الحوار الحائر بين الإسلام والغرب

الحوار الحائر بين الإسلام والغرب
بقلم : د‏.‏ فؤاد زكريا

أصبح موضوع الحوار بين الاسلام والغرب هو القاسم المشترك بين معظم اللقاءات والندوات التي تعقد بين مثقفين من العالم الاسلامي والعالم الغربي‏.‏

وعلي الرغم من ذلك فإن هذه اللقاءات كلها لم تسفر عن تفاهم بين الطرفين‏.‏

وفي اعتقادي أن الطريقة الحالية التي يجري بها هذا الحوار يستحيل أن تؤدي الي أية نتيجة مجدية‏,‏ وسبب ذلك هو أن الطرفين غير متفقين علي المفهوم الرئيسي في هذا الحوار وهو مفهوم الاسلام‏,‏ بحيث يسير الطرفان في خطين متوازيين لايلتقيان‏,‏ فالطرف الغربي حين يتحدث عن الاسلام يعني واقع الاسلام الحالي وممارساته العملية في العالم المعاصر‏,‏ والطرف الاسلامي حين يتحدث عن الاسلام يلجأ الي اقتباس النصوص المقدسة والاستشهاد بالروايات المأثورة عن السلف الصالح‏,‏ أي أن الفرق بين الطرفين هو الفرق بين العملي والنظري وبين الافعال والأقوال‏,‏ وبين مايجري في العصر الحاضر وماكان يحدث منذ قرون سحيقة‏,‏ وكلا الطرفين يرتكب خطأ أساسيا في هذا الحوار لأن الطرف الغربي يعمم ماتقوم به جماعات محدودة متطرفة علي العالم الاسلامي كله‏,‏ والطرف الاسلامي لايعيش في الجو العصري ويرفض الاعتراف بأن هناك وقائع ملموسة ومحسوسة لابد من التصدي لها‏,‏ ومن جهة أخري فإن الطرف الاسلامي لايدرك أن النصوص الاسلامية المقدسة لاتحمل حجية إلا لدي من يؤمنون بها‏,

‏ بينما هي في نظر الطرف الغربي كلمات بليغة غير قادرة علي أن تغير سلوك من يعتنقونها‏,‏ فلو أتينا بمئات النصوص الاسلامية التي تدعو الي التسامح والتراحم بين البشر فإن عملا عنيفا واحدا ترتكبه الجماعات المتطرفة التي ترتكب أفعالها باسم الاسلام كفيل بأن يمحو تأثيرها جميعا‏.‏

فمما يلفت النظر في موقف الطرف الاسلامي أنه لايحاول مواجهة الجماعات الارهابية المتطرفة التي هي سبب كل المشكلات القائمة بين الاسلام والغرب‏,‏ فمثلا لم تحاول الجهات الاسلامية الرسمية مثل الازهر الشريف أو منظمة المؤتمر الاسلامي أو المجلس الاعلي للشئون الاسلامية ان تصدر حكم إدانة ضد هذه الجماعات المتطرفة‏,‏ في الوقت الذي تقوم فيه بتكفير مفكر ابتعد قليلا في اجتهاده عن التفسيرات الاصولية مثل نصر حامد أبو زيد‏,‏ ولاتكتفي بذلك بل تفرق بينه وبين زوجته وتضطره الي أن يهيم علي وجهه في كثير من البلاد الاوروبية التي يستطيع ان يعيش فيها آمنا مع أن هذه الجماعات تسيء الي الاسلام ابلغ اساءة‏,‏ وهي في رأيي السبب الحقيقي وراء الرسوم المسيئة الي الرسول التي ظهرت في بعض الصحف الدانماركية والاوروبية‏,‏ فهذه الجماعات هم المسيئون الحقيقيون الي الاسلام بل انهم يمرغون سمعة الاسلام في الوحل في نظر العالم بأكمله عن طريق سلوكهم الوحشي واللا إنساني‏,‏ ولو عرفت الجهات الاسلامية الرسمية أن تتصدي بشكل حاسم لهذه الجماعات لأمكن أن يصل الحوار بين الاسلام والغرب الي النتيجة التي ترضينا وتدفع عن الاسلام الاتهامات التي يوجهها الغرب الينا‏
المصدر:
http://civicegypt.org/?p=6976

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك