هل يعود الغرب إلى القرون الوسطى بسبب تساهله مع الإسلاميين؟

حميد زناز

 

لقد بدأت بلدان غربية كثيرة الخضوع شيئا فشيئا لضغوط الإسلاميين وعلى وجه الخصوص عصابة الإخوان المسلمين وحلفائها من اليساريين الباحثين عن قضية وبعض الانظمة المتخلفة وكل الذين يحاولون فرض قوانين تدين ما يسمونه تجديفا أو ازدراء للأديان. في الدانمارك نفض الوكيل العام الغبار عن إجراء قانونيّ قديم ضدّ ازدراء الأديان من أجل متابعة شخص متّهم بحرق نسخة من القرآن مع أنّ ذلك الإجراء لم يُفعّل سوى ثلاث مرات آخرها كانت سنة 1971.

منذ قرون عديدة وتجريم ازدراء الأديان يعتبر من بقايا عهد غابر في الغرب. في مجتمعات أغلب مواطنيها من الملحدين أو اللاأدريين قليلون هم الّذين يصدمهم انتقاد أو تساؤل مرح عن هذا الطقس الديني أو ذاك، بل لا يقلق ذلك حتى أصحاب الإيمان والتديّن منهم. ففي سنة 1997 موّلت الإذاعة الدانماركية التابعة للقطاع العامّ عملا فنّيا لفنّان دانماركي  وهو يحرق التوراة وقد بُثّ العمل  على قناة تلفزيونية وطنية ولا أحد اتّهمه بجرم ولا محكمة حكمت عليه رغم الشكاوي ورغم تحقيق وكيل الدولة في القضية. أما اليوم، فيتعرض مواطن دانمركي لمتابعة قضائية لأنه حرق نسخة من القرآن هي ملك له وفي حديقة هي أيضا ملك له بمجرّد أنه نشر فيديو الحرق على الإنترنيت. و قد صرح الوكيل العام الدانمركي  ريكندورف أنه من ناحية  التهمة، فإنّ حرق  الكتب المقدسة كالتوراة والقرآن يستدعي في بعض الحالات اعتباره كخرق للقانون المتعلق بازدراء الاديان والذي  يعاقب  الاستهزاء العلني أو  الاستهتار  الظاهر بدين من الأديان. وفي الحقيقة لم يتابع إنسان في الدانمرك أبدا بتهمة حرق التوراة حتى حينما كان يصوّر ذلك ويبثّ على شاشة التلفزيون الوطني كما جاء سابقا!   وقد شبّ نقاش كبير في البلد حول ذلك القانون العتيق وضرورة إلغائه نهائيا من الترسانة القانونية الدانماركية كيلا يتخذ ذريعة لمنع التعبير والتفكير في السلوكات الدينية الإسلاموية التي تتعارض مع الحياة الديمقراطية والعيش المشترك والتي بدأ ينشرها الإسلاميون والإخوان بالذات في البلد مستغلين قضية حرق القرآن بغية تمرير أفكارهم وأفعالهم على أنها مقدسة لا ينبغي أن تناقش أو يردّ عليها.  وهو ما يريدون فرضه في بلدان الغرب كله وقد نجحوا في بلد كبير ككندا حيث تم   فعلا إقرار قانون يجرم ما أسموه إسلاموفوبيا تلك الكلمة التي اخترعها نظام الملالي أيام الخميني ليغلق الباب في الغرب على كل انتقاد قد يطال ما سمي “جمهورية إسلامية”.   ففي سنة 2016  وتبعا لمناورة  عن طريق عريضة  بادر بها الإخوان والقريبون من إيديولوجيتهم طالبوا فيها  بمعاقبة المسيئين للإسلام  وافق البرلمان الوطني الكندي بأغلبية على قانون يدين الاسلاموفوبيا وهي كلمة فضفاضة إلى حدّ الغموض سيركب عليها  الاخوان لمنع كل من يقف أمامهم والتصدي لأفكارهم وإيديولوجيتهم القروسطية في موضوع حقوق الانسان والمرأة على وجه الخصوص.

في بريطانيا العظمى، حكم على مواطن سنة 2011 وتمّ توقيف آخرين بين 2010 و 2014   بسبب نفس التهمة: حرق كتاب المسلمين المقدّس.

أما في النرويج فقد ألغيت الإجراءات القانونية المُجرّمة لازدراء الأديان سنة 2005 إلا أن نتائج استطلاع رأي تمّ في شهر يناير الماضي أشارت إلى أن 41 بالمائة من المسلمين يعتقدون بأنّ ازدراء الأديان ينبغي أن تتم معاقبته و7بالمائة يطالبون بعقوبة الاعدام في حق المزدرين.

في فرنسا، لا يمر أسبوع إلا دون أن تنظر محكمة من المحاكم في قضية متعلقة بموضوع الإسلاموفوبيا، سيف ديموقليدس المعلق فوق رؤوس كل من ينتفض ضد الفكر الإخواني.  وتكثر  القضايا المماثلة  في إيطاليا وإسبانيا  وغيرهما  ويبقى سؤال واحد: هل بدأ الغرب يعود شيئا فشيئا إلى عهد محاكم التفتيش؟ هل يعيش ردّة عقلانية؟ هل يعيده الإخوان والسلفيون وبعض الأوروبيين من اليساريين والخضر إلى العصور الوسطى؟

المصدر: https://www.alawan.org/2018/11/19/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF-...

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك