السلطات الألمانية تفتح ذراعيها للاسلام

فريدريك لوميتر
بعد مرور سنتين من نشر ثيلو سارازين كتابه "ألمانيا تلغي نفسها"، الذي يدين فيه ما يعتبره التأثير المتنامي للإسلام في ألمانيا، بدت العلاقات بين السلطات الألمانية والجالية المسلمة في ألمانيا والبالغ عددها أربعة ملايين نسمة وكأنها في تحسّن. في الرابع عشر من آب/أغسطس 2012، توصّلت مدينة هامبورغ، مثلها مثل بريمن وبرلين من قبلها إلى اتفاق مع ممثلي جاليتها المسلمة، تم فيها تأكيد حقوق وواجبات الجالية المسلمة لتكون مماثلة لحقوق وواجبات كل مواطن ألماني .
الجانب الأكثر إثارة هو أنه من الآن فصاعداً، سوف يتم الاعتراف بمناسبات إسلامية معينة. يستطيع الموظفون اختيار الغياب عن العمل رغم أنهم يجب أن يأخذوا يوم إجازة أو يعوضوا ذلك اليوم. كما يمكن السماح للأطفال بالغياب عن المدرسة .
لكن الاتفاقية التي احتاجت إلى خمس سنوات للتوصل إليها، تذهب إلى ما وراء ذلك، فقد وافقت المدينة أن للمسلمين نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الآخرون، بغضّ النظر عما إذا كانوا من البروتستانت أو الكاثوليك (الذين تم توقيع اتفاقية معهم عام 2005) أو اليهود (الذين تم توقيع اتفاقية معهم عام 2007). كما أن لهم نفس الواجبات أيضاً، مثل احترام بعض القيم الأساسية المعينة مثل التسامح الديني والمساواة بين الرجل والمرأة .
كما ينص الاتفاق كذلك على توفير التعليم الإسلامي في المدارس. الموضوع معقد قانونياً، حيث أن الدستور يرى أن الدين يجب أن يدرّس "بتجانس مع مبادئ الطوائف الدينية ".
وبما أن الجالية المسلمة ليست لها ممثل واحد، فإن هذه المبادئ لم يتم إقرارها .
ونتيجة لذلك، حاولت كل من المقاطعات الألمانية أن تجد حلاً مع الممثلين المسلمين المحليين. وتذهب هامبورغ إلى أبعد من المقاطعات الألمانية الأخرى من حيث أنها اعترفت رسمياً بثلاثة جمعيات إسلامية كممثلة للجالية الدينية والسماح لها بالمشاركة كممثلة دينية معترف بها رسمياً، وهي "ديتيب" (الاتحاد الإسلامي التركي للدين) وشورى (مجلس الجاليات الإسلامية) و"فيتز" (جمعية المراكز الثقافية الإسلامية)، إضافة إلى "أليفي" الجمعية الألمانية، وهي جماعة دينية إسلامية، غير سنية أو شيعية، تشبه الصوفية .
وأعرب ممثلو الجمعيات التي وقّعت الاتفاقية، والتي تمثل حوالي 170 الف مؤمن عن رضاهم بهذا الاعتراف .
ولم يثر التفاوض على الاتفاقية، الذي بدأه عام 2007 رئيس بلدية مسيحي ديمقراطي هو "أوليه فون بوست" وأتمّه خليفته الديمقراطي الاشتراكي "أولاف شولتز"، الكثير من الجدل السياسي. في الوقت نفسه، وفّر المسؤولون المنتخبون معلومات تفصيلية فيما يتعلق بقضايا حسّاسة من خلال قسم للأسئلة الشائعة على موقعهم .
ولا تسمح الاتفاقية بوضع قوانين موازية، كما لن تكون هناك رياض أطفال إسلامية. كما ان "الاتفاقية لا تصّرح بلبس الحجاب ولا تمنعه ".
ويسمح الاتفاق للأطفال غير المسلمين أخذ دورات في الدين الإسلامي وذلك من خلال تدريس القرآن الكريم من قبل أئمة في المدارس العامة ".
وفي مقاطعة شمال الراين وستفاليا، التي تضم 1.5 مليون مسلم، تم توقيع اتفاقية بين الحكومة الإقليمية وممثلين عن الجاليات المسلمة تنص على إعداد صفوف حول الإسلام للطلبة المسلمين، بشكل تدريجي ابتداءً من السنة المدرسية الجديدة .
ووافقت ثلاثة أحزاب على نص الاتفاقية (الديمقراطيون الاشتراكيون والخضر، وهم في السلطة، وكذلك حزب المسيحيين الديمقراطيين في المعارضة). وامتنع الليبراليون عن التصويت بينما صوّت اليسار المتطرف ضدها .
وقامت عدة جامعات منذ العام 2011 بتدريب أئمة حتى يستطيعوا تدريس الأطفال كجزء من دراستهم المدرسية .
ويرى محللون ان تخلق تغييرات كهذه مجتمعاً ألمانياً تكاملياً تستطيع فيه المجتمعات الدينية أن تعيش ممارساتها وفي الوقت نفسه احترام التكوين الديمقراطي القانوني للدولة التي يعيشون فيها.