مشروعية الحوار مع الآخر وأهدافه

مشروعية الحوار مع الآخر وأهدافه
إعداد: د. عمر بن صالح بن عـمر
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
جامعة الشارقة

مقدمة:
الحوار من المصطلحات التي ترددت كثيرا في الآونة الأخيرة، وشاعت شيوعا واسعا بين أطراف متعددة تباينت أفكارها واختلفت مقاصدها؛ منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل، فجاء هذا البحث ليسلط الضوء على المقاصد الشرعية للحوار مع الآخر، حوار مشروع لا يسعى إلى تحقيق وحدة الأديان الموجودة حاليا من إسلام ومسيحية ويهودية، بقدر ما يسعى إلى بيان سماحة الإسلام وحرصه على التعايش السلمي بين المسلم وغير المسلم.
وغرضي من هذا البحث الأخذ بهذه المقاصد؛ يأخذها المسلم على أنها مقاصد شرعية، ويأخذ بها غير المسلم على أنها مقاصد إنسانية.
ولا يخفى على أي ناظر في النصوص الشرعية والتعاليم الإسلامية أنها تدعو إلى الحوار الهادف، والقائم على المنطق السليم، وعلى الحرية في إبداء الرأي.
أهمية البحث:
أضحت أهمية الحوار من الحقائق الواضحة التي لا يختلف فيها اثنان، خاصة في هذا العصر الذي تشابكت فيه المصالح، ونودي فيه بنظام عالمي جديد، وتنوعت تكنولوجيا الاتصالات وتطورت تطورا هائلا، مما يجعل العالم على سعته قرية صغيرة. ولم يعد الحوار ترفا عقليا، ولا أمرا هامشيا، بل تحول إلى ضرورة حياتية تُدْرك قيمتها عند تصور حياة إنسان في سجن انفرادي لا يحاور أحدا ولا يحاوره أحد.
وتتمثل أهمية هذا البحث فيما للحوار من أهمية، أقتصر على الإشارة إلى بعضها:
1- ما يلحظه القارئ لكتاب الله العزيز من آيات عديدة في مختلف السور يغلب عليها طابع الحوار ومجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ومناقشة عقائدهم.
2- ما يسهم به الحوار من تقدم حضاري، ورقي بشري خاصة عندما يكون هذا الحوار مستنيرا بنور القلوب السليمة، والعقول المستقيمة.
3- الحوار منهج من المناهج التي تتحقق به المواجهة المباشرة بين القلوب والعقول، ليرسم لنا شبكة رائعة من العلاقات الإنسانية.
4- ما يحققه الحوار من تشاور وتكامل وفتح للآفاق التنموية، وشحذ للهمم للتعاون المثمر.
5- ما يغرسه الحوار في النفوس من تحلٍّ بالفكر النقدي، وتطهير للقلوب من الحقد والكراهية، فإذا كان الكره فإنما هو للأفعال لا للأشخاص.
6- ما يقوم به الحوار من توعية مشتركة ، وتبادل للخبرات، وتصحيح للمعلومات. فهو من أهم العوامل التي تساعد على تدارك النقص، وتقويم الخطأ، وتعين على التعايش السلمي بين مختلف الشعوب.
7- ما يؤدي إليه الحوار من تعاون مشترك فيما اتفق عليه من المصالح الدنيوية مما ينفع العباد ويدفع عنهم الفساد، ويهيأ لهم الأجواء للعيش في أمن وأمان وسلم وسلام.
8- ما يحققه الحوار من تبليغ للحق وتجنب للخسران في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭼ (العصر: ١- ٣)، ولا يتأتى هذا التواصي إلا بالحوار الذي به تتم دراسة الأمور، والتشاور فيها، والتخطيط لها من ذوي الاختصاص، وإذا ما تم تنفيذه يتحول الحوار إلى النقد والتقويم إذ {الدين النصيحة} (1) كما قال e.

المطلب الأول:
تعريف الحوار ومشروعيته

أولا: تعريف الحوار.
الحوار من حور، قال ابن فارس: "الحاء والواو والراء ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخر الرجوع، والثالث أن يدور الشيء دورا" . تقول: كلمته فما رَجَعَ إليَّ حَوَارًا وحِوَارًا ومَحُورَةً وحَوِيرًا . قال ابن منظور: "وأحار عليه جوابه: رده، والاسم من المحاورة، تقول: سمعت حَوِيرهما وحِوارهما. والمحاورة: المجاوبة. والتحاور: التجاوب... واستحاره: استنطقه. وهم يتحاورون: أي يتراجعون الكلام. والمحاورة: مراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة" .
وفي الكتاب: قول الله : ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭼ (الكهف: من الآية ٣٤  وقوله: ﭽﭜ ﭝ ﭞ ﭼ (المجادلة: من الآية١).
ومن المصطلحات ذات العلاقة بالحوار لفظان: "المجادلة" و"المناظرة".
- لفظ "المجادلة" ورد في قوله تعالى:ﭽ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﭼ (النحل: من الآية ١٢٥)، وفي قوله تعالى: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭼ (المجادلة: من الآية١). والمجادلة: يراد بها مجرد مراجعة الكلام بين المتخاطبين كما في الآية السابقة. قال ابن عاشور: "المجادلة: الاحتجاج لتصويب رأي وإبطال ما يخالفه..." . أو عمل كذلك وقد يراد بها: "المنازعة في المسألة العلمية لإلزام الخضم، سواء كان كلامه في نفسه فاسدا أو لا" . و"الجدل: من قولك: جدلت الحبل أجدله جدلا، إذا فتلته فتلا محكما، وله بهذا الاشتقاق معنيان:
• أحدها: أن يكون استعمالك إياه في محافل النظر سببا لفتل خصمك إلى مواغفتك بتوجيه أدلتك، وإبطال شبهه.
• الثاني: أن يكون سمي بذلك لكونه محكما للأدلة والأسئلة والأجوبة مبرما لمنتشرها بقوانينه المعتبرة" .
- لفظ "المناظرة" لم يرد في القرآن الكريم، والمراد به: "تردد الكلام بين شخصين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق" . وقال الكفوي: "المناظرة: النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب، وقد يكون مع نفسه" .
ثانيا: مشروعية الحوار.
الحوار مع الآخر من الأمور التي تدعو إليها النصوص الشرعية، والضرورات الحياتية.
1- النصوص الشرعية:
لما بلغت البشرية نضجها العقلي، وحققت وعيها الروحي والذوقي جاء القرآن الكريم بمثله العليا وقيمه الإنسانية التي تولي الحوار أهمية كبرى، تظهر في اتساع دائرة الحوار، وشموله لما لا يحصى من المسائل؛ فهناك: محاورات بين الخالق  وبين مخلوقاته من الرسل الكرام -عليهم السلام- والملائكة المقربين، والشيطان الرجيم... وتناولت هذه المحاورات العديد من القضايا مثل: القرآن الكريم، اليوم الآخر...
وهناك محاورات بين الرسل -عليهم السلام- وأقوامهم، أو بين الأخيار والأشرار... وهناك محاورات مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومع مشركي العرب.
وإذا خاطب القرآن هذه الفئات الموجودة يومها، فإنه يعني مخاطبة أية فئة جديدة توجد عبر التاريخ مهما تنوعت مقولاتها الفكرية ليبرهن على مقدرة العقل الإسلامي لمواجهة أي فكر مستجد.
ومن الآيات الصريحة في الدعوة إلى الحوار:
• قول الله : ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭼ (العنكبوت: من الآية٤٦) ولا شك أن محاورة أهل الكتاب بالتي هي أحسن تعكس نتائج طيبة في التبادل الفكري، والتفاعل الاجتماعي والحضاري والإنساني.
• وقوله : ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ (النحل: من الآية١٢٥) فهذه الآية أعم من الأولى في المحاورة، فهي تنظر إلى الإنسان من حيث هو إنسان نظرة التقدير والاحترام حتى ولو كان مشركا، أو وثنيا. ولعل ما ورد من ذكر أهل الكتاب في الآية السابقة إنما هو من باب التخصيص لأهل الكتاب وأتباع الأنبياء -عليهم السلام- بالتحلي بأفضل آداب الجدال وأحسنها عند كل لقاء معهم وحوار.
• وقوله : ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﭼ (البقرة: ١١١) أي هاتوا حجتكم وبينتكم التي تثبت صحة كلامكم.
• وقوله : ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭼ (سبأ: ٢٤) هذه الآية تفتح أبواب الحوار مع المسلمين وغيرهم على مصراعيه، دون أن يعني ذلك أن القرآن قد اعترف بأن ما عند الآخر غير المسلم هو حق، أو أن دينهم مساو للدين الإسلامي .
وتمشيا مع المبادئ الإسلامية الداعية إلى الحرية الكاملة في تكوين القناعات ينضم إلى الآيات السابقة التي تدعو إلى الحوار وتبين آدابه ما كان بين رسول الله  وصحابته من محاورات ومساجلات فكرية، كما كانت بينه وبين قومه محاورات ترويها لنا كتب السنن والسير؛ فقد بعث المشركون عتبة بن ربيعة ليعرض على رسول الله  أمورا لعله يقبل بعضها، فقال له الرسول : قل يا أبا الوليد، أسمع... حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله  يستمع منه، قال: أقد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم. قال: فاسمع مني. قال: أفعل. فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. حم. تنزيل (1-5 فصلت) إلى السجدة فسجد، ثم قال: {قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك} .
2- الحوار ضرورة حياتية:
وينضم إلى الأدلة الشرعية من الكتاب العزيز والسيرة النبوية ضرورة الحوار الواقعية والمتمثلة في جملة من الأمور ؛ منها:
• ما يعيشه العالم اليوم من ثروة هائلة في وسائل الاتصالات، وتدفق المعلومات، اختفت فيها الحدود، وتعذر عندها الاعتزال، فلا مجال للهروب منها، بل لا بد من الحوار حولها، والعمل المشترك على توظيفها في خدمة الإنسانية ومواجهة تداعياتها السلبية.
• أن الحوار وسيلة حياة، تدرك قيمتها عند تصور حياة إنسان في سجن انفرادي لا يحاور أحدا ولا يحاوره أحد، ولا يخفى أن الإنسان مدني بالطبع.
• أن الحوار من الوسائل الأساسية للحفاظ على الحضارات ونقلها عبر العصور. قال الشاعر: "الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم"

المطلب الثاني:
بيان الحق وعرض محاسن الإسلام

من مقاصد الحوار إيجاد مساحة مع الآخر للدعوة إلى الله ، والتعريف بالإسلام، مع إيجاد مساحة من الود والتفاهم يستطيع المسلم وغير المسلم التعامل من خلالها في إطار مشترك من القيم الإنسانية العليا.
وفي الحوار امتثال لأوامر الله  التي تحث المسلمين على إقامة الحجة لتقريب القلوب والعقول إلى الإسلام، يقول الله : ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ (النحل: من الآية١٢٥).
وهو وسيلة مهمة لبيان الحق وعرض محاسن الإسلام فيما يتعلق بتنظيم علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وفيما يحقق له سعادة الدارين.
وهو وسيلة لمحو الصورة المشوهة للإسلام التي رسمتها أقلام المغرضين والحاقدين سواء في الوسائل الإعلامية أو الكتب المدرسية. وبالحوار تغربل كل الشوائب والتشويهات والأفكار الخاطئة والتحريفات التي ألحقت بالإسلام، وتنقيه منها. و"إن كثيرا من أهل الكتاب يبلغهم الإسلام، ولكن يمنعهم من الإيمان شبهات يحتاجون أجوبة عليها" .
وهو وسيلة لعرض الإسلام الداعي للتسامح مع البشرية قاطبة، ونشر الرحمة بين الناس، قال تعالى: ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ (الأنبياء: ١٠٧).
وهو وسيلة لدعم المسلمين معنويا، وبخاصة في البلدان الغربية، أو البلدان التي تواجه حملات تنصيرية. ووسيلة فعالة لعرض جملة من القضايا الهامة ضمن محيطات ثقافية معينة يحكم فيها العقل والعلم المجردين عن الأهواء والانفعالات، مع توخي الإقناع، والسعي إلى الوصول إلى الحق ﭽ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﰂ ﰃ ﰄ ﭼ (يونس: ٣٢) ، ويقول الله  على لسان نبيه موسى: ﭽ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﭼ (طه: ٢٥ – ٢٨) حتى تنتشر المفاهيم الإسلامية السمحة، وقيمه الأخلاقية العليا مثل العدالة، والتسامح، والتعارف، والتعاون، وذلك عن طريق إقامة الحجة، والإتيان بالدليل الواضح، والبرهان الساطع، لا عن طريق اللجاجة أو الانقياد إلى الأهواء، يقول الله : ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﭼ (آل عمران: ٦٤). وبمثل هذا الهدي الرباني يمكن التوصل إلى الحق، ونشر الفضيلة، ومما يؤكد هذا التوجه قول الرسول : {الكلمة الحكمة ضالة المؤمن} .
وبالكلمة الطيبة والدعوة الحسنة يحقق الحوار هدفه المنشود من تعارف وتعاون، وطموح بالإنسان إلى الارتقاء بفكره وعقله تجاه أخيه الإنسان، وتجاه حقائق هذا الكون سعيا لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح للبشرية قاطبة وتكميلها، ودرء المفاسد عنها وتقليلها.
وها هو الرسول  يأتيه حبر من الأحبار ليقول له: "يا محمد نِعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون!" فقال رسول الله : {سبحان الله، وما ذاك؟} قال: "تقولون إذا حلفتم: والكعبة". قالت (أي قتيلة بنت صيفي الجهنية راوية الحديث): فأمهل رسول الله  شيئا، ثم قال: {إنه قد قال، فمن حلف فليحلف برب الكعبة}. قال: "يا محمد، نِعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا!" قال: {سبحان الله، وما ذاك؟} قال: "تقولون ما شاء الله وشئت". قالت: فأمهل رسول الله  شيئا، ثم قال: { إنه قد قال، فمن قال: ما شاء الله، فليقل بينهم: ثم شئت} . انظر كيف استمع الرسول  إلى هذا الحبر، واستفاد من انتقاداته بكل تواضع واحترام.
وانظر إلى الحوار الدائر بين النبي  وقومه من قريش بالحديبية، وما أثمره هذا الحوار من صلح فتح بابا جديدا لإبلاغ الحق ونشر هذا الدين في جزيرة العرب بسرعة لم يسبق لها مثيل، وكان فتحا مبينا فتح الله بعده مكة المكرمة.
وجاء في قصة أبي هريرة مع الشيطان الذي أراد أن يسرق منه (ينقل من البخاري). وأخذًا بقول الحق يقول ابن تيمية: "لا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني – فضلا عن الرافضي- قولا فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل" . وقال في موضع آخر: "وليس مما أمر الله به ورسوله  ولا مما يرتضيه عاقل أن تقابل الحجج القوية بالمعاندة والجحد، بل قول الصدق والتزام العدل لازم عند جميع العقلاء، وأهل الإسلام والملل أحق بذلك من غيرهم..." .
كل هذه النماذج تفيد أن المقصد من الحوارات -مع ما فيها من إخلاص لله وتواضع للحق- هو إحقاق الحق والدعوة إلى الله . وفي المقابل ذم الله  الذين يتميزون بكتم الحق وتلبيسه بالباطل، فقد قال: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭼ (آل عمران: ٧١)، وقال: ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﭼ (البقرة: ٤٢)، قال ابن عاشور: "وهذا اللبس هو مبدأ التضليل والإلحاد في الأمور المشهورة فإن المزاولين لذلك لا يروج عليهم قصد إبطالها، فشأن من يريد إبطالها أن يعمد إلى خلط الحق بالباطل حتى يوهم أنه يريد الحق" .
وحتى يتسنى للحوار أن يحقق مقاصده وأهدافه المرجوة منه من إحقاق للحق ودعوة إلى الله ينبغي للمُحاوِر أن يتجنب جملة من المعوقات، منها:
ألا يكون موضوع الحوار منصبا على قضايا جدلية عقيمة لا ترجى منها فائدة، أو تحاول أن تنال من ثوابتنا الدينية، أو تنتقص منها بحجة الانفتاح والمدنية وتطور الأزمنة، خاصة فيما يتعلق بالإسلام عقيدة وشريعة ونظام حكم وحدود ونظام أسرة... بل يدور حول القضايا التي تخدم الصالح العام، والجوانب المعيشية. ومما لا ينبغي أن نغفل عنه أن المقصد الأساس من الحوار هو تبليغ الدعوة بقطع النظر عن مدى استجابة الطرف الآخر أو عدم استجابته، إذ الإسلام دين الفكر والحرية حتى ذهب قوله : ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭼ (البقرة: ٢٥٦) مذهب الأمثال.

المطلب الثالث:
مقصد التعارف

من مقاصد الحوار: مقصد التعارف، وفي ذلك يقول الله : ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ (الحجرات: ١٣) فوحدة الجنس البشري في الإسلام ترتكز على الاعتراف بحقوق الآخرين، ولا سيما الحقوق الطبيعية الأساسية التي يتساوى فيها البشر، وعلى ضوئها يعتبر القرآن البشرية أمة واحدة، قال : ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ (يونس: ١٩)، وقال: ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﭼ (البقرة: ٢١٣)، و"الانتقال من وحدة الأمة الإسلامية إلى وحدة الجنس البشري هو الرسالة الخالدة التي عَهِد اللهُ إلى خاتم أنبيائه محمد  أن يحققها بين الناس كافة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، لأنه  أُرسل رحمة للعالمين، قال : ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ (الأنبياء: ١٠٧) " .
وإذا كان صمويل هنتنجتون قد بشر بصراع الحضارات، فإن الإسلام بدعوته إلى الحوار قد دعا إلى تعارف الحضارات لا إلى صراعها ﭽ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﭼ (الحجرات: من الآية١٣). وجعل الناس يتفاضلون بمدى نفعهم للغير{أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس} . وحرصا على تحقيق هذا المقصد يرفض الإسلام انسحاب المسلم من المشاركة في الحياة العامة فلا رهبانية في الإسلام، و{المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم} .
وتتضافر هذه الأدلة لإبراز مقصد التعارف، مع ما يقرره من مساواة بين البشرية، فلا فرق بين الناس، خاصة وأن سبب نزول الآية السابقة: ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﭼ (الحجرات: من الآية١٣) لما أمر رسول الله  بعد فتح مكة بلال بن رباح الحبشي الأسود بالأذان على ظهر الكعبة، فاستنكر سادة قريش وقالوا: أعبدٌ حبشي يعلو ظهر الكعبة بحضورنا!! فنزلت الآية تضع الموازين القسط للأشخاص، وتهدم قواعد الكبرياء، وتحطم فوارق الطبقات، وتصرح بأن الله  خلق الناس جميعا في كل زمان ومكان، ومن جميع العروق والأجناس والألوان ليتعارفوا ويتفاهموا ويتعايشوا بالسلم والأمان.

المطلب الثالث:
مقصد التعاون

من مقاصد الحوار: التعاون بين الناس، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى: ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﭼ (المائدة: من الآية٢)، وقال الرسول : {والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه} . وإن دعوة الإسلام التعاونية لا تنحصر في نطاق الأمة التي كونها، ورسم لها طريقها، وحدد لها منهاجها، وسماها أمة وسطا، بل هي على نحو من السعة والشمول بحيث يسع "الحياة الإنسانية" بأكملها، دون تخصيص جانب على جانب، ولا طرف على طرف، مما كان له الأثر الجيد في "التواصل الحضاري بين الشعوب" الذي دعا الله إليه، وأوضحه المقصدُ من إرسال الرسول : ﭽ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﭼ (الأنبياء: ١٠٧) ولا يتم مفهوم الرحمة على نحو من "العالمية" إلا بتحقيق التعاون الإنساني بمفهومه الشامل، وهذا ما أكده الرسول  في قوله: {الرحماء يرحمهم الله، ارحموا من الأرض يرحمك من في السماء} . ولذا نهى الله عن الترف لما فيه من إخلال بتقدير القيم الإنسانية المثلى، فما من ترف إلا فيه حق مضيع.
ولا شك أن الحوار مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن يعكس جملة من النتائج منها: التعاون الفكري بتبادل الخبرات، والتعاون المادي بالتكافل الاجتماعي، مع ما يحققه الحوار من تشاور وتكامل حضاري.
والإسلام ينظر للإنسان بصفته فردا مستقلا، وبصفته فردا وسط منظومة من حيث هو عضو في أمة متماسكة كل يؤدي دوره: ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﭼ (سورة المائدة: من الآية ٢) حتى لا تكون الأمة مجرد رابطة جنسية أو عرقية، و"إنما هي أمة "متعاونة" بفضل إيمان أعضائها المنتمين إليها، والمكونين لها إيمانا عميقا نابعا من أحاسيسهم المشتركة بأن أمتهم واحدة لها شخصيتها، وخصائصها، وأصالتها التي بها تنفرد عن سائر الأمم في القديم والحديث" .
ولتسهم هذه الأمة بدورها – بما رسخه الإسلام في نفوس أفرادها من إرادة العيش المشترك- في التعاون مع بقية الأمم لصنع حضارة إنسانية تؤدي رسالتها في تحقيق العدل بين البشر أجمعين ونشر السلام بين العالمين.
وهكذا بتقبل الطرف الآخر والتحاور معه يمكن التوصل إلى التعاون على جملة من الأمور، منها:
1- التعاون على حماية وتعزيز العدالة الاجتماعية، والقيم الإنسانية، وكفالة الحرية للناس جميعا، خاصة وأن الأديان السماوية عموما تدعو إلى مثل هذه القيم.
2- التعاون على مواجهة الأخطار التي تحيق بالبشرية من حروب، وتلوث بيئي، ومخدرات، وغيرها...
3- درء الخطر المشترك، وذلك بمحاربة الشهوات الجامحة، والإباحية العفنة، والمادية المستحكمة، يُروج لها تحت أسماء كاذبة مثل النظام والحرية. ولا يخفى ما تجره من ويلات ودمار، قال : ﭽ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ (سورة الأنفال: ٢٥).
4- التعاون على عمارة الأرض وفق إرادة الله  عند المسلمين، ووفق القيم الإنسانية عند غير المسلمين تحقيقا لاستخلاف الإنسان في الأرض، قال الله : ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙﭚ ﭼ (سورة البقرة: من الآية٣٠) وقال: ﭽ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﭼ (يونس: ١٤)، وذلك بما يأتي:
- بما يحقق الكرامة الإنسانية، قال : ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﭼ (سورة الإسراء: ٧٠).
- وبما يقيم العدل في الأرض بين الناس جميعا بدون استثناء.
- وبما يؤكد التعارف بين الناس مما يحقق الأمن والأمان، والتعايش في سلم وسلام.
- وبما يدعو إلى التواصل بين الحضارات في جوانبها المادية والإبداعية.
- وبما يحافظ على البيئة.
- وبما يدعو إلى تنسيق الجهود والعمل الجماعي لعمارة الأرض، وتحقيق النهضة الحضارية.
فمثل هذه المفاهيم والقيم تعتبر قواعد مشتركة بين الناس أجمعين، تحقق كرامة الإنسان، ومصلحته وأمنه بقطع النظر عن جنسه ولونه ودينه. يقول أحد المسيحيين: "إنما الحماية المسيحية في البلاد العربية هي اتجاه المسيحيين للتلاحم والتفاهم مع المسلمين في هذه البلاد ليتابعوا سويا المسيرة التاريخية الرائعة في التآخي الإنساني، والتعايش السلمي الذي سجله المسلمون والمسيحيون في هذه البلاد عبر العصور التاريخية المتوالية" .

المطلب الرابع:
مقصد التعايش السلمي

من مقاصد الحوار: أن يحيى الناس في سلم وسلام قائمين على احترام متبادل يؤسس للاعتراف بالاختلاف، وتقبل الآخر، ويفسح المجال لمختلف الآراء، إذ أن مصادرة آراء الآخرين، وغلق الأبواب في وجوه المخالفين يجعل جذور الاختلاف ممتدة في الأعماق يصعب بعدها الالتقاء والاتفاق، وإن كان الاختلافُ حكمةً من حِكَم الباري من خلق الخلق، قال : ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡ ﭢ ﭣﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭﭼ (سورة هود: ١١٨-١١٩)، فالحوار يخفف من الفتن الطائفية التي إن اشتعلت مزقت كيان الأمة، خاصة وأن بعض الجهات الخارجية تستغل مثل هذه الاختلافات لزرع بذور الفتنة والشقاق والتناحر بين أبناء الوطن الواحد ﭽ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ (سورة التوبة: من الآية ٤٧). وذكر الرازي في تفسير قوله : ﭽ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈﰉﭼ (سورة البقرة: من الآية ٢٥٦) "بأنه تعالى لما بيّن دلائل التوحيد بياناً شافياً قاطعاً للعذر قال بعد ذلك إنه لم يبق بعد إيضاح هذه الدلائل للكافر عذر في الإقامة على الكفر إلا أن يقسر على الإيمان ويجبر عليه وذلك مما لا يجوز في دار الدنيا التي هي دار الابتلاء إذ في القهر والإكراه على الدين بطلان معنى الابتلاء والامتحان" ، ونظير هذا قوله تعالى: ﭽ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽﭼ (سورة الكهف: من الآية ٢٩)، وقوله تعالى: ﭽ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭼ (سورة يونس: ٩٩)، وقوله تعالى: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭼ (سورة الكافرون: ٦)، فمثل هذه الآيات تؤسس للاعتراف بالآخر، وتَقَبُّله على ما هو عليه. كما تسهم في بناء أسس مشتركة للتعايش السلمي ونبذ العنف. كما تدعونا إلى ترويض النفس وحملها على احترام الرأي المخالف سعيا للوصول إلى الحق، وعدم التردد في التراجع عن الرأي إذا تبين خطؤه وصحة رأي الآخر، وها هو رسول الله  يقول لقومه حين يريد أن يحاورهم ما ذكره الله لنا في كتابه العزيز: ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭼ (سورة سبأ: ٢٤)، قال الغزالي في حديثه عما ينبغي أن يكون عليه المحاوِر: "كناشد ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يده أو على يد معاونه، ويرى رفيقه عونا لا خصما، ويشكره إذا عرفه الخطأ أو أظهر له الحق" . ولا يتم مثل هذا إلا بإرادة مشتركة من الطرفين للوئام والانسجام والتعايش في سلام، دون المساس بمعتقداتنا ومقدساتنا.
وفي إطار التعايش السلمي الذي يحققه الحوار الهادف يرسم لنا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب جملة من الوصايا كتبها إلى قائد جيشه في العراق، جاء فيها: (إني قد ألقي في روعي أنكم لقيتم العدو هزمتموه... فإن لاعب أحد منكم العجم بأمان أو قرنه بإشارة أو بلسان كأن لا يدري الأعجمي ما كلمه به، وكأنه عنده أمان فأجروا ذلك مجرى الأمان، وإياكم والضحك والهزل في هذه الأشياء، الوفاء الوفاء، فإن الخطأ بالوفاء بقية، وإن الخطأ بالغدر هو الهلكة، وفيها وهنكم وقوة عدوكم، وذهاب ريحكم وإقبال ريحهم. واعلموا أني أحذركم أن تكونوا شينا على المسلمين وسببا لتوهينهم) .
وقد يثمر الحوار ما لا تثمره الحروب، فيستقطب الناس، ويُلين القلوب، فهذا ابن عباس حين انتدبه علي بن أبي طالب رضي الله عنهما لمحاورة الخوارج من أهل حروراء، فآتى الحوار ثمارا يانعة، فرجع أكثر من ألفين من الخوارج عن مذهبهم، فكان ذلك ولا شك أبلغ من القتال . ومما يؤكد هذا من السيرة النبوية: ما جرى من حوار بين الرسول  وقومه في الحديبية، وما أثمره من صلح كان فتحا للمسلمين، وسببا من أسباب انتشار هذا الدين في الجزيرة العربية بسرعة لم تكن لو انعدم هذا الحوار واستبد القتال.

المطلب الخامس:
وسائل تحقيق الحوار لمقاصده

حتى يؤتي الحوار ثماره، ويحقق المقاصد المرجوة منه لا بد أن ينضبط هذا الحوار بجملة من الضوابط، ويخضع لعدد من الشروط، منها: الموضوعية، والمجادلة بالتي هي أحسن، والتواضع، والعلم، وإنصاف المُحاوَر...
أولا: الموضوعية.
تتلخص الموضوعية في الحوار في جملة من الأمور، نوجزها في الآتي:
1- الإتيان بالدليل الساطع والبرهان الناصع، الذي يقنع العقول السليمة والقلوب الطاهرة التي تبحث عن الحق، وتقذف به على الباطل فإذا هو زاهق.
2- اجتناب الهوى والانتصار للذات.
3- عدم الخروج عن موضوع الحوار، والتركيز على محل الخلاف، رائدنا في ذلك ما جاء في القرآن من ردود على دعاوى الكفار، فإنا نجد الرد حاسما، والقول فصلا، والجواب شافيا كافيا مقتصرا على محل الخلاف وهادما لدعاوى المبطلين. مثال ذلك ما جاء في الحوار الدائر بين نبي الله هود  وقومه، يقول الله : ﭽ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ (الأعراف: ٦٦ – ٧٢). وكذلك الشأن في قصة نوح  مع قومه، وفيها يقول الله : ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﭼ (الأعراف: ٥٩ – ٦٢).
4- ومما يساعد على جعل المتحاورين أكثر قدرة على التفاهم فيما بينهم، والوصول إلى نتائج سليمة أن تكون هذه الحوارات جادة، وليست مجرد اجتماعات تتبادل فيها عبارات المجاملة فقط، بل تطرح فيها القضايا المهمة التي تقود البشرية إلى بر السلام، وترتقي بها ماديا ومعنويا كمناقشة استتباب الأمن واحترام الشعوب، والقضاء على الفقر، حتى إن بعض الغيورين رفض الحوار مع الغرب باعتبار أن مقصدهم الوحيد من الحوار هو التنصير والتبشير بالمسيحية، وأنه طعم يستدرج المسلمين للخروج عن دينهم .
ثانيا: التجرد لله والرغبة في الوصول إلى الحق.
نعني بالتجرد لله إخلاص النية، يقول الخطيب البغدادي: "ويخلص النية في جداله بأن يبتغي وجه الله تعالى. وليكن قصده في نظره: إيضاح الحق وتثبيته دون المغالبة للخصم" . فإن أنس في نفسه شيئا من الرياء وبعدا عن المقصد الصحيح فليترك الحوار ويجاهد نفسه حتى تستقيم وجهتها لله. أما غير المسلم فلا بد أن توجد لديه الرغبة في الوصول إلى الحق، وفي ذلك يقول الكاتب "كارل روجر": "إذا توفرت الرغبة لدى شخصين للتبادل، وأن كليهما لديه الرغبة في الاستعلام ومساعدة الآخر، وأن المناقشة استمرت وقتا كافيا بدون تداخلات فإنه بقدر ما توافرت درجة التوافق لدى أحدهما، بقدر ما يكون هناك اتجاه نحو الطرف الآخر لتوليد ظروف المعالجة، وبالتالي توليد التوافق النفسي، وهذا يعني فرصة نجاح المناقشة" .
وحتى ينجح الحوار ينبغي أن يكون حوارا جادا، متحررا من عبودية الأهواء والشهوات، بعيدا عن كل لون من ألوان التعصب، فمن انتصر لرأي باطل، وسخر له فكره ولسانه وقلمه، كان كمن أهدر فكره وإيمانه، وأصبح عبدا تابعا لغيره لا ينتصر للحق. وهذا ما حذر منه أصحاب رسول  فيما رواه الإمام أبو الحسن رزين رحمه الله في كتابه عن حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا لا تظلموا } .
ثالثا: المحاورة بالتي هي أحسن.
سعيا وراء تحقيق مقاصد الحوار ينبغي أن يكون الحوار قائما على المحاسنة لا على المخاشنة، قال الله : ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﭼ (النحل: ١٢٥) بلا تحامل على المخالف ولا ترذيل له وتقبيح، حتى يطمئن إلى (المُحاوِر) ويشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل’ ولكن الإقناع والوصول إلى الحق . وقال: ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ (الإسراء: ٥٣) "يقولوا التي هي أحسن على وجه الإطلاق وفي كل مجال، فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه..." . وقال: ﭽ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ (طه: ٤٤)، "فالقول اللين لا يثير العزة بالإثم، ولا يهيج الكبرياء الزائف، ومن شأنه أن يوقظ القلب فيتذكر ويخشى عاقبة الطغيان" . ومن شأن القول اللين أن يتق السباب والمنافرة، لأن ذلك من شأنه يورث الحقد ويوغر الصدور، ويفرق ولا يؤلف، ولو شتمه من يحاوِره فليدفع بالتي هي أحسن، قال : ﭽ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﭼ (فصلت: ٣٤). قال الخطيب البغدادي: "ويكون كلامه يسيرا جامعا بليغا، فإن التحفظ من الزلل مع الإقلال دون الإكثار. وفي الإكثار ما يخفي الفائدة، ويضيع المقصود، ويورث الحاضرين الملل" . ولفظ "الحوار" ذاته –كما مر معنا في تعريفه- يوحي برزانة الكلام ومنطقيته، بعيدا عن التخاصم بقدر ما يعني المراجعة الكلامية.
وقال: ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﭼ (النور: ٢٦).
رابعا: التواضع في الحوار.
التواضع والاحترام المتبادل بين المتحاورين من أهم الوسائل لتحقيق مقاصد الحوار، فلا يحقق الحوار مقاصده، ولا يؤتي ثماره إلا إذا تواضع المتحاورون لبعضهم، فلا يُقبل أن يكون أحد الطرفين مستعليا، والآخر مستعطفا له. وقد ضرب الله لنا مثلا بهذا التواضع في قصة موسى  مع فرعون حين قال له فيما حكاه الله لنا في قوله: ﭽ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﭼ (الشعراء: ١٨ – ١٩) ، فأجابه موسى بكل تواضع وبأسلوب مهذب: ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭼ (الشعراء: ٢٠ – ٢٢). وانظر إلى نبي الله شعيب  كيف خاطب قومه بكل أدب وتواضع، وبدون استعلاء أو غرور: ﭽ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁﭼ (هود: ٨٨). وذلك شأن الأنبياء جميعا –عليهم السلام- فقد قال الله على لسان رسوله : ﭽ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭼ (سبأ: ٢٤) وهذا ما ينبغي أن يلتزمه كل داعية إلى الله، ومصلح يريد الخير لأمته وللبشرية بأسرها، ذلك بأن الحوار الذي مبعثه الغرور والتعالي لا يثمر ولا يحقق مقاصده، بل قد يؤدي إلى مزيد من التباعد والنفور بين الأطراف المتحاورة، ولهذا قال الله تعالى لعباده إذا تحاوروا مع مثل هذا النوع من الناس: ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﭼ (الفرقان: ٦٣)، فخير طريق مع هؤلاء المكابرين الإعراض عنهم والصفح الجميل، قال تعالى: ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭼ (النساء: من الآية ٨١)، وقال: ﭽ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﭼ (الزخرف: ٨٩) . وقد يكون الرد عليهم بدحض شبهاتهم مثل ما جاء في الرد على المنافقين حين قالوا لو أن إخوانهم لم يخرجوا إلى القتال لما ماتوا، قال تعالى: ﭽ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ (آل عمران: ١٦٨)، فالقعود عن الجهاد لا يطيل الحياة، كما أن الخروج إلى ساحات القتال لا ينقص شيئا من الآجال، فكم من مجاهد عاد من جهاده سالما، وكم من قاعد أتاه الموت وهو على فراشه. قال تعالى: ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃﭼ (آل عمران: ١٥٦).
خامسا: الأسلوب الحسن.
لا يحقق الحوار مقاصده، ولا يؤتي ثماره إلا إذا التزم المتحاورون الأسلوب المهذب الخالي من كل ما يعيق التقدم في الحوار والوصول به إلى نتائج طيبة، فتُتَجَنب عبارات السخرية، قال الله : ﭽ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﭼ (الإسراء: ٥٣)، ويحترم الإنسان كإنسان، وإن كان مخالفا لك في الرأي، وينظر إليه نظرة تقدير وإكرام، امتثالا لقوله تعالى: ﭽ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﭼ (الإسراء: من الآية ٧٠)، وتحترم حقه في الاختلاف، وتقبله كما هو، قال تعالى: ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ (التوبة: ٦). ومثل هذا ولا شك يثمر تبادلا فكريا، وتفاعلا اجتماعيا وحضاريا وإنسانيا، يرتقي بالإنسان، ويضمن له العيش في سلام وأمن وأمان.
ومن الأسلوب الحسن: إفساح المجال للمحاور حتى يتم حديثه، وهذا من الأدب النبوي، فقد كان رسول الله  لا يقاطع محدثه، ولا يبدأ في الكلام إلا إذا فرغ محدثه من حديثه مثل ما جاء في حواره مع قومه من المشركين .
ومن الأسلوب الحسن: تجنب الجدل العقيم، فقد حذر النبي  من ذلك في قوله: {ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل. ثم تلا رسول الله  هذه الآية: ﭽ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﭼ (الزخرف: من الآية ٥٨ } . وقال ابن عطية: "إذا أراد الله بقوم شرا ألقى بينهم الجدل وخزن العلم" .والمراد بالجدل هنا: الجدل المذموم، وهو الخصام بالباطل، وهو اللدد في الخصومة، قال الرسول : {أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم} .قال النووي: "و{الألد}: شديد الخصومة، مأخوذ من لديدي الوادي، وهما جانباه، لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر. وأما {الخصم} فهو: الحاذق بالخصومة. والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق، أو إثبات باطل" .
والجدل المذموم نوعان: أحدهما: الجدل بغير حجة. والثاني: الجدل بالشغب والتمويه نصرة للباطل بعد ظهور الحق وبيانه، قال الله تعالى: ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ (غافر: من الآية ٥). وقد يتحول هذا الجدل إلى مكابرة إذا علم بفساد كلامه وصحة كلام خصمه فنازعه فيه. أما إذا نازعه مع عدم علمه بكلامه وكلام صاحبه فهي المعاندة . يقول ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﭼ (النحل: ١٢٥): "ومن الإعجاز العلمي في القرآن أن هذه الآية جمعت أصول الاستدلال العقلي الحق، وهي البرهان والخطابة والجدل المعبر عنها في علم المنطق بالصناعات وهي المقبولة من الصناعات. وأما السفسطة والشعر فيبرأ عنهما الحكماء الصادقون بله الأنبياء والمرسلون" .
سادسا: العلم.
ليحقق الحوار مقاصده لا بد للمحاور أن يكون على علم بالمسألة التي يدور حولها الحوار، وأن يكون قادرا على النظر والموازنة، يقول ابن تيمية: "والعجب من قوم أرادوا نصر الشرع بعقولهم الناقصة وأقيستهم الفاسدة، فكان مما فعلوه مما جرأ الملحدين أعداء الدين عليه، فلا الإسلام نصروا، ولا الأعداء كسروا" . قال الشاعر:
وكم من عائب قولا صحيحا وآفـته في الـفهم السـقيم
ومن الوصايا في هذا الشأن: "لا ترد على أحد جوابا حتى تفهم كلامه، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره، ويؤكد الجهل عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمت فأجبه، ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام. ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم، فإن الجواب قبل الفهم حمق... واستفهامك أجمل بك، وخير من السكوت على العي" . فالفهم أهم ركيزة للحوار، وسوء الفهم قد يجعل الحق باطلا، والباطل حقا. والحذر كل الحذر من الفهم بخلفية فكرية مسبقة، وحمل عبارات الحوار ومعانيه عليها. قال الجويني: "وعليك بمراعاة كلام الخصم وتفهم معانيه على غاية الحد والاستقصاء، فإن فيه أمانا من اضطراب ترتيب فصول الكلام عليك، فيسهل عليك عند ذلك وضع كل شيء في موضعه. وفيه أيضا أمان من تلبيس الخصم والذهاب عن تزويره، ولا تمكنه من جمع القصور عليك في الأسئلة والأجوبة. وإن طول عليك كلامه بعباراته الطويلة، فلخص من جميعها موضع الحاجة إليه فتحصره عليه، ثم تكلم فيه بما يليق به..." ، حتى لا يتكلم بما ليس له به علم، قال الله : ﭽ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﭼ (الإسراء: ٣٦)، هذه الآية أساس في المنهج العلمي في الحوار وطلب الإثبات في أية مسألة يدور حولها الحوار، فليس للمسلم أن يقول قولا بلا دليل، ولا أن يقبل قولا بلا دليل، ولا أن يحاور بناء على الظنون الضعيفة، وقد جاء النهي عن ذلك صريحا في قوله : ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭼ( الحجرات: من الآية ١٢)، وقال الرسول : {إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث} . يقول البغدادي في ذكر آداب الجدل والمناظرة: "وإذا وقع له شيء في أول كلام الخصم فلا يعجل بالحكم به، فربما كان في آخر كلامه ما يبين الغرض بخلاف الواقع له، فينبغي أن يتثبت إلى أن ينقضي الكلام، وبهذا أدب الله تعالى نبيه  في قوله : ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ (طه: من الآية ١١٤). ويكون نطقه بعلم، وإنصاته بحلم، ولا يعجل إلى جواب، ولا يهجم على سؤال، ويحفظ لسانه من إطلاقه بما لا يعلم، ومن مناظرته فيما لا يفهمه، فإنه ربما أخرجه ذلك إلى الخجل والانقطاع" . ذلك بأن المراسم الجدلية تفصل بين الحق والباطل، وتميز المستقيم من السقيم، فمن لم يحط بها كان في مناظرته كحاطب ليل .
سابعا: الإنصاف في الحوار.
لا ينفع الحوار ولا يحقق مقاصده إلا مع العدل والإنصاف، و"إلا فالظالم يجحد الحق الذي يعلمه، وهو المسفسط المقرمط، أو يمتنع عن الاستماع والنظر في طريق العلم، وهو المعرض عن النظر والاستدلال... ولما كانت المحاجة لا تنفع إلا مع العدل قال الله تعالى: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ (العنكبوت: ٤٦)، فالظالم ليس علينا أن نجادله بالتي هي أحسن .
والإنصاف في الحوار له جوانب متعددة منها: الشعور بالتكافؤ بينك وبين من تحاور، وعدم التشويش عليه، والموازنة بين أقواله وأدلته وبراهينه.
1- الشعور بالتكافؤ بينك وبين من تحاور: إذ غياب الشعور بالندية والتكافؤ بين المتحاورين يجعل الحوار عقيما لا يؤتي ثماره ولا يحقق مقاصده، مثل:
- اعتقاد اليهود بأنهم شعب الله المختار ومن عداهم عبيد لهم، يقول بولس اليهودي في رسالته لأهل غلاطية: "لكن ماذا يقول الكتاب؟: اطرد الجارية وابنها؛ لأنه لا يرث ابن الجارية مع ابن الحرة. إذًا أيها الإخوة لسنا أولاد جارية بل أبناء الحرة" .
- واعتقاد النصارى بأن من ساهم في الحروب الصليبية التي انطلقت صوب بيت المقدس تسمى: "جيوش المسيح"، والمشاركون فيها اعتبروا: "جنود الرب". وعلى مدى قرنين ظلت الفتاوى تصدر من الفاتيكان محرضة ومشجعة مسيحيي أوروبا على تخليص أرض المسيح تارة بوعدهم بمغفرة الرب –وتلك هي بداية صكوك الغفران-. وتارة بإغرائهم بحقهم في تملك فلسطين بصفة أبدية. وتارة عبر الإدعاء بأن إبادة المسلمين الموجودين في بيت المقدس هي من قبيل "نحر القرابين" دليلا على التقوى . أفكار أصبحت عندهم بمثابة المسلمات، ومثل هذا لا ريب أنه من معوقات الحوار.
- أما المسلم المتبع لتعاليم دينه الحنيف فإنه يدخل الحوار وهو يشعر بالمساواة الكاملة بين بني البشر، يغذي هذه المشاعر نصوص من الكتاب والسنة تحترم النفس البشرية، وتتعامل معها على أنها مكرمة، بقطع النظر عن لونها ودينها وجنسها؛ قال الله : ﭽ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﭼ (الحجرات: ١٣)، فالكل من آدم، وآدم من تراب. وها هو النبي في سيرته العطرة{تمر به جنازة فيقوم، فقيل له: إنها جنازة يهودي! فيقول : أليست نفسا؟!} . وها هم صحابته –رضوان الله عليهم- من بعده يقررون ما قرره عمر : "مذ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟" . بالإضافة إلى ذلك أن المسلم يؤمن بالأنبياء جميعا ويعترف بهم، قال تعالى: ﭽ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﭼ (البقرة: ٢٨٥)، وقال: ﭽ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ (الشورى: ١٣). وقال الرسول : {أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة. والأنباء إخوة لعلات؛ أمهاتهم شتى ودينهم واحد} . وفي هذا الحديث يبين لنا الرسول  أن العلاقة بين الديانات علاقة تكامل لا تنافر، قال : {إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين} . وما ذكرته يؤكد أن غياب الندية والتكافؤ بين المتحاورين يؤدي إلى عدم تحقيق الحوار لأهدافه المرجوة منه.
2- تجنب التشويش على من تحاور: الآداب الإسلامية في المحاورة تقتضي عدم التشويش على أقوال الخصم وضرب بعضها ببعض، "فإن مثل هذا الغرض لا يليق، فإن العالم بما هو عالم إنما قصده طلب الحق، لا إيقاع الشكوك وتحيير العقول" ، إذ أن مقابلة الإشكالات بالإشكالات لا تقتضي هدما، وإنما تقتضي حيرة وشكوكا عند من عارض إشكالا بإشكال ولم يَبِنْ عنده أحد الإشكالين وبطلان الإشكال الذي يقابله... والواجب الابتداء بتقرير الحق قبل الابتداء بما يوجب حيرة الناظرين وتشككهم .
3- الموازنة بين أقوال من تحاور وأدلته وبراهينه: من الإنصاف في الحوار الاجتهاد في فهم آراء الخصم ضمن مرجعيتها والتزام العدل والنزاهة في تقييمها، فإذا وجد له قولا شنيعا وآخر محمود، فلا يبخسه حقه، فإن الله يقول: ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﭼ (الزلزلة: ٧ – ٨). قال السعدي في تفسير قوله تعالى: ﭽ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ (المطففين: ٢ – ٣): "دلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا: الحجج والمقالات؛ فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ما له من الحجج، فيجب عليه أيضا أن يبين ما لخصمه من الحجة التي لا يعلمها، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو. وفي هذا الموضع يُعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه" . وكذلك ينبغي الاعتراف بالفضل لأهله فيما يستفيده من محاوريه من فوائد ومعلومات "فإذا أخطئوا في شيء فليس من الواجب أن ينكر فضلهم في النظر وما راضوا به عقولنا" .

خاتمة:

في ختام الحديث عن المقاصد الشرعية للحوار، فإن الباحث قد توصل إلى جملة من النتائج والتوصيات، من أهمها:
أولا: أهم النتائج.
1- الحوار أمر ضروري لإقامة علاقات طيبة مع الآخرين، لأن الإنسان لا يستغني عن أخيه الإنسان في معاملاته اليومية وحياته الشخصية.
2- حث الشريعة الإسلامية على الحوار الهادف بين مختلف التوجهات وعلى جميع المستويات، مع حرصها على توفير المناخ المناسب لهذه الحوارات.
3- أن يصدر الحوار من أناس على مستوى من العلم والذكاء، مع عرض للمسائل عرضا موضوعيا وبأسلوب شيق ومهذب، ويتصفون بسلامة القلب من الغرور والتباهي والأنانية، ولا يخالطها الهوى.
4- حتى يحقق الحوار مقاصده لا بد أن يكون فعالا، وذا مضمون هادف يثير اهتمام الجهة المخاطبة، ومن مستلزمات هذا الأمر معرفة رغبات المخاطَبين وآمالهم وأهدافهم، مع توفر الحرية في إبداء الرأي.
5- الحوار من أنجع الوسائل لتحقيق جملة من المقاصد الشرعية، مثل:
- التعارف، فالحوار يساعد على إيجاد مساحة من التفاهم مع الآخر، يستطيع المسلم وغير المسلم التعامل من خلالها ضمن قدر مشترك من القيم الإنسانية النبيلة.
- التعاون، فالحوار يحقق دعوة الإسلام التعاونية التي لا تنحصر في نطاق الأمة التي كونها، بل تكون على نحو من السعة والشمول بحيث يسع "الحياة الإنسانية" بأكملها، دون تخصيص جانب على جانب، ولا طرف على طرف، مما كان له الأثر الجيد في "التواصل الحضاري بين الشعوب".
- التعايش السلمي بأن يحيى الناس في سلم وسلام قائمين على احترام متبادل يؤسس للاعتراف بالاختلاف، وتقبل الآخر، ويفسح المجال لمختلف الآراء. ويؤسس للاعتراف بالآخر، والحفاظ على حقوق الأقليات، ويسمح بالتعددية.
- الحوار يسهم في إحقاق الحق، ويساعد على التعرف على الإسلام، وشمولية رسالته العالمية العظيمة.
6- ليس من المقاصد الشرعية للحوار أن تتوحد الأديان في دين واحد، يختلط فيه الحق والباطل، لأن الحق يكشف زيف الباطل ويدحضه، ﭽ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭼ (الإسراء: ٨١).
7- لا يحقق أي حوار مقاصده وأهدافه المرجوة منه ما لم يكن قائما على جملة من الأسس ومنضبطا بجملة من الضوابط، مثل: التواضع، والمحاورة بالتي هي أحسن، والالتزام بالأسلوب الخالي من عبارات التجريح، والإتيان بالدليل الساطع والبرهان الناصع...
ثانيا: أهم التوصيات.
1- كلما كان الحوار أكثر فاعلية كلما كان أحوج إلى الملكة الأخلاقية التي على ضوئها تتوجه الشعوب سلبا أو إيجابا.
2- التعرف عن كثب على الآخر، والوقوف على طبيعة تفكيره بتنظيم لقاءات حوارية بين مختلف شرائح المجتمع.
3- إذا كان ديننا الحنيف يدعونا إلى الحوار مع الآخر ويحثنا عليه، فما بالنا اليوم نعمل على غلق منافذ الحوار فيما بيننا؟!

مصادر البحث ومراجعه:

1- القرآن الكريم.
2- ابن الأثير، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني: الكامل في التاريخ، تحقيق: عبد الله القاضي، الطبعة الثانية، بيروت، دار الكتب العلمية، (1415هـ).
3- البخاري، محمد بن إسماعيل: صحيح البخاري، طبعة مطابقة لطبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول، إستانبول، مؤسسة ألف أوفست، (1315هـ).
4- البيهقي، الحافظ الامام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى أبو أحمد. البيهقي. الخسروجردي: معرفة السنن والآثار عن الامام أبي عبد الله محمد بن أدريس الشافعي، تحقيق: سيد كسروي حسن، بدون طبعة، بيروت، دار الكتب العلمية.
5- الترمذي، محمد بن عيسى: الجامع الصحيح، تحقيق محمود محمد، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتب العلمية، (1421هـ2000م).
6- ابن تيمية، أحمد: مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن النجدي وابنه محمد، القاهرة، طبع إدارة المساحة العسكرية، تنفيذ مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، (1404هـ).
7- الحاكم، النيسابوري أبو عبد الله: المستدرك، بيروت، دار الكتاب العربي.
8- محمد بن عبد الله بن حمدويه: المدخل إلى الصحيح، تحقيق: د. ربيع هادي عمير المدخلي، الطبعة الأولى، بيروت، مؤسسة الرسالة، (1404هـ).
9- ابن حنبل، أحمد: الموسوعة الحديثية (المسند)، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرين، الطبعة الأولى، بيروت، مؤسسة الرسالة، (1420هـ1999م).
10- الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت: الفقيه و المتفقه، تحقيق: أبو عبد الرحمن عادل بن يوسف الغرازي، الطبعة الثانية، السعودية، دار ابن الجوزي، (1421هـ).
11- الخطيب، د. سليمان: فلسفة الحضارة عند مالك بن نبي، دراسة إسلامية في ضوء الواقع المعاصر، الطبعة الأولى، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، (1413هـ/1993م).
12- الديب، د. عبد العظيم محمد: الحوار والتعددية في الفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، المنصورة، دار الوفاء، (1417هـ/1996).
13- الدريني، د. فتحي: دراسات وبحوث في الفكر الإسلامي المعاصر، الطبعة الأولى، دمشق، دار قتيبة، (1418هـ/1998م).
14- الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتاب العربي، (1407هـ /1987م).
15- الرازي، فخر الدين محمد بن عمر التميمي: التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الطبعة الأولى، بيروت، دار الكتب العلمية (1421هـ /2000م).
16- ابن رشد، محمد بن أحمد: تهافت التهافت، تقديم وضبط وتعليق: د. محمد العريبي، الطبعة الأولى، بيروت، دار الفكر اللبناني، (1993م).
17- السعدي، عبد الرحمن بن الناصر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق محمد زهري النجار، الرياض، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
18- السيوطي، د. خالد: الحوار بين الديانات الثلاث في عصر العولمة، الطبعة الأولى، العجوزة، مكتبة الإيمان، (1423هـ/2003م).
19- الصالح، د. صبحي: الإسلام ومستقبل الحضارة، الطبعة الثانية، دمشق، بيروت، دار قتيبة، ودار الشورى، (1990م).
20- الصويان، أحمد بن عبد الرحمن: الحوار: أصوله المنهجية وآدابه السلوكية، الطبعة الأولى، الرياض، دار الوطن، (1413هـ).
21- الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم: المعجم الأوسط، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد ,‏عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، القاهرة، دار الحرمين، (1415هـ).
22- الطبراني، سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم: المعجم الصغير (الروض الداني)، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، الطبعة الأولى، بيروت، عمان، المكتب الإسلامي، دار عمار، (1405هـ/1985م).
23- طنطاوي، محمد سيد: أدب الحوار في الإسلام، د.ط، القاهرة، دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، (1997م).
24- ابن عاشور، محمد الطاهر: تفسير التحرير والتنوير، تونس، دار سحنون.
25- العسكري، د. سليمان، رئيس التحرير للكتاب العربي، رقم49: الإسلام والغرب، مجموعة من الكتاب، الطبعة الأولى، (2002م).
26- عجك، بسام داود: الحوار الإسلامي المسيحي: المبادئ التاريخ الموضوعات الأهداف، الطبعة الأولى، دمشق، دار قتيبة، (1418هـ/2003م).
27- ابن كثير، إسماعيل بن عمر القرشي أبو الفداء: البداية والنهاية، بيروت، مكتبة المعارف.
28- ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، إيران، دار الكتب العلمية، دون ذكر الطبعة والتاريخ.
29- القرشي، عبد الرحمن بن عبد الله: فتوح مصر وأخبارها، تحقيق محمد الحجيري، الطبعة الأولى، بيروت، دار الفكر، (1416هـ/1996م).
30- قطب، سيد: في ظلال القرآن، بيروت، دار الشروق، (1393هـ/1973م).
31- الكفوي، أبو البقاء أيوب بن موسى: الكليات، معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، مقابلة د. عدنان درويش، ومحمد المصري، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط2، سنة 1419/1998.
32- مسلم بن الحجاج: صحيح مسلم، المطبوع مع شرح النووي، بيروت، دار الفكر للطباعة، (1403هـ1983م).
33- ابن منظور، محمد بن مكرم: لسان العرب، بيروت، دار صادر، دون ذكر الطبعة والتاريخ.
34- المويل، محمد كمال: الحوار في القرآن الكريم، الطبعة الأولى، دمشق، دار الفارابي للمعارف، (1320هـ/2000م).
35- النووي، يحيى بن شرف: شرح النووي على صحيح مسلم، بيروت، دار الفكر للطباعة، (1403هـ1983م).

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك