المسلمون في كندا وعالم من التطوّر والتمييز

ويُظهِر آخر إحصاء للسكّان أنّ الإسلام هو الديانة رقم واحد بين العقائد والديانات غير المسيحيّة. وتوزيع المذاهب النصرانيّة كالتالي: الرومان الكاثوليك 42.6%، البروتستانت 23.3%، نصارى آخرون 4.8%، غير معروفين 16%، آخرون 11.8%.
أوّل مجلس للمنظّمات والجمعيّات الإسلاميّة تكوّن في أوائل السبعينات، وتكوّن أول مجلس شرعيّ إسلاميّ يُطبق الشريعة الإسلاميّة عام 1994م.
ويُعدّ مسجد الرشيد أوّل مساجد كندا؛ أُنشئ عام 1938م. ويبلغ عدد المساجد والمصلّيات التابعة للمؤسّسات الإسلاميّة العاملة بمدينة تورنتو وحدها، حيث يتركّز الجانب الأكبر من مسلمي كندا 200 مسجد ومصلّى؛ هذا بخلاف المقاطعات الأخرى.
وتمّ اعتراف سلطات التعليم الكنديّة رسميّاً بالدين الإسلاميّ عام 1973.
والمتابع لأحوال هذه الأقليّة المسلمة وخصائصها يرى أنّها شبيهة بالأقليّة المسلمة في الولايات المتحدة، إن لم تكن امتداداً لها، ولكن مع بعض الاختلافات الخاصّة بالنشأة والتركيبة العرقيّة؛ حيث نرى أنّ الأصول العربيّة تغلب على مسلمي كندا إلى جانب أعداد كبيرة من أصول باكستانيّة وهنديّة، وكذلك من شرق آسيا وجنوب أوروبا والبلقان، وهؤلاء جميعاً حملوا معهم العقيدة الإسلاميّة مغلّفة في ثقافات متعدّدة إلى بلد يقوم أساساً على تعدّد الثقافات المهاجرة إليه، سوى عدد قليل من قدامى الكنديين الذين اعتنقوا الإسلام، وهو ما تختلف فيه هذه الأقلية عن الأقليّة المسلمة في الولايات المتحدة.
وبالرّغم من صغر حجم الأقليّة المسلمة نسبيّاً في كندا، إلا أنّها بحكم انتشارها في المقاطعات جميعها مع تركيزها على المناطق الآهلة بالسكّان وعلى بعض الأنشطة الحيوية؛ يجعلها ذلك تبدو أكثر من حجمها، كما أنّ تعاملها مع وسائل الاتصال وقنواته المتعدّدة أعطاها ميزة، إلا أنّها تواجه بعض المشكلات حيث إنّ معظم المؤسّسات الإسلامية ليس لديها ميزانيّة مخصّصة للعلاقات العامّة أو برامج للتواصل أو ممارسة أيّ نشاط بجانب الخدمات الدينيّة، وتعدّ هذه مشكلة خطيرة للغاية تواجه الأقليّة المسلمة.
وكذلك التمثيل السياسيّ للمسلمين في كندا والعلاقات مع وسائل الإعلام، وإيجاد صلات وعلاقات مع الحكومة المحليّة والوكالات غير الحكوميّة إلى جانب انحياز الحكومة الكنديّة إلى إسرائيل في كثير من القضايا. ولم يتمّ بذل أيّ جهد يُذكر من أجل تغيير ذلك، بالرّغم من أنّ السنوات القليلة الماضية قد شهدت تزايداً من جانب الأقليّة المسلمة في المشاركة في الحياة السياسيّة والمدنيّة بكندا، وقد شهدت الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة مشاركة كبيرة من جانب الأقليّة المسلمة، سواء كان ذلك على مستوى الترشيح أو الإدلاء بالأصوات.
ورغم ترشّح العديد من المسلمين المنتمين للأحزاب كافّة إلا أنّ عدداً قليلاً منهم فقط حقّق الفوز. وذكر المجلس الإسلامي الكنديّ أنّ نسب حضور المسلمين كانت أعلى من نسب حضور الكنديين بشكل عام في الانتخابات البرلمانيّة.
وللتعليم بين أبناء المسلمين في كندا شأن؛ حيث اعترفت سلطات التعليم الكنديّة رسمياًّ بالدين الإسلاميّ، وأصبح من مقرّرات الدراسة مع الأديان الأخرى لطلبة المرحلة الثانويّة، كما تلت ذلك مشروعات لتنظيم محاضرات عن الإسلام للمعلمين الذين أُوكل إليهم تدريس هذه المقرّرات. وقد نشط مجلس الجماعات الإسلاميّة لمراجعة الكتب المقرّرة لتصحيح الأخطاء التي كانت شائعة فيها عن الإسلام، ويُعدّ ذلك مدخلاً أساسيّاً في هذه المرحلة التعليميّة لتنقية الإسلام من الشوائب التي كانت قد لحقت به سواء كان ذلك جهلاً أو عمداً.
أمّا عن المشكلات التي تواجه المسلمين اجتماعيّاً فقد كانت مسألة إنشاء محاكم لقضايا الأسرة المسلمة أحد أهمّ المعوّقات التي سعوا إلى حلّها؛ حيث أعلن دالتون ماكغينتي رئيس وزراء إقليم أونتاريو بكندا أنّ حكومته تراجع تقريراً تقدّم به النائب العام السابق بالإقليم يقترح إنشاء محاكم شرعيّة للمسلمين في المنازعات الأسريّة أسوة بالمحاكم الخاصّة باليهود والكاثوليك، وقال: إنّه يؤيّد إقامة مثل هذا النّوع من المحاكم.
وأثار احتمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في قضايا الأسرة مظاهرات محدودة في عدد من المدن الكنديّة ترفض إنشاء مثل هذه المحاكم.
ومن جانبهم استنكر الزعماء المسلمون والمسؤولون الكنديّون مزاعم المتظاهرين، قائلين: إنّ حرمان مسلمي كندا من حقّهم في حلّ منازعاتهم الأسريّة أمام محاكم تقوم على أحكام الشريعة الإسلامية يمثل نوعاً من التمييز بين أفراد الشعب الكنديّ، وأشاروا إلى أن محاكم الكاثوليك واليهود لم تلقَ المعارضة نفسها عندما صرّحت بها الحكومة منذ 14 عاماً.
وقد تصاعدت مؤشرات العنصرية والاضطهاد تجاه المسلمين في كندا منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر؛ وذلك بسبب اتّباع الحكومات الكنديّة سياسات الولايات المتّحدة، وهو ما جعل من حياة مواطنيها المسلمين أمراً صعباً؛ حيث يعامل المسلمون بشكل من الشكّ والريبة والتضييق في الوظائف والخدمات.
المصدر: البيان