات أخذت بُعدها المعرفي منذ القرن الثامن الميلادي حين أصبحت موانئ صحار والبصرة وسيراف وعدن موانئ هندية، وجاءت هنديتها ليست من سيطرة دولةٍ في الهند على تلك الأصقاع؛ بل بسبب وجود بحارة كثيرين من الهنود فيها وبسبب السلع الكثيرة الواردة من الهند إليها. ومن الناحية التاريخية أيضا فالمعروف أن التجارة البحرية من جانب المسلمين ظلت تجارة خاصة يستثمر فيها كبار التجار، ولا تتدخل فيها الدولة إلا باستيفاء الضرائب والمكوس في الموانئ الكبرى. وهكذا فقد اعتمد أمن التجارة والتجار ليس على سطوة الدولة؛ بل على وجود المجتمعات الإسلامية منذ القرن الثامن الميلادي على الشواطئ الأفريقية والآسيوية للمحيط وعلى الجوار البرّي، بما في ذلك أكثر أجزاء طريق الحرير. ومن الناحية التاريخية ظلت التجارة تجارة خاصة، وظلت الأساطيل التجارية أساطيل مدنية ينظمها ويتابع تحركاتها التجار فيما بينهم، ويعني ذلك أن التجار هم الذين أنفقوا واستثمروا في تطوير صناعة السفن وتطوير المعارف البحرية لجهة التقنيات ولجهة الاستكشاف في مياه المحيط وجزره. وبذا تطورت المعارف العلمية لدى البحارة المسلمين المبحرين في المحيط الهندي في تقنيات صناعة السفن والملاحة والجغرافيا أكثر من البحارة في المتوسط؛ نظرا للتحدي الأوسع الذين يواجهونه، بل يكاد الامتياز المعرفي في العلوم البحرية الإسلامية خلال القرون الكلاسيكية الوسيطة على سكان الجزيرة العربية المُطِلّين على المحيط. كما أن التجار هم المستثمرون في رأس المال التجاري، وكذلك رأس المال جبان كما هو معروف، فلا بد أن التجار بقدر حرصهم على الأمن بداخل المحيط كانوا يحرصون أيضا على ضبط الموانئ من خلال السلطات المحلية المسيطرة عن طريق التواصل والتنسيق، ومن خلال إنتاج سلطات إذا صح التعبير، ونحن نعرف من الناحية التاريخية أيضا أنه حدثت أزمات بين التجار العمانيين والبويهيين، حينما سيطروا على صحار وزادوا الضرائب، مما أدى إلى إشعال ثورة العمانيين ضدهم، قادها حفص بن راشد، وحدث هذا أيضا بين تجار المكارمة والسلطات المملوكية الجديدة حينما احتلت "عدن"، فأرادت تلك السلطات احتكار بعض السلع لصالحها أو رفع المكوس والضرائب لحدود غير معقولة. والواقع أن الطابع الخاص والسلمي للتجارة في العصور الإسلامية لا يقتصر على المحيط الهندي؛ بل يشمل البحر المتوسط أيضا. ولم تكن التجارة في البحر المتوسط كالمحيط الهندي؛ لأن المسلمين في المحيط كانوا مستوردين ومصدرين، أما في البحر المتوسط فقد كانوا مصدرين فقط، وكان تجار المدن الإيطالية هم المستوردين، ولم يكن تجار المدن الايطالية - الذين يأخذون السلع الهندية أيضا من موانئ الشام ومصر- يتواصلون مع السلطات الإسلامية إلا لدفع الرسوم والمكوس، أما بقية المسائل فينظمها لهم التجار المسلمون، بما في ذلك المسائل المتعلقة بالأمن والنزاعات التي تصل للقضاء. ثم أنشأ الإيطاليون وكالات وأحياء في المدن البحرية لتخزين البضائع بعد شرائها وقبل شحنها، وعندها ازدادت صلاتهم بالسلطات الإسلامية دون أن تترتب على ذلك حروب؛ لأن نقابات التجار المسلمين هي التي ظلت مسيطرة، ولأن الأساطيل أو السفن الحربية لم تكن معروفة أو مألوفة، باستثناء بعض سفن الحراسة في الموانئ، والتي كان المسلمون والأوربيون يستأجرون لها العناصر بشكل استثنائي في بعض المواسم والمرافئ وبخاصة في الأوقات التي تضطرب فيها الأوضاع السياسية والأمنية، مثل حوادث القرصنة في شمال المحيط الهندي وسواحل عمان، فقد اضطر الإمام غسان بن عبدالله إلى إنشاء حاميات بحرية في شمال عمان للقضاء على تلك القرصنة، ومثال آخر ما حدث في بعض الفترات الصليبية، وبعض فترات الاضطراب السياسي في مدن الموانئ المطلة على المحيط الهندي والبحر الأحمر وبحر العرب. وحتى عندما زار الأسطول الحربي الصيني بقيادة شوان هو في القرن الخامس عشر الشواطئ الإسلامية بمشارق المحيط الهندي فقد كان ذلك بعلم السلطات، وكان الأسطول يحمل سلعا وهدايا كثيرة، ولم يحدث نزاع عسكري معه، ولا ندري حتى الآن ماذا كانت الأهداف الحقيقية للزيارة؛ لأنها لم تتكرر. بيد أنه من الناحية التاريخية لم يصر المحيط الهندي ولا التجارة البحرية فيه موضوعا حربيا إلا بعد ظهور البرتغاليين فيه في السنوات الأولى من القرن السادس عشر الميلادي؛ إذ بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح ظهرت الأساطيل الحربية البرتغالية مرافقة للسفن التجارية البرتغالية والإسبانية والإيطالية، وأقبلت على مصادرة السفن التجارية لغير الأوربيين، كما عملت على إقامة محطات بحرية تحميها حاميات عسكرية حتى في موانئ جنوب وشرق الجزيرة العربية ووصولا إلى مضيق ملقة والهند.
-III-
منذ القرن الثامن الميلادي صار المحيط الهندي -كما صار البحر المتوسط والبحار المحلية المجاورة- مجالا استراتيجيا إسلاميا، ومع ذلك فإن الأمر يختلف بين الجهتين البحريتين، أو بين المتوسط والمحيط. ففي المحيط اعتمدت السيطرة الإسلامية على ظهور المجتمعات المدنية الإسلامية على الشواطئ والموانئ، أو وجود مجتمعات مسالمة أو حليفة في سائر النواحي حتى القرن السادس عشر. أما في البحر المتوسط فإن المسلمين احتاجوا إلى استخدام الأساطيل الحربية لرد الهجمات على سواحل شرق المتوسط وجنوبه من الغرب الأوربي. وكان هناك دائما جزر ثائرة أو متحدية حتى بعد ان أحتل المسلمون صقلية وشبه الجزيرة الإيبرية (أسبانيا)، وصحيح أن المسلمين تعاونوا دائما مع التجار الإيطاليين لتحييد التجارة عن الأعمال الحربية؛ لكن الإيطاليين لم يستطيعوا البقاء على الحياد أثناء الحروب الصليبية، ثم في الصراع العثماني الأوربي، فقد أجّروا سفنهم لنقل الجند من غرب أوربا أو أنهم تبرعوا بالناقلات الحربية رجاء الحصول على امتيازات تجارية بعد انتصار الغزاة. وبذا فإن الأوربيين -منذ عهد السيطرة البيزنطية حتى القرن السابع وإلى الحروب الصليبية وما بعد مع العثمانيين- لم يسلّموا للمسلمين بالاستيلاء على البحر المتوسط، وبالتالي لم تقم تقاليد سلام وتعاون في مناطق البحر المتوسط وموانئه وبحاره الفرعية، إلا إذا استثنينا التجار الإيطاليين الذين ثابروا على محاولة إقامة تعاون وسلام مع جنوب المتوسط حتى بداية القرن الثامن عشر. وعلى ما سبق فلدينا من الناحية الاستراتيجية غلبة إسلامية مطلقة في المحيط الهندي حتى القرن السادس عشر، وغلبة إسلامية نسبية في البحر المتوسط حتى القرن الثامن عشر، ولم تَنْهَرْ الغلبة الإسلامية في المحيط الهندي دفعة واحدة بالهزائم المملوكية والعثمانية أمام البرتغاليين بسبب المجتمعات والدول الإسلامية شرقه وغربه وجنوبه، فبعد تراجع سيطرة الدول الإسلامية الكبرى قاومت الدول الصغرى والمجتمعات المحلية على مدى قرنين، إلى أن دخل زمن الاستعمار العام في القارتين القديمتين كما في العالم الجديد فانكفأت المقاومة الإسلامية إلى الدواخل واقتصرت في البحار على الممارسات التي عُدّت قرصنة وتحديا لتنظيمات التجارة البحرية التي جرت بين القوى الأوربية المتمددة عبر المحيطات والبحار في الحروب وفي التجارة. فتغيرت أساليب التجارة الكلاسيكية التي كانت عملا تجاريا وتبادليا بحتا لا تتدخل الدولة فيه إلا بقدر محدود، وبعد أن كانت التجارة تسير وَفْق توجهات أصحاب البضائع المتنقلة أصبحت مرتبطة بالتوجه الدولي للعالم الرأسمالي منذ بداية القرن السابع عشر. وخاصة بعد تأسيس الهولنديين والبريطانيين شركة الهند الشرقية. فالدولة في كل الحالات شريك أو حام ولها السيطرة الاستراتيجية في انتشار الاوربيين حول العالم.
-IV-
مع أن القوة لا تغيب تماما في عمليات التبادل فإنها ليست العنصر الغالب، أو أنها لم تَصِرْ كذلك إلا في العصر الاستعمار والإمبريالية اللذين قادهما الأوربيون كما هو معروف، وليس في المحيط الهندي فقط؛ بل وعلى مدى العالم. فحتى ابن خلدون عندما تحدث عن عنصر القوة في التجارة لم يَرَهُ عملا حربيا؛ بل رآه نوعاً من الذكاء يعتمد المعرفة أو التفوق على المنتِج في المعرفة بطبائع السلع والأسواق. وقد سادت ثقافة التبادل في المحيط الهندي على وجه الخصوص، وظلت موجودة حتى بعد ظهور البرتغاليين والهولنديين والفرنسيين والبريطانيين، وصانعو ثقافة التبادل في المحيط الهندي هم العمانيون وبقية التجار وبحريوّ جنوب وجنوب شرقي الجزيرة العربية، وقد امتطى الإسلام نفسه صواري السفن التجارية، وأنشأ مجتمعات إسلامية تبادلية ومنفتحة في المحطات التجارية إلى آفاق الهند والصين، ولهذا السبب -أي سواد ثقافة التبادل في المحيط الهندي على وجه الخصوص، وحتى بدايات القرن العشرين- استوطن ثلثا سكان الجزيرة العربية ما بين مضيقي هرمز وباب المندب على إطلالة المحيط الهندي، والثلث الباقي يتوزع في باقي أرجائها.
ولذا يمكن الحديث عن طابع ثقافي عام في المحيط استمر غالبا حتى نهاية القرن التاسع، وما تزال هذه الثقافة مؤثرة في مجتمعات المسلمين الآسيوية والأفريقية على شواطئ المحيط وموانئه إلى أن نالت منها في القرن العشرين ثقافة السوق الرأسمالية، وتحل محلها اليوم ثقافة شبكات العولمة. فلم تكن هنالك فتوحات إسلامية عسكرية في سائر نواحي المحيط، ولم تظهر جيوش إسلامية فاتحة فيما بين بحر عمان وبحر العرب والهند والصين، وهكذا انتشرت بقع اجتماعية كثيرة على شواطئ المحيط، شكلت على إثرها مجتمعات خالصة عرقيا ودينيا، ولا شك أن ذلك لا يعود إلى الطبائع التجارية التبادلية والممتزجة للانتشار الإسلامي فقط؛ بل وإلى الطبائع المشابهة لسكان المناطق التي وصل إليها التجار المسلمون في تلك المناطق من أفريقيا وآسيا أيضا، والفرق بين تلك المجتمعات أو الاستيطانات، وتلك التي أنشأها التجار المسلمون في أفريقيا أن الأخيرة كانت في الأصل نواحٍ ريفية صغيرة وتجمعات صيد وتبادل؛ بينما كانت النواحي الآسيوية حضرية كبيرة الحجم نسبيا. ومع ذلك فإن التقاليد الثقافية والدينية القديمة والسابقة على الإسلام ظلت حاضرة وإن يكن حضورها الآسيوي أكبر وأبرز من حضورها الأفريقي، ومن هنا يأتي تأثير التوجهات الروحانية للمجتمعات أو التجمعات الإسلامية على شواطئ المحيط الهندي، حيث تمتزج فيها كذلك بالتجمعات الهندوسية والبوذية على امتداد المحيط. فالصوفية تقبل الامتزاج والتنوع والتأويلات الكثيرة والفلسفة التعددية للوجود والتمظهر والاكتفاء بالعنوان العريض بعيداً عن الطهورية المتشددة التي عرفت عن الإسلام في بعض المناطق الداخلية الأفريقية، وقد أدرك هذا الأمر زعماء حركة عدم الانحياز والحركة الآسيوية / الأفريقية في الخمسينات من القرن الماضي، فرأوا هذا المزيج المنفتح أساساً أخلاقيا وروحياً لتلاقي التقاليد الثقافية الكبرى: الإسلام والبوذية والهندوسية في عالم اليوم، كما تلاقت في العصور الوسطى حين كان المحيط الهندي بحيرة للتبادل والسلام والعيش المشترك, وقد أضافت استراليا في العالم المعاصر إلى المحيط الهندي الرؤية المسيحية والأوربية، وبذا يكون بحق أكبر تجمع بشري وثقافي في العالم. وقد تغيرت الأمور كثيراً اليوم ليس بسبب الرأسمالية المقاتلة والعولمة المُلغية وحسب، بل ولأن دولاً كبرى قامت على امتداد المحيط، ولأن للديانات الآسيوية وكذلك الإسلام إحيائيات قوية وطهورية، والطريف الآن أن المحيط الهندي يتحول من جديد إلى بيئة رئيسة للتبادل والتجارة على مستوى العالم، إنما عنصراه الرئيسان: الصادرات والواردات بين بيئاته المختلفة، وللتوسع في المخيلة الإنسانية البسيطة منذ القرن الثالث الميلادي من بحر الإريتري إلى محيط الهندي ليكون محيطاً عالمياً لثقافة التبادل والسلام.