مقدسات المسلمين بين الامتهان والإذعان !

يحيى بن موسى الزهراني

 

اليوم يزحف العالم الكافر بمدنيته وبليته إلى العالم الإسلامي في محاولة مستميتة لطمس معالم هويته الذاتية، وجره إلى تقليد الأنماط الغربية في جميع النواحي الحياتية، العقدية والفكرية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها، يقول جل وعلا في كتابه المبين : { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء } [ النساء89 ] ، وقال سبحانه : { وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ?لْكِتَـ?بِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَـ?نِكُمْ كُفَّارًا } [ البقرة109 ] ، وقال تعالى : { وَدَّت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ?لْكِتَـ?بِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ } [ آل عمران69 ] ، ويقول جل في علاه : { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِ?لسُّوء وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } [ الممتحنة2 ] .

إنهم يودون ذلك ، ويسعون إلى تحصيله وتحقيقه بكل ما يستطيعون ، { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـ?تِلُونَكُمْ حَتَّى? يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ } [ البقرة217 ] ، { وَلَن تَرْضَى? عَنكَ ?لْيَهُودُ وَلاَ ?لنَّصَـ?رَى? حَتَّى? تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [ البقرة120 ] .

يقول جل في علاه لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ?لَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [ الإسراء73 ] .
حقد دفين ، وخوف رهيب ، يملآن صدور أهل الكفر والعناد ، ويدفعانهم إلى محاربة الإسلام ، ومحاولة القضاء عليه وعلى أهله { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ?للَّهِ بِأَفْو?هِهِمْ وَ?للَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ?لْكَـ?فِرُونَ } [ الصف8 ] .

ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، يقول أحدهم : " متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب ، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداً عن محمدٍ وكتابه " .

هذا مكرهم ، { وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ } [ آل عمران118 ] ، وصدق الله : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ?للَّهِ قِيلاً } [ النساء122 ] ، { وَكَانَ ?لْكَـ?فِرُ عَلَى? رَبّهِ ظَهِيراً } [ الفرقان55 ] .
لقد جنّد أعداء الإسلام كل ما وصلوا إليه من اختراع واضطلاع لحرب الإٍسلام وأهله ، وغزو بلاد المسلمين عقدياً وفكرياً ، ليحكموا القبضة عليها ، ويستولوا على مقومات الحياة فيها ، ولسان حالهم قول قائلهم : " كأس وغانية تفعلان بالأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع ، فأغرقوها في حب المادة والشهوات " .

حاصروا بلاد الإسلام بثورة إعلامية ، وتقنية اتصال عالمية ، وهاجموها بقنوات فضائية شهوانية شيطانية ، سم زعاف ، يقضي على الكرامة والعفاف ، وريح عاصف ، ومكر قاصف ، وهجمة شرسة مستعرة ، تتعرض لها أجيالنا الحاضرة ، تُفجّر غرائزهم ، وتدمر أخلاقهم ، وتشيع الرذيلة في صفوفهم ، وتجعلهم هائمين على وجوههم ، يبحثون عن سبيل مشروع أو غير مشروع لتصريف ما أثير من شهواتهم .

وأغرقت أسواق المسلمين بكثير من المحرمات والمنكرات ، ولم تسلم المرأة المسلمة من تلك الهجمة الحاقدة ، فحاربوا حجابها وجلبابها ، وسعوا في إغوائها وإغرائها بما تصنعه دور الأزياء الخليعة ، وبيوتات الموضة المنحلّة ، ودعوها إلى الاختلاط ، وأقلقوها وأهانوها ودنسوها.

وجاءت الدعايات المضللة تدعو المسلمين إلى السياحة والترفيه في بلاد الكفر والفجور ، بلاد خادعة للعقول، وغادرة للألباب ، ليس فيها إلا مصائد هلاك ، وفخوخ تلف ، وحياة عابثة صاخبة .

فإن كانت هذه هي حقيقة حياة المسلمين اليوم ، وهي الحقيقة فعلاً ، فعلى الأمة السلام ، لقد أوثقوا منا الأيدي والأقدام ، وكمموا الأفواه وسفهوا الأحلام ، واخذوا بالتلابيب والأكمام ، يبثون إلينا ما يريدون ، ويرسلون ما يرغبون ، أثقلونا بالشائعات ، وحشونا بالاختلاقات ، أكاذيب وافتراءات ، أفسدوا العقول ، وقادوا للمجهول ، شبابنا وقع في الفخاخ ، وأحكمت حولهم الحلقات ، والأمة تنظر بدهشة مشدوهة ، كمن يحلم في اليقظة ، نقلد ولا ندري ما نقلد ، نحاكي ولا نعرف من نحاكي .

هذا هو واقعنا يا فلسطين ، وهذا هو واقعنا يا أقصى ، لك الله يا فلسطين ، ولك الله يا أقصى ..

لن تحرر أيها الأقصى الشامخ إلا برجال يخافون الله ويتقونه ، ويطيعونه ولا يعصونه ، يرقبون الله عز وجل ، ولا يرقبون غيره من البشر ، رجال كعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وصلاح الدين الأيوبي رحمه الله ، أولئك هم الفرسان الأبطال الفاتحين .

فإذا عجزت الأمة اليوم عن ولادة مثل أولئك الرجال الأشاوس ، فصل على الأمة صلاة الميت بأربع تكبيرات لا ركوع لها ولا سجود ، واسأل الله أن يهيئ للأمة أبطالاً أنجاباًً فرساناً أحراراً ..

المصدر: http://www.denana.com/main/articles.aspx?article_no=5609&pgtyp=66

 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك