مسلمون ومسيحيون في العالم
مسلمون ومسيحيون في العالم
بقلم: المطران جورج خضر
ايّ تلاقٍ حقيقي صادق بيننا على مستوى العالم يفترض ان نستقل جميعا عن انصهارنا في اية كتلة دولية. هذا وحده يضمن لنا السلام بمعناه السياسي فلا احتراب بعد اليوم بسبب من تحررنا من كابوس التاريخ الذي فصلنا وبانسلاخنا عن العوامل السياسية الحاضرة التي يبغي اصحابها انقسامنا.
قد ينقصنا هنا ان نذكر ان علماءنا عاشوا فترة في بغداد يتساجلون لاهوتيا في البلاط العباسي بدعوة من الخليفة بروح سلام وعلم وتهذيب وكان الفكر يعطى للفكر.
كل دارس للأديان يعرف ان بينها قربى وبينها مباينات غير قابلة للتذليل في معظم الأحوال ولكن الفارق ممكن فناؤه او تجاوزه في احوال وهذا يتطلّب دراسات مقارنة في الأديان ما يساعد على الرؤية السليمة لها.
الا ان المقاربة التي أعرضها هي ان المسيحيين والمسلمين في بلدان عديدة عاشوا ليس فقط في وئام ولكن بتعاون. الموقف الأمثل على ذلك فترة اولى في الحكم الأموي حيث كانوا هم الموظفين الكبار في دولة الإسلام لعلمهم بشؤون المال والإدارة والبحرية وكانوا عارفين بالإسلام وممارسين عباداتهم ويكتبون لاهوتا مسيحيا بالعربية اي ليس موجها حصرا الى الرعية. والصورة عن الأندلس خلال ثمانمئة سنة من التعايش في ظل الحكم العربي ان التفاهم الاجتماعي وكثيرا من تلاقي العلماء كان الوضع السائد.
الخلاصة من هذا الكلام ان التعاقد الاجتماعي بين اهل الديانتين مبدئيا ممكن اذا تيقنّا ان وحدة الدين ليست شرطا بالضرورة للوحدة الاجتماعية وذلك في ظل حكم مدني عصري في كل بلد. بإيضاح أعظم حدة الانصهار في الاجتماع وبناء دولة واحدة امران ممكنان من خلال الإدارة الطيبة للعيش المشترك. ان امورا اساسية كبرى في كل الحقول لا تحتاج الى وحدة العقيدة الدينية. يكفينا الاحترام المتبادل في صدق.
غير ان هذا كله يتطلّب جهدا كبيرا موصولا يذهب بنا الى حد النسك. في اللغة المسيحية هذا يقال له المحبة وفي لغة الإسلام هذا رحمة او تراحم او مودة.
من اين تأتي الناس هذه الفضائل؟ نحن نرى أنها تنزل عليهم إذا عرفوا العشق الإلهي او ما يقاربه. لا صليبية، لا فتح، لا استعمار، لا نصر من الله. بلا كل هذه لله حق ان يسود بكرمه الدائم لنكون، مسلمين ومسيحيين، كأمة واحدة.
نقلاً عن "النهار" (بتصرّف)
المصدر: http://www.terezia.org/section.php?id=2763