في سبيل ثقافة إسلامية صحيحة

كلنا نعلم ان التصميمات الاصلية للانظمة الثقافية في كل امة هي خير ما يسعد به المجتمع ومن خير الوسائل لانماء ضمير المواطنين وتقوية احساسهم وكفالة مستوياتهم وانعاش المعاني السامية فيهم.   وليس بوسعنا ان نتحدى هذا النظام او نوقف تياره_متى شق طريقه_او نقيس مدى قدرته وتصرفه في توجيه الحياة الانسانية بمذاهب وتيارات وبمواقف اخرى في الحياة بالغة ما بلغت صلتها بالانسان وبئافاقه وبانطلاقاته.  
وربما يكون لهذه المواقف بعض النجاح في فترة من فترات التاريخ،  ولكن في الحقيقة ليس ذلك راجعا الى اصالة هذه المواقف وهذه المئاخذ في الدفع والعطاء البعيدة الصلة باللون الثقافي،  وانما لعوامل اخرى قد تكون ايضا من معطيات الثقافة ساءت نسبتها الى غيرها.  
ان اكبر ما تعتمد عليه التطورات الانسانية تفاعلها المستمر هي الانظمة الثقافية التي ارادها الله اتكوين اداة لتصفية جميع متناقضات الحياة،  واتمثبل الظاهرات الحضارية،  وعاملا قويا من عوامل الاستمرار القومي،  وباعثا على خلق وحدة منسجمة واعية مطبوعة بطابع الشمول والتمثل والخلود.   وجدير بنا ان نعرف ان ايو وحدة كيفما كانت_لا يمكن لها ان تعيش الا على اساس وحدة ثقافية مشتركة وداخل حدودها،  فلن تبنى على اساس اقتصادي او عسكري او سياسي،  واذا قدر لاية وحدة ان تعيش على غير حرارة الرصيد الثقافي فغالبا ما تكون حاملة لعناصر فنائها ويقضي عليها في اهابها.  
مثل هذا يدفعنا الى القول ان من شأن الثقافات _في صفاء جوهرها_ان لا تعكس خلافات ولا ان تسهم في ميلاد مشاكل قد تسئ الى الناس،  ولا ان تبعد بهم عن مجرى الحياة،  ولا ان تفصلهم عن مجتمعاتهم،  ولا ان تعهد للانسان في اعقاب التاريخ ان يهدم ما بناه الانسان الاول بدمه وعرقه المتصبب.   وانما ابتعدت عن اداء رسالتها يوم ابتعد الناس بها عن مسالكها المألوفة،  وجفت عن الاستجابة الطبيعية لها في اليوم الذي طغى عليها الفساد والتعمل والجمود.   تلك الاستجابة التي ارادها الله تعالى لتعوض الانسان عما يجد في نفسه من شقاء،  وفي مجتمعه من تخلف،  وفي خلقه من انتكاس.  
واذا قسنا الثقافات المختلفة بعضها الى بعض وعجمنا نتائجها،  ووقفنا على اهدافها،  نجد ان الثقافة الاسلامية_في خصائصها الاولى_هي اجدى ثقافة على الانسانية،  وخير نظام ثقافي تتمثل فيه العقيدة والشريعة والمجتمع والدولة والسياسة وادب الناس وسلوكهم وحربهم وسلمهم_تمثيلا يهدف الى بث الروح الجماعية،  وخلق ضمير حي،  وشعور قومي مشترك،  وادماج حياة الفرد وهو راضي النفس في حياة الجماعة،  وقد مرت عليهاقرون طويلة دلت فيها التجربة والاختبار الدقيق على نجاحها الواسع،  وعلى انتصاراتها المتصلة،  وعلى مسايرتها ااتمدد الانساني العام.  
واذا كنا نشهد مشاهد جديدة على مهاد واقعنا الثقافي المرير الذي نعيش فيه اليوم_مشاهد تجر وراءها ظلال من الريبة والخطيئة والعقوق والفراغ المهول_فليس ذلك راجعا الى انتهاء امد انطلاقها،  او تأخرها عن اداء مهمتها،  وانما يعود بالذات الى تلك الاساءات المتعددة من جانب المسلمين انفسهم،  ممن تسمم تفكيرهم،  وساء فهمهم للاسلام جملة وتفصيلا،  ففتحوا بذلك نوافذ الشك والتشكيك في صلاحيتها،  وفعاليتها،  وتصرفت حظوظهم المختلفة تصرفا غير لائق،  سواء في ذلك حاملو الثقافة القديمة او الثقافة الجديدة،  فان كلا الفريقين لم ينطبع بالطابع الثقافي الاصيل الذي يتصل بتاريخ الامة الطويل،  ليغذي فيهم ذلك الشعور المشترك الممتد مع غرائز قوميتهم المجيدة التي يكافحون من اجلها،  ولست بمتجاوز درجة الاعتدال اذا قلت ان هناك جانبا من المثقفين يتسم بطابع الجفاف والجمود عن تفهم خصائص هذه الثقافة،  وتكون في ظل هذه الفترة الكاسفة نفسيات ضعيفة،  ومجتمعات متخلفة،  وشعور امي بالدين وبالثقافة وبالواقع في زحمة عالم متطلع الى حياة جديدة،  لها مفاهيمها ولها مطاليبها.  
كان من النتائج السيئة لذلك ان ذرت قرون _في مختلف العصور_من سدنة الفكر الاسلامي وحملة ميراثه_في زعمهم_ملأوا فراغهم الواسع بدراسة ذاتية       وفي نطاق ضيق متصلة بشعور فردي وظلوا يدورون حول نفوسهم،  ويتحللون من واقع حياتهم،  ويعقدون هذه الثقافة ويمجدونها ويهملون كل الفرص لربط ما بين دين الناس ودنياهم من صلات ترفع من قيمة الفرد وترعى الجماعة.  
وقد وجدوا في المدونات والمصادر التشريعية الاسلامية مهيعا ناضرا ومجالا خصبا لاستثمار هذه الحياة الفكرية القاصرة،  وترويجها من اجل تنمية ملكة عقلية ومران فكري كما يدعون،  مع ان ما كانت تلك الوثائق الاسلامية في يوم من الايام لتهدف الى هذا وتسوق الى الناس الخيبة والضياع.  
وانما سيقت اليهم_فضلا من الله تعالى ونعمة_لتصون مصالحهم،  وتقيم عدل الله بينهم،  وتستجيب لما جد في الحياة،  وتلائم بين حاجات الناس وبين مئاخذ الاسلام الكبرى.  
وان يكن لابد من هذه الدراسة على هذا الشكل في كتب مشحونة بالموخذات والافتراضات والمحاكمات،  فلن تكون هذه الدراسة الا على انها دراسة تاريخية يعلق بها الترف الفكري على النحو الذي يطلع الناس بلون التأليف،  ولون الفكر المتحكم،  ولون المؤثرات الذي تاثرت به الطبقة المثقفة في جدالها وفي تفكيرها وفي فهمها للاشياء.  
وما كان هذا ليشغلنا عن النظر في الاوضاع الثقافية الحديثة التي يبدو من اهتماماتها الاولى انها تبذل مجهودات جمة لاستيصال ذلك الارتباط العميق التاريخي بين الناشئة ودينها،  وتحرير الاجيال الصاعدة من ربقته،  وطبعهم بطابع متميز يعمل على تنمية قوى مجهولة في نفوسهم لا تنتهي في مصادرها ولا في مواردها الى رأي واضح.   وهناك اتجاهات مرسومة تعمل باكثر من وسيلة معتمدة على وسائل النشر والاذاعة والافلام والارساليات التبشيرية،  واكداس الكتب والابحاث ومناهج الدراسات ونشاط السفارات_لاجتذاب العقول الضعيفة واستضعاف العقول القوية،  وانتزاع ما فيها من نزوع الى الفكرة القومية لتحل محلها ذهنيات وانطباعات يكون لهل تأثيرها السئ على مستويلتنا عن طريق الفن والفكر والادب.  
وقد كان كمال الدين حسين المصري وزير التربية على علم بخطورة هذه المنافسة الثقافية الكاسحة وعلى حق فيما قال:يجب على المعلمين ان يستأصلوا من اذهان الناشئة كل ءاثار السيطرة الثقافية الانكليزية والفرنسية_.   وايا ما كان الامر وكيفما كان ثقل هذه الاوضاع الخاطئة لهذه الطبقة من المثقفين من الطائفتين،  فان الاسلام لا يكتفي بالاستغناء عنهم،  بل يؤكد على ضرورة مكافحتهم والتمييز بين الخلط الذي احدثوه ونحن نحرص الحرص كله علة ان ينتهي هذا المظهر السخيف للدين_لان العدو يعتبره امضى سلاح في يده،  لانه يعمل في صمت،  وفي هدوء صوت وتستر عن العيون_وينتهي هذا الفهم المنحرف للدين ولثقافته ولكن لا تنتهي بانتهائه تلك الرسوم الحقيقية لهذا الدين السالمة من الاضافات المدسوسة  .   كل هذا مما سبق ذكره فتح امام اعداء الاسلام مجالا للحديث عنه وهم راضون عن انفسهم فيما يلفقون عليه من مواقف،  فانك قد تراهم يتحدثون باعجاب عن الحركات الثقافية وعن المواقف الفكرية في العالم،  ولكنهم حينما يتحدثون عن الاسلام وعن ثقافته نراهم  تحجبهم عوامل عن النظر الى ذلك نظرة مخلصة لوجه الحق ولوجه التاريخ.  
ولكنهم لم يقفوا عند هذا الحد بل اضافوا الى ذلك:انه اذا صحت الشكوى من ثقافة الاسلام،  فلان طبيعتها يخالفها الصواب دائما لانها تنظر الى الاشياء على هذه الاسس الموضوعة_عندهم_بدقة:ضعف حس الواقع،  والكفر بمبدأ التطور،  وسيطرة الاوهام والخرافات.  
لذا كان مما لا محيد عنه_في نظرهم_ان تتولد عن ذلك عدة مشاكل،  شغلت بال الراصدين منهم_للسير الثقافي الاسلامي،  وخاصة بعد ما شاهدوا ميلاد تركيبات فكرية وثقافية،  واختلفت بعد ما شاهدوا ميلاد تركيبات فكرية وثقافية نشأت عنها نظم اجتماعية وثقافية،  واختلفت وسائل التعبير والاداء عنها،  ووسائل نشرها واستيعابها،  واختلفت الاشكال الدراسية،  واحتكت بهذه الاشكال مفاهيم جديدة،  وجدوا في ذلك كله دافعا قويا الى ان يشغلوا انفسهم ويشغلوا الناس معهم بميلاد هذه المشاكل التي كان فعل الاسلام فيها سلبيا في نظرهم_وكان اثره فيها عديم اللون،  فامتدت المشاكل بحكم مرور الزمن_الى ميادين ضحلة انتهت به الى نقطة التخلف والاستحالة ولربما يكشف عن هذه المشاكل الواقع الثقافي الاسلامي كما يقولون في صورة الآتية:ما مدى التلاؤم بين مستويات الثقافتين،  ومامقدار الاستفادة التي تنهل منها البلاد ازاء مشاريعها الجديدة،  وازاء ملحمة التصنيع،  واخضاع الحياة للوسائل الحديثة:في نظام القرية،  وفي نظام العمل،  وفي نظام الحكم،  وفي نظام  الاسرة،  وفي جميع الانظمة الاجتماعية،  لتغير نظامها المتخلف القائم وتحيله الى نظام اسعد وانفع،  وما هو السبيل الى تجنب الازدواج الضار في نظم التربية_في النظام الثقافي والمناهج المشتركة الذي لا قبل لنا به،  والذي هو واجب مفروض على حساب الثقافة الاسلامية،  لان توقف سير هذه الثقافة عن مسايرة باقي الثقافات_كما يقولون_وعدم استجابتها لمطاليب الحياة_كدراسة لا صلة لها بالواقع ولا بمستويا ت التطورات العالمية الاخرى،  قد ساعد كثيرا ان لم يكن العامل الرئيسي_على خلق هذا الازدواج،  كما ساعد على ايجاد جو قاتم بين الطبقة المثقفة في الوطن الواحد،  وساهم في خلق مصاعب وموجات ضاعت وسط ضجتها جهود وامال معقودة بنواحي الفكر الصحيح.   .   ونتائج الوعي السليم في انتشال المجتمع من ءافاته،  وتقدير خطواته وفي الاخلاص له،  والاستجابة لمطالبه وحفظ التوازن بين قوى التطور فيه،  هكذا يقدمون لنا هذه التفسيرات تبريرا لمواقفهم.  
وان يكن لا مناص لنا من الاعتراف بسوء حظوظ المسلمين من ثقافتهم وبسوء عرضهم لها حيث صار طابع العصر الحديث يكمن في حسن العرض والاداء،  وبفهمهم المنحرف الناشئ عن تلك الايحاءات الثقافية المتباينة التي ليست من وحي التراث القومي المشترك الذي يجمع الناس في صعيد واحد ويطبعهم بطابع الشمول والعمق في الهاماتهم الانسانية المشتركة،  ويعين_بالتأكيد_على ربط الشعور والتفكير برباط واحد_فانه لا مناص لنا من الاعتراف ايضا بسوء تقويم الناس للخلق الثقافي الاسلامي ممن يريدون انتزاع الكفالة التاريخية منه التي وهبها له الله تعالى.  
ولم يبق امرا مكتوما عن الناس ما لقيه الاسلام منهم من تهوين وتشنيع وتزوير وخلط جاهل او معتمد بين الاسلام وثقافته،  وبين المسلمين وثقافتهم خلطا لا يعدو مظهرا لمنطق الاحقاد والاطماع.   وقد لا اكون مغاليا اذا ما قلت انه اصبح من العسير جدا ان نوفق بين منطق الثقافة الاسلامية_في جورها_وبين فهم الناس لها طالما بقيت تلك الدوافع الاولى والاخيرة من دراستهم مستمدة من دراسات غير نزيهة ملفقة مجزئة لاسرار الاسلام ولمقاصده على غرار تجزئتهم  لاممه وشعوبه،  وقد كان في الاماكن _لو تجردوا عن الملابسات_ان يظفروا باحسن حظ من دراستهم وتتكون لديهم فكرة ممتدة سليمة عنه قد تتجاوز بصر اقدامهم،  وتتجاوز حدود الغرض الى ميدان القصد والاعتدال في البحث لوجه الحق.  
وقد يكفينا في سياق الرد على هذه التجنيات _في صور مشاكل واستنتاجات_ان نذكرهم_واخال اننا في حل وفي غنى عن الرد التفصيلي_بامتداد الحياة الاسلامية بفضل تمدد ثقافتها،  فقد استوعبت امما وشعوبا وانتظمت فيها شؤون دنيا الناس انتظامها لدينهم واستظلوا بظلالها في غير قسوة ولا اكراه.  
وكل ما يعلمه الانسان من بين التطورات الثقافية انها تفسح صدرها لكل التركيبات الفكرية وخاصة عندما تجد الالف الحضاري منذ اللحظة من حياة الاسلام يقفز من بلد الى بلد لا يحرم معه اتباعه من استمتاعهم بثمرات الاحتكاك العلمي،  ولا من كل ما يقع على سمعهم وعلى بصرهم من كل ما جد في الحياة.  
وقد كانت نماذج من ذوي الافكار الحية الواعية من المسلمين تظهر من حين لآخر تقيم ما مال من تعاليم الاسلام،  وترد عليه هيبته،  وتحفظ عليه كرامته،  وتساعد الناس على فهم ما في الثقافة الاسلامية من معنى صحيح وشامل لاستدرار اخلاق الثقافات كلها والاستفادة منها وافراغها في قالب اسلامي.   وكان اعظم مظهر لذلك في مطلع نهضة الاسلام الفكرية نشوء فكرة المعتزلة_كتفكير تجريدي_فقد استطاعوا ان يخلقوا جوا فكريا متحررا رائعا وسط سلطة زمنية محافظة قاهرة،  وقد كان في الامكان ان تنال منهم البلاد مواريث ضخمة ويصيبها منهم كسب كبير لولا تدخل عوامل سياسية كان من نتائجها السيئة فيها تضحيات،  وكان لها ضحايا كثيرون من ذوي الافكار المخنوقة.  
وانت تذكر بعض الرجال المعدودين من مفاخر الثقافة الاسلامية في كل عصر من العصور الاسلامية في القديم والحديث حتى تصل الى القرن العشرين،  فنضع ايدينا على امثال جمال الدين الافغاني ومحمد عبده والكواكبي ورشيد رضا والخولي وغيرهم قدس الله ارواحهم،  فلماذا بقيت اسماؤهم لامعة مع مرور الزمن،  وعالقة باذهان الناس،  ومرتبطة مع التاريخ؟
لالشيء،  الا لان دعوات المصلحين تقوم اساس تمثيل فكرة يراد لها الانتصار،  لا على اساس شخصية يراد لها البروز والظهور والشهرة على حساب الجماهير،  ثم اذا تحدثوا عن مواقف فكرية خالدة خلطوها بدمائهم،  وصنعوا منها ملاحم تملأ الدنيا بتلك الصيحات التي تعلو بين جوانب امتهم،  وقد استطاعوا_من اجل هذا كله_ان يؤلفوا من مجهودهم الثقافي،  ومن واقع حياتهم العملية،  ومن اوضاع بلادهم الاجتماعية وحدة لا تتجزأ من مفهوم حياتهم الثقافية وساروا على هذا المنوال_بعد ما استلوا سيوف شخصياتهم من اغمادها_يحددون لتلك الاوضاع مناهجها،  ويكافحون من اجل تطبيقها،  وينطلقون بها الى ميادين لا حد لها.  
فان تك افنته الليالي واوشكت
   فان له ذكرا سيفني اللياليا
وعندما يذكر الانسان ذلك،  ولا يدخل الى هذه الثقافة من بابها الضيق،  يجزم باستمرار فعلها في جميع العصور،  وباصالتها في تادية رسالتها،  وبصلابة قناتها الفكرية التي تصل بين مختلف الثقافات.  
ولعلنا نستفيد اكبر استفادة مما سبق،  السر فيما يشكو منه الناس من الجمود الفكري والركود الادبي وخفة وزن الانتاج الثقافي في بلادنا الذي اشترك في تأليفه عدة عوامل،  ليست من نصيب المثقفين وحدهم،  هذه الظاهرة السلبية التي لها مجالها الواسع في حياتنا الاجتماعية كانت هي المدد الاول والاخير في فتورنا العام،  وتأخرنا الى الصفوف الخلفية من صفوف الناس.  
ولم يقتصر ذلك على التخلف الثقافي وحده،  بل تعداه الى ميادين اخرى كان التخلف من هذه المئلزق وهذه المشاكل وهذه الصراعات الفكرية في الوطن الواحد فلن ينتهي اثرها حتىتنتهي ظروف ظهورها،  فتجد المشاكل وضعها الصحيح وحلها العملي،  فيلتمس الناس الحلول لمشاكلهم من انفسهم،  ويسعون الى خلق وسائل المساهمة في التطور العام للمجتمع الذي يعيش فيه.  
هذا هو الحل الايجابي لهذا الفقر الثقافي الذي يتوقف على مساهمة الناس وجرأتهم من الاسر الفكري والاجتماعي وتكوينهم التكوين الصحيح من جهة،  واماطة الاذى عن طريقهم،  وافساح المجال لهم وتشجيعهم بشتى ضروب التشجيع من جهة اخرى.  
وانا لنؤمل_كما يؤمل قادة الحركة الاصلاحية_ان تكون الشعوب الاسلامية قد استفادت _على الاقل_من دروس الفترات القائمة التي تتسم بطابع التخلف والعزلة،  وصبغت جميع اعمالها وانتاجها ونهضاتها بالسطحية والارتجال،  والتي كانت ظروفها قاسية لا زالت تتعثر في اذيالها،  لعلها تكون قد وجدت تفسيرات واضحة جديدة لمشاكلها القائمة المختلفة،  ولاخطائها السالفة،  ومحترسة من الوقوع في مثلها،  ومقتنعة بضرورة اخاذ جميع الوسائل الوقائية،  لضمان سير المبادرات الجديدة الدافعة الى العمل الجاد المنظم المثمر السريع في جميع الميادين،  لاسترجاع تلك القوة الكبيرة الجسيمة الاثر،  المستوحاة من تلك المنابع الثرية الاسلامية،  لاستيصال جذور الفساد،  وتوحيد القوى النضالية المتأصلة في النفوس.

المصدر: http://www.habous.net/daouat-alhaq/item/1085

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك