ضوابط الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي

ضوابط الحوار مع الآخر
في الفكر الإسلامي

إعـداد
الدكتور/ مفرح بن سليمان بن عبد الله القوسي
أستاذ الثقافة الإسلامية المشارك
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

بسم الله الرحمن الرحيم
المقــدمــة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يمثل الحوار قاعدة أساسية ومنهجية من قواعد الدعوة الإسلامية التي يعود تاريخها إلى اللحظة الأولى لانطلاق رسالة الإسلام. وقد تم بناء هذه القاعدة وتأصيلها بدءاً بقوله تعالى:        ( )، ومروراً بقوله سبحانه:              ( )، وانتهاء بقوله سبحانه:  •       ( ).
وقد سجل القرآن الكريم وسجلت السنة النبوية نماذج للحوار بمختلف مستوياته وأساليبه ليعلم الناس جميعاً بأن هذا الدين إنما تبنى دعوته على الاقتناع والبينة والحجة العقلية، ولا مجال فيه أبداً للقسر والإكراه. يقول تعالى:        ••    ( ).
وإذا كان الحوار ضرورياً في مرحلة الدعوة المكية والمدنية وما تلاهما، فهو اليوم أشد ضرورة وأكثر أهمية في ظل معطيات حضارية عديدة، منها:
1- ثورة الاتصالات الحديثة وتقنية المعلومات التي تُبث عبر أجواء مشحونة بالتوتر وافتعال الصراع ونشر ثقافة القوة.
2- ظهور الإيديولوجيات الفكرية العقدية، ومحاولة توظيفها لخدمة أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية.
3- انتشار فكرة العالمية، وإحساس الدول بارتباط مصيرها بالأجزاء الأخرى من العالم، وارتباط الأفراد والمجتمعات في هذه الدول بمصالح مشتركة.
فالمسلمون تحت طائلة المسؤولية الدنيوية والأخروية مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بإحياء ثقافة الحوار ونشر ثقافة الإسلام ومبادئه، تلك الثقافة التي تمثل قوة في المبادئ والقيم والفكر الأصيل، لتكون قوة الثقافة في مواجهة ثقافة القوة المهيمنة على الحضارة المعاصرة.
والواجب الحضاري المتحدث عنه إنما يمثل واجب الوقت، الذي يستلزم الالتزام بالشروط والقيام بالأركان وإزالة الموانع، ليتم الحكم على الفعل الحضاري بالصحة والإجزاء والفاعلية.
ومن هنا وقياماً ببعض الواجب رغبت في المشاركة بهذا البحث في مؤتمر (الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي) الذي تنظمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة خلال الفترة من 28 – 30/3/1428هـ الموافق من 16-18/4/2007م، وذلك للإسهام المتواضع في تسليط الضوء على ضوابط الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي بما يتلاءم والتقدم الحضاري والثقافي الذي يعيشه عالمنا المعاصر.
خطة البحث:
يتكون البحث من: مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة.
أما المقدمة: فتشتمل على بيان أهمية موضوع البحث، وخطته، ومنهجه.
وأما التمهيد: فيشتمل على التعريف بمصطلحات البحث الأساسية.
وأما الفصل الأول: فهو في قواعد الحوار وأصوله في الفكر الإسلامي.
وأما الفصل الثاني: فهو في قيم الحوار وآدابه في الفكر الإسلامي.
وأما الخاتمة: ففيها رصد لأبرز نتائج البحث وتوصياته.
منهج البحث:
اقتضت طبيعة البحث اتباع المنهج التأصيلي في إعداده، وذلك بإقامة دراسة مسائل البحث على ما ورد بشأنها من نصوص شرعية في الكتاب والسنة، وعلى فهم علماء الإسلام ومفكريه لهذه النصوص وتطبيقاتهم لها.
مع العناية بما يلي:
1- الرجوع إلى المصادر الأصلية لموضوع البحث.
2- اعتماد أسلوب السهولة واليسر في طرح أفكار البحث وعرضها ومعالجة مسائله، واجتناب الإسهاب والإطالة وغموض العبارة.
3- التزام الأمانة العلمية في العزو والاقتباس والنقل.
4- ترقيم الآيات القرآنية وبيان سورها.
5- تخريج الأحاديث النبوية وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها، إذا لم تكن في الصحيحين أو أحدهما، فإن كان كذلك اكتفيت حينئذ بتخريجهما.
6- العناية بقواعد اللغة العربية والإملاء وعلامات الترقيم.
7- تزويد البحث بفهرس للمصادر والمراجع.
وبعد: هذا ما تيسر لي إعداده في هذا البحث بحسب ما أتيح لي فيه من زمن ومساحة للكتابة، وأسأل الله عز وجل أن أكون وفقت فيه للحق والصواب والسداد.

التمهيــد
التعريف بمصطلحات البحث الأساسية
لدينا في البحث بموجب عنوانه أربع مصطلحات أساسية هي: الضوابط، والحوار، والآخر، والفكر الإسلامي. أتناولها بالتوضيح والبيان على النحو التالي:
1- الضوابط:
الضوابط جمع ضابط، وهو اسم فاعل من الضبط، والضَّبْطُ في اللغة: لزوم الشيء وحبسه. وضَبْطُ الشيء: حفظه بالحزم والإحكام والإتقان حفظاً بليغاً، ومنه قيل: ضبطتَ البلاد إذا قمت بأمرها قياماً ليس فيه نقص. وضبطتَ الكتاب إذا صححت أخطاءه وأصلحت خلله. ورجل ضابطٌ: أي قوي حازم. والضابطُ: القوي على عمله. والأضبط: الذي يعمل بكلتا يديه( ).
ويُعرف العلماء الضابط في الاصطلاح بأنه: حكم كلي ينطبق على جزئياته( ).
والمراد بالضوابط هنا: الأحكام الكلية والأسس والمبادئ العامة المنظمة للحوار في الفكر المنبثق من الإسلام.
2- الحــوار:
ترد كلمة (حَوَرَ) ومشتقاتها في اللغة بمعان عدة، فقد جاء أن الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، يقال: حارَ إلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحاراً رجع عنه وإليه، ومنه قوله تعالى:         ( )، أي: لن يرجع مبعوثاً يوم القيامة.
وكل شيء تغير من حال إلى حال فقد حارَ يحُور حَوْراً، قال لبيد:
وما المرءُ إلا كالشهابِ وضَوْئهِ
يَحُورُ رماداً بعد إذْ هو ساطِعُ

والمحاورةُ: المجاوبة. والتَّحاورُ: التجاوب، تقول: كلَّمتهُ فما أَحار إليَّ جواباً وما رجع إليَّ حوِيراً ولا حَويرةً، أي: ما ردَّ جواباً.
واستحاره أي استنطقه، وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام. والمُحَاورةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة( ).
ونستنتج مما تقدم أن كلمة (الحوار) تدور في استخداماتها في اللغة العربية حول المعاني التالية:
1- الرجوع إلى الشيء وعن الشيء.
2- التحول من حال إلى حال.
3- الإجابة والرد.
4- الاستنطاق ومراجعة الحديث.
وهذه المعاني المتعددة متحققة في الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي موضوع بحثنا هنا، فالمتحاوران قد يرجع أحدهما إلى رأي الآخر أو قوله أو فكره رغبة في الوصول إلى الصواب والحقيقة. والمحاور يتنقل في حواره من حالة إلى أخرى، فمرة يكون مستفسراً، وأخرى يكون مبرهناً، وثالثة يكون مفنداً، وهكذا. كما أن المتحاورين يهتم كل واحد منهما بالإجابة عن أسئلة صاحبه، ويقدم مجموعة من الردود على أدلته وبراهينه. كما أن كل واحد منهما يستنطق صاحبه ويراجع الحديث معه لغرض الوصول إلى أهدافه ومراميه( ).
ويُراد بالحوار في الاصطلاح: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين لمعالجة قضية من قضايا الفكر والعلم والمعرفة بأسلوب متكافئ يغلب عليه طابع الهدوء والبعد عن الخصومة.
ومن المصطلحات المقاربة في معناها لمعنى الحوار: مصطلح (المناظرة)، وهو: " تردد الكلام بين شخصين يَقصد فيه كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه مع رغبة كل منهما في ظهور الحق"( ). وكذا مصطلح (الجدل)، وهو:
" المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة لإلزام الخصم"( )، ومنه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، كما سيأتي بيانه إن شاء الله. إلا أن الجدل رغم اشتراكه مع الحوار في كونه مراجعة للكلام وتداول له بين طرفين، فإنه يفترق عنه في كون هذا التداول وتلك المراجعة تأخذ طابع القوة والغلبة والخصومة في الجدل، بينما تأخذ طابع الهدوء والبعد عن الخصومة في الحوار. يقول أبو البقاء الكفوي:
" الجدل عبارة عن دفع المرء خصمه عن فساد قوله بحجة أو شبهة، وهو لا يكون إلا بمنازعة غيره"( ).
3- الآخر:
المراد بالآخر هنا: الغير، وهو كل ما سوى النفس أو الذات، سواءً كان هذا الغير مسلماً أو غير مسلم، كتابياً أو غير كتابي.
4- الفكر الإسلامي:
مصطلح الفكر الإسلامي من المصطلحات الحديثة في الدراسات الإسلامية، والمراد به هنا: المحاولات العقلية والجهود العلمية التي بذلها المسلمون منذ انتقال النبي  إلى الرفيق الأعلى لفهم الإسلام وعرضه، ومواجهة المشكلات الواقعية في ضوء أصوله ومبادئه( ).
وهو بعبارة أخرى: كل ما أنتجه المسلمون وفق منهج الإسلام من فكر بشري في المعارف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان منذ عصر الصحابة رضي الله عنهم وإلى عصرنا الحاضر( ).

ضوابط الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي
توطئة:
أشرنا فيما سبق – في المقدمة – إلى أهمية الحوار في الإسلام ومدى ضرورته والحاجة إليه في واقعنا الفكري الإسلامي المعاصر.
ولعل مما يؤكد هذه الأهمية أن الإسلام جعل لهذا الحوار ضوابط دقيقة ينبغي على أطراف الحوار التقيد بها لكي يؤتي هذا الحوار ثماره النافعة وفوائده المرجوة.
وباستجلاء هذه الضوابط من الفكر المنبثق من الإسلام؛ يتضح أنها تتمثل
– بوجه عام – في أمرين رئيسين:
أحدهما: الانطلاق من قواعد الحوار وأصوله في الفكر الإٍسلامي.
الثاني: الالتزام بقيم هذا الحوار وآدابه.
وسأتناول – بإيجاز – كلاً من هذه القواعد والآداب في فصلين مستقلين، وذلك على النحو التالي:

الفصل الأول
قواعد الحوار وأصوله في الفكر الإسلامي

للحوار في الفكر الإسلامي قواعد وأصول وأسس لابد لأطراف الحوار على اختلاف أنواعه من الانطلاق منها والاعتماد عليها. ولعل من أبرز هذه القواعد والأصول مما يناسب مقامنا هذا ما يلي:
أولاً: إخلاص النية لله تعالى:
وحقيقة الإخلاص ألا يبتغي المحاور من حواره مع الآخر إلا وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وطلب حسن مثوبته، وبيان الحق والذب عنه، ودلالة الناس إلى الهدى وتثبيتهم عليه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا بد من حسن النية، فلو تكلم بحق لقصد العلو في الأرض أو الفساد كان بمنزلة الذي يقاتل حمية ورياء. وإن تكلم لأجل الله تعالى مخلصاً له الدين كان من المجاهدين في سبيل الله ومن ورثة الأنبياء خلفاء الرسل"( ).
وإن مما يقدح في الإخلاص وينافيه: الرياء والسمعة وطلب الشهرة والتعصب للرأي، والرغبة في العلو والانتصار.
وقد ضرب الأنبياء والرسل عليهم السلام أروع الأمثلة في إخلاص دعوتهم لله في حوارهم مع أقوامهم، فهذا نوح مثلاً يقول:              ( )، وهذا هود يقول:      •             ( )، وهذا صالح يقول:               ( ). وهذا شعيب يقول:                  ( ).

ثانياً: العلم:
يعد العلم من القواعد والمقومات الأساسية للحوار، ومن أهم أسباب نجاحه. وبدونه يصبح الحوار هدراً للوقت وضياعاً للجهد. والعلم المقصود هو العلم بموضوع الحوار ومسائله، والقدرة على النظر والموازنة والاستنباط والاستدلال والترجيح بين الأدلة المختلفة.
ولا يجوز الخوض في الحوار قبل استكمال أدواته العلمية والعقلية، وذلك لأن العلم هو الوسيلة الصحيحة للتفكير السليم؛ ومن ثم الوصول إلى الحق. ولذا ذم الله سبحانه الذين يجادلون في الله بغير علم، فقال جل وعلا:   ••             ( )، كما أنكر سبحانه على أهل الكتاب محاجتهم بدون علم، حيث يقول:                        ( )، يقول القرطبي: " في الآية دليل على المنع من الجدال لمن لا علم له"( ).
فلا يصلح أي إنسان للحوار حتى وإن كان صاحب حق، فإنه ربما حاور بهدف نصر الحق فيخذل الحق؛ لضعف علمه وبصيرته، وربما حاور بجهل فيقتنع بالباطل الذي مع خصمه، وربما احتج بحجج باطلة، مثلما يحدث في بعض المناظرات والمحاورات التي تعقد في الآونة الأخيرة، فلا يقتنع الناس بالحق الذي معه.
ومن هذا الباب جاء نهي السلف الصالح عن مناظرة المبتدعة؛ لئلا يناظرهم من ليس قادراً على إفحامهم وإظهار الحجة عليهم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيُخاف عليه أن يفسده ذلك المُضل، كما يُنهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل عِلجاً قوياً من علوج الكفار، فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعة"( ).
فمن الخطأ بمكان أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق أو لا يجيد الدفاع عن الحق. كما أن الجاهل بالشيء ليس كفؤاً للعالم به. ومن لا يعلم لا يجوز أن يناظر من يعلم، وقد قرر هذه الحقيقة إبراهيم عليه السلام في محاجته لأبيه، حين قال           •     ( ). ومن غير المقبول أن يقوم غير مختص ليعترض على مختص فيخطئه ويُغلِّطه، والواجب على من لا يعلم أن يسأل ويتفهم، لا أن يعترض ويجادل بغير علم.
ثالثاً: الاعتراف بالآخر واحترامه:
إن المنطلق الصحيح في إجراء أي حوار مع الغير هو الاعتراف بهذا الغير واحترامه وقبوله كما هو؛ ومن ثم قبول الاختلاف معه.
فهذا الاختلاف في منظور الإسلام إنما هو من آيات الله سبحانه الدالة على مشيئته وقدرته وحكمته، حيث يقول تعالى:           •       ( )، ويقول كذلك:
           •        ( )، ويصل أمر هذا الاختلاف إلى الاختلاف في الدين على نحو ما يبينه قوله تعالى:        ( ).
إلا أن هذا الاختلاف ينبغي أن لا يُنسي المختلفين أنهم من نفس واحدة هي آدم عليه السلام، يقول تعالى:   ••        ( )، ويقول النبي : " إنما أنتم ولد آدم"( ). كما ينبغي أن لا ينسيهم أن الله كرم الإنسان من حيث هو إنسان، يقول تعالى:       ( )، وأن لا ينسيهم ما هم مطالبون به من تعارف وتعاون على الخير، يقول عز وجل:            ( )، ويقول سبحانه:   ••           •      ( ).
ولكي يتحقق هذا التعاون والتعارف ورد الحث في القرآن الكريم على الاعتراف بالآخر واحترامه، يقول عز وجل:  •                            ( )، ويقول عن أهل الكتاب:                     •       • •  ( )، ويقول أيضاً:  •  ••          ••         •                          •      ( ).
واحترام الطرف الآخر في الحوار يعني كذلك عدم السخرية منه والاستهزاء به والطعن فيه. يقول تعالى:                               ( )، ويقول سبحانه:            ( )، وهو موقف ينبغي التزامه حتى مع المخالف في الدين، امتثالاً لقوله عز وجل:
              ( )( ).
رابعاً: التجرد لطلب الحق:
التجرد لطلب الحق منطلق أساس من منطلقات الحوار في الفكر الإسلامي، ويقصد به استهداف الحق والسعي الجاد إلى الوصول إلى الحقيقة بوصفها ضالة المؤمن، كما جاء في الحديث النبوي: " الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"( ). ويقتضي ذلك من المحاور اجتناب التعصب لوجهة نظر مسبقة والتمسك بفكرة أو قناعة يرفض نقضها أو مخالفتها، فإن هذا التعصب يتنافى كلية مع طبيعة الحوار السليم التي تعني الانفتاح على الآخر وتبادل الأفكار وتداول الطروحات معه.
إن طبيعة الحوار المنشود تقتضي من طرفي الحوار الاستعداد التام للكشف عن الحقيقة والأخذ بها تبنياً وتطبيقاً عند ظهورها، ولقد أرشدنا القرآن الكريم إلى الأخذ بهذا المبدأ عندما وجه الله سبحانه رسوله  بأن يقول للمشركين في محاورته لهم            ( )، وفي هذا غاية الابتعاد عن التعصب لفكرة سابقة، وكمال الرغبة في البحث عن الحقيقة أنى كانت ومن أين صدرت( ).
وينبغي أن يكون المحاور في طلب الحق – كما يقول أبو حامد الغزالي-:
" كناشد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معيناً لا خصماً، ويشكره إذا عرَّفه الخطأ أو أظهر له الحق"( ).
وقد تمثَّل ذلك الإمام الشافعي رحمه الله في مناظراته، حيث نراه يقول: " ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ"( )، ويقول أيضاً: " ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، وما كلمت أحداً قط إلا ولم أبال بيَّن الله الحق على لساني أو لسانه"( ). ويعلق الحافظ ابن رجب الحنبلي على كلام الإمام الشافعي هذا بقوله:
" وهذا يدل على أنه لم يكن له قصد إلا في ظهور الحق ولو كان على لسان غيره ممن يناظره أو يخالفه، ومن كانت هذه حاله فإنه لا يكره أن يُردَّ عليه قوله"( ).
خامساً: تحديد موضوع الحوار وهدفه:
موضوع الحوار هو جوهر عملية الحوار ولبها، لذا لابد من الاتفاق من قِبل الأطراف المتحاورة على موضوع محدد أو قضية محددة يدور حولها الحوار والنقاش، فإن ذلك يُعدُّ عاملاً مهماً من عوامل إنجاح هذا الحوار وجني ثمراته الطيبة.
وافتقاد هذا التحديد يؤدي إلى بعثرة الأفكار المطروحة وضبابيتها وعدم وضوحها، ويُحول الحوار إلى لجاج وجدل عقيم لا يجدي نفعاً ولا يحقق كسباً.
" وقد يختلف المتحاوران في مسائل عديدة وليس على مسألة واحدة، ثم يحدث الحوار بين الطرفين في مسائل الخلاف مجتمعة في آن واحد، فينتقل الحوار من مسألة إلى أخرى بدون أن يُتفق على المسألة الأولى، فيتشعب الحوار ويطول في أمور فرعية بعيدة عن موضوع المحاورة، فيكون عائماً لا زمام له، ولا شك أن الاستمرار بهذه الطريقة يعتبر تبديداً للجهود وإضاعة للوقت، خاصة وأن بعض المتحاورين يلجأ إلى الهروب والمراوغة، فإذا وجد أن الطرف الآخر أظهر عليه الحجة فرَّ إلى جزئية أخرى وتشبث بها، أو تعلق بمسائل جانبية طرحها الطرف الآخر بعيدة عن مجال الخلاف أو بمسائل ذات أثر محدود في القضية المتحاور عليها.
والمنهج العلمي في الحوار يقتضي تحديد نقاط الاختلاف بين المتحاورين بدقة، ثم تُرتب في سلم المحاورة الواحدة بعد الأخرى، يُبدأ بالأهم فالمهم، فينتقل الحوار من الأصول إلى الفروع، ومن الكليات إلى الجزئيات بتناسق علمي مطرد، فليس من الصواب أن تُناقش الفروع قبل الاتفاق على الأصول"( ).
يقول الربيع بن سليمان المرادي صاحب الإمام الشافعي رحمهما الله: " كان الشافعي إذا ناظره إنسان في مسألة فغدا إلى غيرها يقول: نفرغ من هذه المسألة ثم نصير إلى ما تريد"( ).
سادساً: الاتفاق على أصول مرجعية للحوار:
من المؤكد أنه لا يستقيم أي حوار بين طرفين لا يستند إلى مرجعية واحدة معتمدة يكفل الاستناد إلى مسلماتها حسم الخلافات وضبط الحوار وتوجيهه الوجهة الصحيحة.
وإذا كانت أطراف الحوار تنتمي إلى الإسلام فينبغي اتخاذ النص الشرعي أصلاً مرجعياً معتمداً للحوار بين هذه الأطراف استجابة لأمر الله تعالى في قوله:
         ( )، وقوله سبحانه:          ( ) فالرد إلى الكتاب والسنة النبوية الصحيحة هو الذي يدرأ النزاع ويقطع دابر الخصومة، فبهما يُعرف مراد الله ومراد رسوله . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه"( ).
ويقول الإمام الشاطبي: " إن الخصمين إما أن يتفقا على أصل يرجعان إليه أم لا، فإن لم يتفقا على شيء لم يقع بمناظرتهما فائدة بحال، وإذا كانت الدعوى لابد لها من دليل، وكان الدليل عند الخصم متنازعاً فيه، فليس عنده بدليل، فصار الإتيان به عبثاً لا يفيد فائدة ولا يحصل مقصوداً. ومقصود المناظرة: رد الخصم إلى الصواب بطريق يعرفه، لأن رده بغير ما يعرفه من باب تكليف ما لا يطاق، فلابد من رجوعهما إلى دليل يعرفه الخصم السائل معرفة الخصم المستدل. وعلى ذلك دل قوله تعالى:           ( )، لأن الكتاب والسنة لا خلاف فيهما عند أهل الإسلام، وهما الدليل والأصل المرجوع إليه في مسائل التنازع"( ).
وأما إذا كان أحد طرفي الحوار من غير المسلمين، فينبغي الاتفاق على مرجعية معتمدة ومعترف بها من قِبل الطرفين، كالقواعد الدينية السماوية العامة، والأسس الحضارية المشتركة، والقيم والمثل الإنسانية العليا، وقواعد العقل البشري السليم، والثوابت والمُسلَّمات، ونحو ذلك من المرجعيات الكبرى المعتمدة لدى مختلف الأديان والفئات والأجناس البشرية التي يُعرف بها الحق من الباطل والراجح من المرجوح والفاضل من المفضول. وما لم تتوفر هذه الأصول المرجعية فإن الحوار سيسير في دائرة مغلقة تطول ولا تصل إلى نهاية.
سابعاً: الانطلاق في الحوار من نقاط الاتفاق:
ينبغي ألا يبدأ الحوار بنقاط أو جزئيات مختلف فيها بين الطرفين، بل بنقاط متفق عليها أو قواعد مسلمة أو بدهية، ثم يُتدرج منها إلى ما يشبهها أو يقاربها، ثم منها إلى مواضع الخلاف، فإن ذلك أدعى إلى تقريب الشُـقة، وأحرى إلى تحقيق الوفاق والتوصل إلى نتائج سليمة يرتضيها الطرفان.
وهذا هو منهج القرآن الكريم، فلقد حاول بشتى الوسائل الانطلاق في حواره مع الآخر من أرضية مشتركة يتفقان عليها. ومن ذلك على سبيل المثال: قوله تعالى:                                   ( ). يقول الشيخ محمد عبده في تفسيره لهذه الآية: " المعنى أننا نحن وإياكم على اعتقاد أن العالم من صنع إله واحد، والتصرف فيه لإله واحد، وهو خالقه ومدبره، وهو الذي يُعِّرفنا على ألسنة أنبيائه ما يرضيه من العمل وما لا يرضيه، فتعالوا بنا نتفق على إقامة هذه الأصول المتفق عليها ورفض الشبهات التي تعرض لها، حتى إذا سلمنا أن فيما جاءكم من نبأ المسيح شيئاً فيه لفظ ابن الله خرجناه جميعاً على وجه لا ينقض الأصل الثابت العام الذي اتفق عليه الأنبياء، فإن سلمنا أن المسيح قال إنه ابن الله، قلنا هل فسر هذا القول بأنه إله يعبد؟، وهل دعا إلى عبادته وعبادة أمه؟، أم كان يدعو إلى عبادة الله وحده؟، لا شك أنكم متفقون معنا على أنه كان يدعو إلى عبادة الله وحده والإخلاص له بالتصريح الذي لا يقبل التأويل"( ).

ثامناً: عدم التناقض:
والمقصود به سلامة دعوى المحاور ودليله من التعارض، وألا يكون بعض كلامه ينقض البعض الآخر، فإن كان كذلك كان كلامه ساقطاً بداهة وفكرته لاغية، ذلك أن التناقض في الأفكار والتباين في طرحها يجعل تلك الأفكار متهافتة لا يُلتفت إليها، وبعيدة عن منطق الحق والموضوعية العلمية.
ومن أمثلة التناقض في الدعوى: ما حكاه القرآن الكريم على لسان كفار قريش في قولهم عن الآيات التي جاء بها النبي محمد  بأنها سحر مستمر، وذلك في قوله تعالى:          ( )، ففي قولهم هذا تعارض وتناقض واضح لا يستحق رداً ولا يحتاج مناقشة، فهو ساقط علمياً، لأن من شأن الأمور المستمرة أن لا تكون سحراً، أما أن يكون الشيء سحراً ومستمراً معاً في وقت واحد فذلك جمع بين متضادين لا يجتمعان. ومثل ذلك أيضاً وصف فرعون لموسى عليه السلام لما جاء بالحجج الدامغة والآيات الباهرة     ( )، وهو وصف يتضمن أمرين متناقضين لا يجتمعان؛ هما السحر والجنون، لأن الشأن في الساحر العقل والذكاء والفطنة، أما المجنون فلا عقل معه البتة، وهذا من فرعون تهافت وتناقض بيِّن( ).
تاسعاً: سلوك الطرق العلمية والتزامها:
ومن هذه الطرق:
1- تقديم الأدلة المثبتة أو المرجحة للدعوى.
2- صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة.
وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة: (إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدعياً فالدليل). وجاء في التنزيل قوله تعالى:        ( )، وقوله:         •    ( )( ).

الفصل الثاني
قيم الحوار وآدابه في الفكر الإسلامي

للحوار في الفكر الإسلامي قيم وآداب عديدة لابد من الالتزام بها، امتثالاً للأوامر الإلهية الواردة بشأنها في النصوص الشرعية، ولأن هذا الالتزام يُعد وسيلة هامة في طمأنة المحاور وتسليمه واقتناعه، وضمان لمواصلته الحوار ومضيه فيه لتحقيق الأهداف المنشودة منه.
ولعل من أبرز هذه القيم والآداب مما يناسب مقامنا هذا ما يلي:
أولاً: الرفق واللين:
إن من أهم ما ينبغي أن يتوجه إليه المحاور في حواره الالتزام بالرفق واللين، وما يرتبط به من سلوك حميد كالصبر والحلم والتودد والنصح والقول الحسن السديد. يقول تعالى:          ( )، يقول الشوكاني: " أي إلا بالخصلة التي هي أحسن، وذلك على سبيل الدعاء لهم إلى الله عز وجل، والتنبيه لهم على حججه وبراهينه رجاء إجابتهم إلى الإسلام، لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة"( ). ويقول تعالى:              ( )، يقول ابن كثير: " أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب"( ).
بل إن الإسلام يدعو المسلمين جميعاً إلى أن يكون هذا منهجهم في حياتهم وفي حديثهم كله مع الآخرين، حيث يقول سبحانه:        ( )، ويقول أيضاً:   ••  ( )، ويقول كذلك                     ( ). ويقول النبي : " إن الله يحب الرفق في الأمر كله"( )، ويقول أيضاً:
" إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه"( ).
وللتأكيد على ضرورة اعتماد أسلوب الرفق واللين في الحوار بعيداً عن الغلظة والعنف ألح القرآن الكريم على هذا الأسلوب في مواقف كثيرة، منها: أنه حين أمر الله سبحانه موسى عليه السلام أن يذهب هو وأخوه لمحاورة فرعون دعاهما إلى أن يتوسلا معه بهذا الأسلوب رغم طغيانه وسطوته. يقول تعالى:
                         ( )، يقول ابن سعدي: " فقولا قولاً ليناً: أي سهلاً لطيفاً برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف ولا غلظة في المقال"( ).
ولقد سلك أنبياء الله ورسله هذا الأسلوب في حوارهم مع أقوامهم، ومن ذلك على سبيل المثال: حوار إبراهيم عليه السلام مع أبيه المذكور في قوله تعالى:
                                    •          •                            •                                 ( )، فقد تلطف الخليل في حواره مع أبيه، حيث كرر مناداته لوالده بقوله (يا أبتِ) أربع مرات تذكيراً له بتلك الرابطة القوية بينهما وترقيقاً لقلبه، وصبر على عنف أبيه الذي هدده بالرجم والهجر، وقابل هذا التهديد بتوديع أبيه بسلام مقرون باستغفار له. ولذا وصفه الحق سبحانه بقوله الكريم:  •  •  ( ). كما أثنى عز وجل على نبينا محمد  لمِا كان عليه من لين وعفو وابتعاد عن الغلظة والفظاظة، ولمِا لهذا السلوك الفاضل من أثر حسن في التفاف الناس حوله، حيث يقول تعالى:                 ( ).
ثانياً: عفة اللسان:
ذلك أنه يجب على المحاور الامتناع عن الإيذاء والسخرية والاستهزاء، واجتناب البذاءة والفحش في القول، لقوله تعالى:       ( )، وقوله:     ( )، وقوله أيضاً:     ( )، ولقوله : " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"( ).
كما يجب عليه اجتناب أسلوب التحدي والتعسف في الحديث وإيقاع الخصم في الحرج، حتى ولو كانت الحجة بينة والدليل دامغاً، فإن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف، وقد يُفحم المحاور خصمه ولكنه بأسلوب التحدي لا يُقنعه، وقد يُسكته بحجة قوية ولكنه لا يكسب تسليمه وإذعانه للحق. والحرص على كسب القلوب واستلال السخائم أهم وأولى عند المنصف العاقل من استكثار الأعداء واستكفاء الإناء( ).
وينبغي التأكيد على الاحترام المتبادل بين طرفي الحوار، وإعطاء كل ذي حق حقه، والاعتراف بمنزلته ومقامه، فيخاطب بالعبارات اللائقة والألقاب المستحقة والأساليب المهذبة، فنحن مأمورون بإنزال الناس منازلهم. وتبادل الاحترام إنما يقود إلى قبول الحق والبعد عن الهوى والانتصار للنفس.
وهذا التقدير والاحترام المطلوب لا ينافي النصح وتصحيح الأخطاء بأساليبه الرفيعة وطرقه الوقورة، فالمطلوب هو التقدير والاحترام لا المَلَق الرخيص والنفاق المرذول والمدح الكاذب والإقرار على الباطل.
ومما يتعلق بهذه الخصلة الأدبية أن يتوجه النظر وينصرف الفكر إلى القضية المطروحة ليتم تناولها بالبحث والتحليل والإثبات والنقض بعيداً عن صاحبها أو قائلها، لكي لا يتحول الحوار إلى مبارزة كلامية؛ طابعها الطعن والتجريح والعدول عن مناقشة القضايا والأفكار إلى مناقشة ذوات الأشخاص وتصرفاتهم ومؤهلاتهم العلمية وسيرهم الذاتية( ).
والمتتبع للحوارات التي يزخر بها تراثنا الإسلامي يدرك ذلك الأدب الرائع بين المتحاورين في أدق قضايا الإسلام وأحكامه، ويطلع على النماذج المشرقة التي حواها ذلك التراث الفكري المعرفي. ومن هذه النماذج الحوارية الفاضلة: ذلك الحوار الرائع الذي جرى بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعدد من صحابة رسول الله  حول توزيع الأراضي على المقاتلين( ). وذلك الحوار المكتوب الذي تم تبادله بين عالمين جليلين من علماء الأمة هما: إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وإمام مصر وعالمها الكبير الليث بن سعد رحمهما الله حول العديد من المسائل والأحكام الفقهية( ).
ثالثاً: الهدوء والسكينة:
ومن الآداب الهامة التي ينبغي أن يتحلى بها المحاور المحافظة على الهدوء والروية، والسيطرة على الانفعالات، واجتناب الغضب ومسبباته، فذلك يُعد من الأمور الضرورية لتوفير مناخ صحي للحوار والمناظرة. ومجالس الحوار مجالس علم، فيجب أن ترعى لها حقوقها وتحفظ لها هيبتها، يقول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: " إن مجالس العلم تُحتضن بالخشوع والسكينة والوقار"( ).
والغضب من الخصال الذميمة التي نهى عنها الإسلام، فقد جاء رجل إلى النبي  وقال: أوصني، قال: لا تغضب، فردد مراراً، قال: لا تغضب( ). وبيَّن  أنه: " ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"( ).
كما أن التشنج والانفعال والغضب ليس هو الأسلوب الأمثل لبيان الحق ونصرته، لأنه يؤدي إلى اختلال الفكر وعدم سداده، وحينئذ لا مطمع للفهم، فيفوت الغرض من المحاورة( )، ولأن الغضب كما يقول ابن القيم: " نوع من الغَلْق والإغلاق الذي يغلق على صاحبه باب حسن التصور والقصد"( )، ولذا فهو في نظره رحمه الله: "عدو للعقل، وهو للإنسان كالذئب للشاة قلما يتمكن منه إلا اغتال عقله"( ).
رابعاً: اجتناب رفع الصوت:
ومن لوازم الهدوء اجتناب رفع الصوت أكثر مما يحتاج إليه السامع. يقول تعالى:         •      ( ).
" فينبغي على المحاور ألا يرفع صوته أكثر من الحاجة، ففي ذلك إيذاء لنفسه ولمحاوره. ورفع الصوت لا يقوي حجة ولا يجلب دليلاً ولا يقيم برهاناً، بل إن صاحب الصوت العالي لم يعل صوته – في الغالب – إلا لضعف حجته وقلة بضاعته، فيستر عجزه بالصراخ ويواري ضعفه بالعويل. وهدوء الصوت عنوان العقل والاتزان والفكر المنظم والنقد الموضوعي والثقة الحسنة.
على أن المحاور قد يحتاج إلى التغيير من نبرات صوته حسب استدعاء المقام ونوع الأسلوب، لينسجم الصوت مع المقام والأسلوب استفهامياً أو تقريرياً أو إنكارياً أو تعجبياً، أو غير ذلك، مما يدفع السآمة والملل، ويُعين على إيصال الفكرة، ويجدد التنبيه لدى المشاركين والمتابعين"( ).
خامساً: حسن الاستماع والفهم:
ومن الآداب الرفيعة السامية والقيم الفاضلة التي ينبغي أن يتحلى بها المحاور: الحرص على حسن الاستماع للآخرين واللباقة في الإصغاء إليهم، فإن ذلك فن قَلَّ من يجيده من الناس في عصرنا الحاضر.
يقول أحد الحكماء في وصيته لابنه: " يا بني تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الحديث، وليعلم الناس أنك أحرص على أن تسمع منك على أن تقول"( ).
وحسن الاستماع يتضمن أموراً عديدة منها:
1- ألا يحصر المحاور همه في التفكير بما سيقوله في المناظرة، بل يُقبل بوجهه على محاوره وينظر إليه مباشرة، مظهراً حرصه على الوعي بما يقوله ويطرحه من آراء وأدلة وأفكار، حتى ولو كانت معلومة لديه، فهذا عطاء بن أبي رباح علاَّمة التابعين يقول: " إن الشاب ليتحدث بحديث فاسمع له كأني لم أسمعه، ولقد سمعته قبل أن يولد"( ).
يقول الخطيب البغدادي في معرض بيانه لآداب المناظرة: " وينبغي أن يكون كل واحد من الخصمين مقبلاً على صاحبه بوجهه في حال مناظرته، مستمعاً كلامه إلى أن ينهيه"( ). ويقول إمام الحرمين أبو المعالي الجويني:
" وعلى كل واحد منهما أن يُقبل على خصمه الذي يكلمه بوجهه في خطابه؛ المتكلم في كلامه والمستمع في استماعه"( ).
2- إشعار المحاور محاوره المتكلم بالاحترام والاهتمام، وعدم الانشغال عنه أثناء كلامه، كأن يطالع في كتاب بين يديه، أو يقلب أوراقه، أو يعبث بقلمه، ونحو ذلك.
3- إعطاء الطرف الآخر الفرصة كاملة للتعبير عن آرائه وعرض أدلته، وعدم مقاطعته ومنازعته الكلام والاقتحام عليه فيه حتى ينتهي تماماً منه. فإن كان هذا الكلام يحتوي على حق تم استخلاصه والاستفادة منه، وإن كان يحتوي على ما سوى ذلك رُد ونُقد بطريقة علمية موضوعية.
يقول الخطيب البغدادي: " وليتق المناظر مداخلة خصمه في كلامه وتقطيعه عليه، وإظهار التعجب منه، وليمكِّنه من إيراد حجته"( ). ويقول أبو المعالي الجويني: " وعليهما جميعاً أن يصبر كل واحد منهما لصاحبه في نوبته...، لأنهما متساويان في حق المناوبة، فمن لم يصبر منهما لصاحبه فقد قطع عليه حقه"( ).
ولا شك أن المتحاورين سيجنيان عند الالتزام بهذا الخلق الكريم فوائد عديدة، منها: إتاحة الفرصة لالتقاء الآراء وتلاحقها، وتحديد نقاط الخلاف، وإشعار كل واحد من الطرفين الآخر بالجدية والاهتمام والرغبة في تحصيل الفائدة والوصول إلى نتيجة جيدة من هذا الحوار، كما أنه يعين على هدوء الطرفين المتحاورين، ويتيح لهما حسن الفهم ووضوح الرؤية، والقدرة على استعراض الآراء والتصورات والحجج والبراهين، ومن ثم إتمام الحوار إلى نهايته.
ولا شك أيضاً أن حسن الفهم مطلب رئيس في الحوار. ولذا نجد ابن القيم يقول: " لما كان المقصود بالخطاب دلالة السامع وإفهامه مراد المتكلم من كلامه، وأن يبين له ما في نفسه من المعاني، وأن يدله على ذلك بأقرب الطرق، كان ذلك موقوفاً على أمرين:
1- بيان المتكلم.
2- تمكن السامع من الفهم.
فإن لم يحصل البيان من المتكلم، أو حصل ولم يتمكن السامع من الفهم لم يحصل مراد المتكلم، فإذا بيَّن المتكلم مراده بالألفاظ الدالة على مراده، ولم يعلم السامع معاني تلك الألفاظ لم يحصل له البيان، فلابد من تمكن السامع من الفهم وحصول الإفهام من المتكلم"( ).
سادساً: اجتناب المراء والجدل:
ينبغي على المحاور أن يجتنب في حواره المراء والجدل واللدد والخصومة، وذلك لورود النصوص الشرعية في ذم ذلك والحذر منه، ولما يترتب عليه من آثار سيئة على المتحاورين، منها: ذهاب نور العلم، وتقسية القلوب، وتوريث الأحقاد والضغائن في الصدور، وطبع الحوار بطابع التعنت والعناد في قبول الحق.
يقول النبي : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"( )، ويقول في الحث على ترك المراء حتى ولو كان الإنسان محقاً: " أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقاً"( ).
وقد ذم علماء السلف رحمهم الله المراء والجدل، يقول – على سبيل المثال- عبد العزيز الماجشون: " احذروا الجدل فإنه يقربكم إلى كل موبقة ولا يسلمكم إلى ثقة"( )، ويقول الإمام مالك بن أنس: " المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب العبد، ويقسي القلب، ويورث الضغن"( )، ويقول الإمام الشافعي: " المراء في العلم يُقسي القلب ويورث الضغائن"( ).
والجدل المذموم هو الجدل لأجل الخصومة والتمويه وتلبيس الحق بالباطل ودفع الحق ودحضه. أما الجدل الذي يراد به إحقاق الحق ونصره وإبطال الباطل وبيان فساده فهو جدل محمود مرضي. يقول الخطيب البغدادي: " الجدال المذموم وجهان؛ أحدهما: الجدال بغير علم، والثاني: الجدال بالشغب والتمويه؛ نصرة للباطل بعد ظهور الحق وبيانه، قال تعالى:      •      ( ). وأما جدال المحقين فمن النصيحة في الدين، ألا ترى إلى قوم نوح عليه السلام حيث قالوا       ( ) وجوابه لهم
               ( )، وعلى هذا جرت سنة رسول الله  "( )، ويقول أيضاً: " وثبت أن الجدال المحمود هو: طلب الحق ونصره وإظهار الباطل وبيان فساده، وأن الخصام بالباطل هو اللدد الذي قال عنه النبي : " أبغض الرجال إلى الله الألد الخَصِم"( ) "( ).
ويقول أبو المعالي الجويني: " من الجدال ما يكون محموداً مرضياً، ومنه ما يكون مذموماً محرماً. فالمذموم منه ما يكون لدفع الحق أو تحقيق العناد، أو ليُلْبس الحق بالباطل، أو لما لا يطلب به تعرُّفٌ ولا تقربٌ، أو للماراة وطلب الجاه والتقدم، إلى غير ذلك من الوجوه المنهي عنها، وهي التي نص الله سبحانه في كتابه على تحريمها، فقال:            ( ) ... وأما الجدال المحمود المدعو إليه فهو الذي يحقق الحق ويكشف عن الباطل ويهدف إلى الرشد مع من يرجى رجوعه عن الباطل إلى الحق، وفيه قال سبحانه:              ( ) "( ).
سابعاً: التواضـع:
التواضع أدب رفيع من آداب العلماء وصفة من الصفات الكريمة التي حث عليها الإسلام، وحذر من ضدها، يقول النبي : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"( )، فالتواضع صفة إيمانية محمودة، والكبر صفة مذمومة حتى مع الكافرين، لأنها لا تليق إلا بالله المستغني عن كل أحد. يقول  عنه سبحانه:
" العز إزاره والكبرياء رداؤه"( ).
فعلى المحاور أن يتحلى بالتواضع واجتناب كل ما يدل على الكبر والغرور والإعجاب بالنفس، ويتحقق ذلك بأمور عدة، منها:
1- اجتناب المحاور تزكية نفسه والثناء عليها، وفي هذا يقول تعالى:         • ( ).
2- اجتنابه الحديث عن علمه، وأعماله، وإنجازاته، ومؤلفاته، ونحو ذلك مما يتعلق بشخصه.
3- اجتنابه العناد في قبول الحق إذا تبين له، وغمط الطرف الآخر حقه، أو ازدراءه بأي قول أو فعل. يقول النبي : " الكبر بطر الحق وغمط الناس"( ).
4- اجتنابه استخدام ضمير المتكلم إفراداً أو جمعاً، فلا يقول: فعلتُ، وقلنا، وأنا، وفي رأيي، ودرسنا، وفي تجربتنا، ونحو ذلك من الألفاظ، فهذا ثقيل على نفوس المستمعين، وفيه إعجاب بالنفس، وقد يؤثر على الإخلاص والقصد، والنفوس جُبلت على محبة المتواضعين والإقبال عليهم وأخذ الحق عنهم، كما جُبلت على النفرة من المتعالين المتعاظمين والبعد عنهم. ومن الأفضل أن يبدل تلك الألفاظ بضمير الغيبة، فيقول مثلاً: يبدو للدارس، وتدل تجارب العاملين، ويقول المختصون، وفي رأي أهل الشأن، ونحو ذلك( ).
ثامناً: الصدق:
الصدق هو الإخبار عن الشيء بما هو عليه، وقد جعل الله عز وجل الاستمساك بهذا الخلق في كل شأن وتحريه في كل قضية، والمصير إليه في حكم دعامة ركينة في خلق المسلم، وفضيلة أساسية يجب الالتزام بها امتثالاً لأمره سبحانه بها في قوله:           ( )، وامتثالاً لأمره  في قوله: " عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة" الحديث( ).
والصدق في الأقوال من شأنه أنه يُؤدي بصاحبه إلى الصدق في الأعمال والصلاح في الأحوال. ولذا نقول: إن من مقتضيات الصدق التزام المحاور بالمصداقية العملية لآرائه وأفكاره التي يطرحها أثناء الحوار، فإذا كان الحوار حول قضية عملية فينبغي أن يكون قدوة حسنة في تطبيق ما يحاور من أجله ويدافع لإثباته. والعمل يُعلِّم ما لا يعلِّمه القول، بل إنه يَقْلب الأفكار النظرية إلى حقائق عملية ملموسة، يتأثر بها من يراها قبل أن يسمع من يتكلم عنها، فمن فرط في العمل بما يحاور لأجله وقصَّر في تنفيذه دل ذلك منه على اضطراب وعدم يقين، وكان أضعف في حجته وأعجز عن إقناع غيره ( ).
ونصوص الشريعة توجب على المسلم تطابق القول والاعتقاد، كما توجب تطابق القول والعمل، وتحظر الانفصام بينهما، حتى ولو كان هذا الانفصام على المستوى الشخصي ناهيك عن المستوى العام. يقول عز وجل:                     ( ).
تاسعاً: الأمانة:
الأمانة من أهم المبادئ الخلقية التي ينبغي أن يتصف بها المحاور، لأنها من الدين. يقول عز وجل في الحث عليها              ( )، ويقول النبي  مؤكداً على هذا المبدأ الخلقي ومبيناً أهميته: " لا إيمان لمن أمانة له"( ).
ومفهوم الأمانة في نظر الإسلام واسع الدلالة، فهو يرمز إلى معان شتى، مناطها جميعاً شعور المرء بتبعته في كل أمر يُوكل إليه، وإدراكه الجازم بأنه مسؤول عنه أمام ربه عز وجل.
وتقتضي الأمانة في مقامنا هذا أموراً عدة، منها:
1- أن ينسب المحاور الأقوال والأدلة التي ينقلها على سبيل الاستشهاد بها إلى أصحابها، وأن يتحرى الدقة في ذلك.
2- أن يجتنب أسلوب الإيهام والغموض أو إخفاء الحقيقة أو جزء منها، أو كتم شيء من العلم وطمسه مما له علاقة بموضوع المحاورة بقصد التعمية على الطرف الآخر والتلبيس عليه.
3- عدم بتر النصوص التي يوردها أثناء المحاورة، كأن ينقل نصاً طويلاً فيجتزئ منه ما يصلح له ويدلل على ما يريد، ويُغفل الباقي. والواجب في هذه الحالة أن ينقل النص كاملاً حتى يشاركه الطرف الآخر فيما استنتجه، فإما أن يقره، وإما أن يخالفه في الفهم.
4- أن يستدل بالنصوص الصحيحة والأدلة الواضحة، والبراهين الثابتة، والإحصاءات الدقيقة، وألا يُعوِّل في ذلك على الشائعات والظنون والأوهام.
5- ألا يتحدث بحديث ليس عنده فيه علم، وألا يتردد إذا سُئل عن مسألة لا يعلم فيها شيئاً أن يقول: لا أدري. وعلى هذا كان سلف الأمة وعلماؤها ومفكروها المخلصون.

الخــاتمـــــة
أحمد الله عز وجل على تفضله عليَّ بإنجاز هذا البحث، وأبين فيما يلي أبرز نتائجه العلمية:
أولاً: أن كلمة (الحوار) تستخدم في اللغة العربية بمعاني عدة، هي: الرجوع إلى الشيء وعن الشيء، والتحول من حال إلى حال، والإجابة والرد، والاستنطاق ومراجعة الحديث، وأن كل هذه المعاني متحققة في الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي.
ثانياً: أن المراد بالحوار في الاصطلاح: مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين لمعالجة قضية من قضايا الفكر والعلم والمعرفة بأسلوب متكافئ يغلب عليه طابع الهدوء والبعد عن الخصومة.
ثالثاً: أن الدعوة إلى الحوار والالتقاء بالآخر ومجادلته بالتي هي أحسن هي دعوة قرآنية، وتكليف قائم، وأصلٌ من الأصول الثابتة للحضارة الإسلامية ينبع من رسالة الإسلام وهديه، ومن طبيعة ثقافته وجوهر حضارته.
رابعاً: أن المسلمين مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بإحياء ثقافة الحوار ومبادئه، لمسيس الحاجة إليها في واقعنا الفكري المعاصر.
خامساً: أن مما يؤكد أهمية الحوار مع الآخر أن الإسلام جعل لهذا الحوار ضوابط دقيقة ينبغي على أطراف الحوار التقيد بها، لكي يؤتي هذا الحوار ثماره النافعة وفوائده المرجوة.
سادساً: أن هذه الضوابط تتمثل – بوجه عام – في أمرين رئيسين:
الأول: الانطلاق من قواعد الحوار وأصوله في الفكر الإسلامي.
الثاني: الالتزام بقيم هذا الحوار وآدابه في الفكر الإسلامي.
سابعاً: أن من أبرز هذه القواعد والأصول ما يلي:
1- إخلاص النية لله تعالى.
2- العلم.
3- الاعتراف بالآخر واحترامه.
4- التجرد لطلب الحق.
5- تحديد موضوع الحوار وهدفه.
6- الاتفاق على أصول مرجعية للحوار.
7- الانطلاق في الحوار من نقاط الاتفاق.
8- عدم التناقض.
9- سلوك الطرق العلمية والتزامها.
ثامناً: وأن من أبرز قيم الحوار وآدابه ما يلي:
1- الرفق واللين.
2- عفة اللسان.
3- الهدوء والسكينة.
4- اجتناب رفع الصوت.
5- حسن الاستماع والفهم.
6- اجتناب المراء والجدل.
7- التواضع.
8- الصدق.
9- الأمانة.
كما أوصي بالأمور التالية:
أولاً: مناشدة الدول والحكومات الإسلامية بضرورة اتخاذ الإجراءات السريعة المناسبة لوضع الحوار موضع التنفيذ بوصفه الأسلوب الحضاري الأمثل لتكوين علاقات سلمية ناجحة بين الأفراد في المجتمع الواحد، وبين المجتمعات بعضها مع بعض.
ثانياً: السعي الحثيث للم شمل المسلمين وتحقيق وحدتهم، والقضاء على كل عوامل الفرقة والاختلاف بينهم، وتأكيد ثقتهم بدينهم وثقافتهم ومستقبلهم، والاعتزاز بتاريخهم وتراثهم الحضاري.
ثالثاً: استحداث مقرر دراسي في مختلف المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي باسم (ثقافة الحوار)، لترسيخ مفهوم الحوار وأهميته وأسسه وآدابه لدى أبناء المسلمين.
رابعاً: استثمار وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة لنشر ثقافة الحوار السليم بين أفراد المجتمع.
خامساً: التأكيد على ضرورة الالتزام بمبدأ التسامح، وسلوك منهج الوسطية في تَمثُّل الإٍسلام وتطبيقه اعتقاداً وعبادة؛ سلوكاً ومعاملة.
سادساً: الاهتمام بتطوير وسائل الدعوة الإسلامية بما يتفق مع مستلزمات العصر الحديث، ضمن ضوابط الإسلام ومبادئه العامة.
سابعاً: العمل على إعداد دعاة معاصرين أكفاء، يتقنون اللغات الأجنبية إعداداً خاصاً، وتزويدهم بكل أوعية المعلومات العلمية المتاحة التي تعينهم على التعامل مع واقع عصرهم، ومخاطبة غير المسلمين بروح علمية دعوية منفتحة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهرس المصادر والمراجع
1- القرآن الكريم. وقد استعنت بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، وضع: محمد فؤاد عبد الباقي، دار القلم – بيروت.
2- إحياء علوم الدين – لأبي حامد الغزالي، ط دار الفكر العربي – القاهرة.
3- آداب الشافعي ومناقبه – لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
4- الأصالة والمعاصرة في الفكر الإسلامي – للدكتور محمد رأفت سعيد، ط الأولى 1403هـ - 1983م، دار العلم – جدة.
5- أصول الحوار وآدابه في الإسلام – للدكتور صالح بن حميد، دراسة موجزة منشورة على موقع مكتبة صيد الفوائد الإسلامية بتاريخ 12/8/1424هـ.
6- إعلام الموقعين عن رب العالمين – لابن قيم الجوزية، تقديم وتعليق: طه عبد الرؤوف سعد، ط عام 1973م، دار الجيل – بيروت.
7- إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان – لابن قيم الجوزية، ط الثانية 1408هـ - 1988م، المكتب الإسلامي – بيروت.
8- تاريخ الأمم والملوك – لمحمد بن جرير الطبري، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
9- تجديد الفكر الإسلامي – للدكتور محسن عبد الحميد، ط عام 1985م، دار الصحوة للنشر – القاهرة.
10- تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم – لبدر الدين بن جماعة، ط دار الكتب العلمية – بيروت.
11- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة مذهب مالك – للقاضي عياض اليحصبي، تحقيق: د. أحمد بكير محمود، ط دار مكتبة الحياة – بيروت.
12- تفسير القرآن العظيم – للحفاظ عماد الدين بن كثير، ط عام 1403هـ - 1983م، دار المعرفة – بيروت.
13- التفسير الكبير – للفخر الرازي، ط الثالثة، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
14- تفسير المنار – لمحمد رشيد رضا، ط دار المعرفة – بيروت.
15- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان – لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ط عام 1404هـ، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء – الرياض.
16- الجامع لأحكام القرآن – لأبي عبد الله محمد القرطبي، ط الخامسة 1417هـ - 1996م، دار الكتب العلمية – بيروت.
17- الحوار أصوله المنهجية وآدابه السلوكية – لأحمد الصويان، ط الأولى 1413هـ، دار الوطن – الرياض.
18- الحوار الذات والآخر – للدكتور عبد الستار الهيتي، ط الأولى عام 1425هـ، الكتاب التاسع والتسعون ضمن سلسلة (كتاب الأمة) بدولة قطر.
19- الحوار في القرآن – للدكتورة سناء محمود عابد، ط الأولى 1425هـ - 2004م، دار الأندلس الخضراء – جدة.
20- الحوار من منظور إسلامي – للدكتور عباس الجراري، ط عام 1420هـ - 2000م، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – الرباط.
21- درء تعارض العقل والنقل – لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، ط الأولى 1401هـ - 1981م، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض.
22- سلسلة الأحاديث الصحيحة – لمحمد ناصر الدين الألباني، ط عام 1415هـ - 1995م، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع – الرياض.
23- سنن أبي داود – للحافظ أبي داود سليمان السجستاني، تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط دار إحياء التراث العربي.
24- سنن الترمذي – للحافظ أبي عيسى محمد الترمذي، ط عام 1415هـ - 1995م، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
25- صحيح الجامع الصغير وزيادته – لمحمد بن ناصر الدين الألباني ط الثانية عام 1399هـ - 1979م، المكتب الإسلامي – بيروت.
26- صحيح مسلم بن الحجاج القشيري بشرح يحيى بن شرف النووي، ط دار الريان – القاهرة.
27- العقد الفريد – لأحمد بن عبد ربه الأندلسي، تحقيق: محمد عبد القادر شاهين، ط الأولى عام 1419هـ - 1998م، المكتبة العصرية – بيروت.
28- فتح الباري شرح صحيح الإمام البخاري – لابن حجر العسقلاني، ط رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء – الرياض.
29- الفرق بين النصيحة والتعيير – لابن رجب الحنبلي، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، المكتبة القيمية – القاهرة.
30- الفقيه والمتفقه – للخطيب البغدادي، ط الأولى 1389هـ، مطابع القصيم – الرياض.
31- الفكر الإسلامي في تطوره – للدكتور محمد البهي، ط الثانية عام 1981م، مكتبة وهبة – القاهرة.
32- الكافية في الجدل – لأبي المعالي الجويني، تحقيق: د. فوقية حسين، ط عام 1399هـ - 1979م، مطبعة عيسى البابي الحلبي – القاهرة.
33- الكليات – لأبي البقاء الكفوي، ط دار الطباعة العامرة بمصر – القاهرة.
34- لسان العرب – لجمال الدين بن منظور، ط الثالثة عام 1419هـ - 1999م، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
35- مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن ابن قاسم وابنه محمد، ط الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين - مكة المكرمة.
36- مختصر الصواعق المرسلة – لابن قيم الجوزية، ط مكتبة الرياض الحديثة – الرياض.
37- المدخل إلى السنن الكبرى – للحافظ أبي بكر البيهقي، تحقيق: د. محمد ضياء الرحمن الأعظمى، ط دار الخلفاء للكتاب الإسلامي – الكويت.
38- المذهبية الإسلامية والتغيير الحضاري – للدكتور محسن عبد الحميد، ط الأولى عام 1404هـ، الكتاب السادس ضمن سلسلة (كتاب الأمة) بدولة قطر.
39- المستدرك على الصحيحين – لمحمد الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، ط الأولى 1411هـ -1990م، دار الكتب العلمية– بيروت.
40- مسند الإمام أحمد بن حنبل – تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرين، ط الأولى عام 1419هـ - 1999م، مؤسسة الرسالة – بيروت.
41- المصباح المنير – لأحمد الفيومي المقري، ط عام 1987م، مكتبة لبنان – بيروت.
42- المعجم الوسيط – لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، ط دار إحياء التراث العربي – بيروت.
43- مناقب الشافعي – لأحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: السيد أحمد صقر، ط الأولى 1390هـ - 1970م، دار التراث – القاهرة.
44- مناهج الجدل في القرآن الكريم – للدكتور زاهر الألمعي، ط الثالثة 1404هـ، مطابع الفرزدق – الرياض.
45- الموافقات في أصول الشريعة – لأبي إسحاق إبراهيم الشاطبي، ط المكتبة التجارية – مصر.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك