الولايات المتحدة والمارد الإسلامي نحو علاقات دولية صحية
أضافه الحوار اليوم في
التحديات والضوابط
بقلم: د. محمد نعمان جلال
باحث في الدراسات الاستراتيجية الدولية
لقد عرفت المجتمعات المختلفة التغير السياسي سواء في شكل ثورات أو انقلابات أو في شكل تطور سلمي تدريجي، ووضح من خلال بعض الدراسات المقارنة ان التطور السلمي التدريجي هو أكثر فعالية وديمومة ويؤدي لاستقرار المجتمعات، بخلاف التطور الثوري الذي يحدث تداعيات بالغة الخطورة ويؤدي لحالة مزمنة من عدم الاستقرار، وللتدليل على ذلك يمكن ذكر الثورة الفرنسية التي امتدت حالة عدم الاستقرار الناتجة عنها في البلاد لقرن كامل من الزمن، وارتكبت خلالها أفظع الجرائم بحق الشعب الفرنسي، بل اعتداءات على الدول المجاورة بهدف ما أصبح يعرف بتصدير الثورة، أو السعي لتغيير النظم في الدول الأوروبية المجاورة.
الشيء نفسه يمكن أن ينطبق على الثورة الروسية عام 1917 أو الثورة الصينية التي امتدت من 1919 حيث ثورة الشباب، ثم تأسيس الحزب الشيوعي عام 1921 وحرب أهلية ممتدة حتى 1949، وصراع داخلي ممتد حتى .1978
المنطقة العربية أو الإسلامية لم تخل من مثل هذه الحالات، إذ ان مصر امتدت ثورتها من عام 1952 حتى هزيمة عام 1967، والعراق امتدت ثورته منذ 1958 في انقلابات متتالية وصراع داخلي لم يهدأ حتى الآن، وسوريا منذ الأربعينيات في ظل سلسلة الانقلابات المشهورة، ثم الديكتاتورية العسكرية الطائفية منذ عام 1970 حتى اندلاع الثورة الجديدة ضد النظام، التي مر عليها أكثر من عام ونصف عام. ليبيا والسودان ليسا استثناء إذ لدى كل منهما عدة انقلابات ومازال المستقبل لم يستقر.
هذه مقارنة بأوضاع دول عربية أخرى، ليست ديمقراطية حقيقية بالمفهوم الغربي، ولكنها حققت الاستقرار، ورفع مستوى المعيشة لسكانها، وتحسين خدماتها المتعددة في البنية الأساسية، ومازالت تواصل ذلك، وهذا لا يعني أنها أصبحت الجنة على الأرض فهذا غير متحقق في أي دولة، بما في ذلك الديمقراطيات الغربية مثل الديمقراطية البريطانية التي تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة، وعاشت لقرون عدة على استغلال الشعوب الأخرى فيما عرف بالظاهرة الاستعمارية، أما الديمقراطية الأمريكية فقد عاشت على قيادة مجموعة الانجلوساكسون المعروفة باسم الواصب PSAW، ولكن مع ذلك فان أحوال بريطانيا أو الولايات المتحدة نتيجة إيمانها بالتطور التدريجي، وان لكل مرحلة سمات، أن التقدم لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة، أفضل من دول غربية أخرى فضلا عن الدول النامية في كثير من مناطق العالم.
ولكن للأسف فإن المنطقة العربية عاشت في ظل مجموعة من الأفكار بعضها يعبر عن فكر طوباوي (خيالي)، وبعضها يعبر عن فكر يسعى لإعادة عقارب الساعة للوراء، ناسيا أن العالم يتغير، في البشر والفكر والتجارة والصناعة والثقافة والملابس والطعام والعادات والتقاليد، وبعضها يعبر عن الارتباط مع قوى خارجية إقليمية أو دولية تسعى للسيطرة أو الهيمنة، وهكذا فقدت كثير من القوى المجتمعية في المنطقة العربية ذاتيتها واستقلاليتها وهويتها تحت دعاوى مختلفة.
لا شك أن الولايات المتحدة كقوة عظمى لها أجندتها، فبعد أن اتبعت سياسة العزلة لما يقرب من قرنين من الزمن بعد استقلالها، وحققت التقدم والبناء، وإرساء دعائم القوة للدولة في ظل مفهوم الدولة الوطنية، ومما يعرف بالبوتقة الأمريكيةل gnitleM لصهر الأعراق والأجناس والأديان والطوائف كافة فيها، وإرساء البناء السياسي على أساس القانون والمساواة والعدالة، وتعزيز البناء الأمني على أساس التوازن بين الحرية والأمن بعد حدوث فترات من الرعب في فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحالة انتشار المكارثية ( نسبة للسيناتور مك كارثي1908-1957) في الخمسينيات نتيجة الرعب والهلع من التوسع الشيوعي، وأيضا حالة الانعزال مجددا بعد هزيمتها في الهند الصينية، عادت الولايات المتحدة بقوة لنشر فكرها وفلسفتها في تغيير العالم، وتوجيهه نحو ديمقراطيتها الحالمة، ناسية أن الديمقراطية في أمريكا، كما كتب المفكر الفرنسي اليكسي دي توكفيل (1805-1856) منذ عام 1832 أي زهاء قرنين من الزمن هي (وليدة) البيئة الجديدة والفكر الجديد، وانها مرتبطة في جزء منها بهجرة البروتستانت وفلسفتهم في العمل والإنتاج، ومبادئ الحرية وحكم القانون التي أرساها قادة الولايات المتحدة منذ الرئيس الأول جورج واشنطن ومن جاءوا بعده من الرؤساء، الذين كانوا نخبة من المثقفين مؤمنة بالقانون وأهمية الحفاظ على الدستور والتطور الديمقراطي التدريجي، نقول غيرت الولايات المتحدة مواقفها في نظرتها للسياسة الدولية، وتحولت إلى قوة استعمارية جديدة، وقوة تسعى للهيمنة ولتغيير العالم، وفقا للنموذج الأمريكي ووجدت ضالتها في صراعها الدولي مع الاتحاد السوفيتي السابق، ثم مع النظم الاستبدادية التي تحالفت معها لفترة من الزمن لأغراض ومآرب سياسية، ووجدت ضالتها مرة ثانية في الثقافة الإسلامية التي اعتبرتها ودعاتها من المتشددين والمتطرفين كأعداء دائمين وحلفاء مؤقتين حيث استخدامهم في أفغانستان، وأيضا في منهجها لتغيير الشرق الأوسط، وهي تدرك يقينا أن مثل هذا التغيير ليس مسألة سهلة، ومن هنا ابتكرت نظريتين هما نظرية صدام الحضارات، ونظرية الفوضى الخلاقة اللتان مؤداهما تدمير الدولة لإعادة بنائها.
ولذلك لا عجب أن قادة التيارات الإسلامية السنية والشيعية الذين تسلموا السلطة في السنوات الأخيرة كان كثير منهم يعيشون في الولايات المتحدة، وتعلموا في جامعاتها، ودرسوا في مدارسها، بما في ذلك المدارس والجامعات الأمريكية في الشرق الأوسط مثل الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج فيها أكثر قادة الفصائل الفلسطينية تطرفا، في حين كان من المفترض أن يحدث العكس، والشيء نفسه بالنسبة لمعظم القيادات الإسلامية التي ظهرت في مرحلة ما عرف بالربيع العربي، ولا أدري كيف يكون ربيعا، وكل هذه الدماء التي سالت في ليبيا واليمن وبدرجة أقل في مصر وتونس، وبدرجة أكثر عنفا وفظاظة تتناقض مع كل القيم الإنسانية والمبادئ الدينية في العراق وسوريا وإلى حد ما في لبنان.
هذا هو ما اسميه مارد الإسلام السياسي وهو لا يحمل من الإسلام سوى الاسم، وليس السلوك، وليس القيم، وليس المبادئ، ويعيش أحيانا في حالة من الشعارات المتناقضة التي تقول شيئا وتفعل شيئا آخر، والأغرب أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية في احتضانها لما يمكن أن نطلق عليها الظاهرة الإسلامية أو الإسلام الأصولي قدمت اللجوء السياسي والمساعدات والتأييد للقادة المتطرفين من هذا التيار، وفي كثير من الحالات لم تشجع تيار الاعتدال الذي يعبر عن اقتراب من الفكر والمبادئ الإسلامية السليمة. وعندما ما أصاب أوروبا أو أمريكا بعض من شظايا خروج المارد من القمقم، انقلبت السياسة الأوروبية والأمريكية إلى النقيض، فوضعت أمريكا قانون الوطنية زباتريوتز tcA toirtaP وأصدرت العديد من الدول الأوروبية قوانين قريبة من ذلك، وأصبح الحصول على تأشيرة إلى أوروبا كما لو كانت تأشيرة للجنة المفقودة، وأصبح كل مسلم عادي معتدل موضع شبهة بخلاف المتطرفين وأشباههم، من العاملين ضد بلادهم.
ونتساءل هل هذا تعبير عن نظرية المؤامرة ضد الإسلام والمسلمين (أم تعبير عن نظرية صدام الحضارات أو نظرية الفوضى الخلاقة) من أجل نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا هدف نبيل ولكن أحيانا يتم تغليف الأهداف الكامنة في شعارات ذات بريق أو أهداف نبيلة؟
لا ندري فالأسماء دائما لا تدل على المسميات والأهداف المعلنة ليست بالضرورة هي الأهداف الحقيقية بل أحيانا تدل على العكس.
الشيء نفسه يمكن أن ينطبق على الثورة الروسية عام 1917 أو الثورة الصينية التي امتدت من 1919 حيث ثورة الشباب، ثم تأسيس الحزب الشيوعي عام 1921 وحرب أهلية ممتدة حتى 1949، وصراع داخلي ممتد حتى .1978
المنطقة العربية أو الإسلامية لم تخل من مثل هذه الحالات، إذ ان مصر امتدت ثورتها من عام 1952 حتى هزيمة عام 1967، والعراق امتدت ثورته منذ 1958 في انقلابات متتالية وصراع داخلي لم يهدأ حتى الآن، وسوريا منذ الأربعينيات في ظل سلسلة الانقلابات المشهورة، ثم الديكتاتورية العسكرية الطائفية منذ عام 1970 حتى اندلاع الثورة الجديدة ضد النظام، التي مر عليها أكثر من عام ونصف عام. ليبيا والسودان ليسا استثناء إذ لدى كل منهما عدة انقلابات ومازال المستقبل لم يستقر.
هذه مقارنة بأوضاع دول عربية أخرى، ليست ديمقراطية حقيقية بالمفهوم الغربي، ولكنها حققت الاستقرار، ورفع مستوى المعيشة لسكانها، وتحسين خدماتها المتعددة في البنية الأساسية، ومازالت تواصل ذلك، وهذا لا يعني أنها أصبحت الجنة على الأرض فهذا غير متحقق في أي دولة، بما في ذلك الديمقراطيات الغربية مثل الديمقراطية البريطانية التي تعاني مشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة، وعاشت لقرون عدة على استغلال الشعوب الأخرى فيما عرف بالظاهرة الاستعمارية، أما الديمقراطية الأمريكية فقد عاشت على قيادة مجموعة الانجلوساكسون المعروفة باسم الواصب PSAW، ولكن مع ذلك فان أحوال بريطانيا أو الولايات المتحدة نتيجة إيمانها بالتطور التدريجي، وان لكل مرحلة سمات، أن التقدم لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة، أفضل من دول غربية أخرى فضلا عن الدول النامية في كثير من مناطق العالم.
ولكن للأسف فإن المنطقة العربية عاشت في ظل مجموعة من الأفكار بعضها يعبر عن فكر طوباوي (خيالي)، وبعضها يعبر عن فكر يسعى لإعادة عقارب الساعة للوراء، ناسيا أن العالم يتغير، في البشر والفكر والتجارة والصناعة والثقافة والملابس والطعام والعادات والتقاليد، وبعضها يعبر عن الارتباط مع قوى خارجية إقليمية أو دولية تسعى للسيطرة أو الهيمنة، وهكذا فقدت كثير من القوى المجتمعية في المنطقة العربية ذاتيتها واستقلاليتها وهويتها تحت دعاوى مختلفة.
لا شك أن الولايات المتحدة كقوة عظمى لها أجندتها، فبعد أن اتبعت سياسة العزلة لما يقرب من قرنين من الزمن بعد استقلالها، وحققت التقدم والبناء، وإرساء دعائم القوة للدولة في ظل مفهوم الدولة الوطنية، ومما يعرف بالبوتقة الأمريكيةل gnitleM لصهر الأعراق والأجناس والأديان والطوائف كافة فيها، وإرساء البناء السياسي على أساس القانون والمساواة والعدالة، وتعزيز البناء الأمني على أساس التوازن بين الحرية والأمن بعد حدوث فترات من الرعب في فترة الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحالة انتشار المكارثية ( نسبة للسيناتور مك كارثي1908-1957) في الخمسينيات نتيجة الرعب والهلع من التوسع الشيوعي، وأيضا حالة الانعزال مجددا بعد هزيمتها في الهند الصينية، عادت الولايات المتحدة بقوة لنشر فكرها وفلسفتها في تغيير العالم، وتوجيهه نحو ديمقراطيتها الحالمة، ناسية أن الديمقراطية في أمريكا، كما كتب المفكر الفرنسي اليكسي دي توكفيل (1805-1856) منذ عام 1832 أي زهاء قرنين من الزمن هي (وليدة) البيئة الجديدة والفكر الجديد، وانها مرتبطة في جزء منها بهجرة البروتستانت وفلسفتهم في العمل والإنتاج، ومبادئ الحرية وحكم القانون التي أرساها قادة الولايات المتحدة منذ الرئيس الأول جورج واشنطن ومن جاءوا بعده من الرؤساء، الذين كانوا نخبة من المثقفين مؤمنة بالقانون وأهمية الحفاظ على الدستور والتطور الديمقراطي التدريجي، نقول غيرت الولايات المتحدة مواقفها في نظرتها للسياسة الدولية، وتحولت إلى قوة استعمارية جديدة، وقوة تسعى للهيمنة ولتغيير العالم، وفقا للنموذج الأمريكي ووجدت ضالتها في صراعها الدولي مع الاتحاد السوفيتي السابق، ثم مع النظم الاستبدادية التي تحالفت معها لفترة من الزمن لأغراض ومآرب سياسية، ووجدت ضالتها مرة ثانية في الثقافة الإسلامية التي اعتبرتها ودعاتها من المتشددين والمتطرفين كأعداء دائمين وحلفاء مؤقتين حيث استخدامهم في أفغانستان، وأيضا في منهجها لتغيير الشرق الأوسط، وهي تدرك يقينا أن مثل هذا التغيير ليس مسألة سهلة، ومن هنا ابتكرت نظريتين هما نظرية صدام الحضارات، ونظرية الفوضى الخلاقة اللتان مؤداهما تدمير الدولة لإعادة بنائها.
ولذلك لا عجب أن قادة التيارات الإسلامية السنية والشيعية الذين تسلموا السلطة في السنوات الأخيرة كان كثير منهم يعيشون في الولايات المتحدة، وتعلموا في جامعاتها، ودرسوا في مدارسها، بما في ذلك المدارس والجامعات الأمريكية في الشرق الأوسط مثل الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج فيها أكثر قادة الفصائل الفلسطينية تطرفا، في حين كان من المفترض أن يحدث العكس، والشيء نفسه بالنسبة لمعظم القيادات الإسلامية التي ظهرت في مرحلة ما عرف بالربيع العربي، ولا أدري كيف يكون ربيعا، وكل هذه الدماء التي سالت في ليبيا واليمن وبدرجة أقل في مصر وتونس، وبدرجة أكثر عنفا وفظاظة تتناقض مع كل القيم الإنسانية والمبادئ الدينية في العراق وسوريا وإلى حد ما في لبنان.
هذا هو ما اسميه مارد الإسلام السياسي وهو لا يحمل من الإسلام سوى الاسم، وليس السلوك، وليس القيم، وليس المبادئ، ويعيش أحيانا في حالة من الشعارات المتناقضة التي تقول شيئا وتفعل شيئا آخر، والأغرب أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية في احتضانها لما يمكن أن نطلق عليها الظاهرة الإسلامية أو الإسلام الأصولي قدمت اللجوء السياسي والمساعدات والتأييد للقادة المتطرفين من هذا التيار، وفي كثير من الحالات لم تشجع تيار الاعتدال الذي يعبر عن اقتراب من الفكر والمبادئ الإسلامية السليمة. وعندما ما أصاب أوروبا أو أمريكا بعض من شظايا خروج المارد من القمقم، انقلبت السياسة الأوروبية والأمريكية إلى النقيض، فوضعت أمريكا قانون الوطنية زباتريوتز tcA toirtaP وأصدرت العديد من الدول الأوروبية قوانين قريبة من ذلك، وأصبح الحصول على تأشيرة إلى أوروبا كما لو كانت تأشيرة للجنة المفقودة، وأصبح كل مسلم عادي معتدل موضع شبهة بخلاف المتطرفين وأشباههم، من العاملين ضد بلادهم.
ونتساءل هل هذا تعبير عن نظرية المؤامرة ضد الإسلام والمسلمين (أم تعبير عن نظرية صدام الحضارات أو نظرية الفوضى الخلاقة) من أجل نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وهذا هدف نبيل ولكن أحيانا يتم تغليف الأهداف الكامنة في شعارات ذات بريق أو أهداف نبيلة؟
لا ندري فالأسماء دائما لا تدل على المسميات والأهداف المعلنة ليست بالضرورة هي الأهداف الحقيقية بل أحيانا تدل على العكس.
الحوار الخارجي: