بين الرفض والقبول

ناجح صالح

ما الاحسان الا منزلة من منازل الأخلاق الرفيعة , فاذا أحسن الآخرون اليك راودك شعور بالرضا والسرور , أما اذا أساء الآخرون اليك فيراودك شعور بالمقت والازدراء , ومع ذلك فإن اللئيم اذا أحسنت اليه تمرد .
نحن نتباين بعضنا عن بعض تباينا كبيرا في أفكارنا وسلوكنا ومعتقداتنا مثلما نتباين في ملامحنا وسماتنا , ذلك أن كل امريء له طابعه الذي نشأ عليه وتربى عليه .
وفي معترك الحياة تكون ردة فعلك ازاء موقف ما غير ردة فعل الآخرين , فها أنت تتقبل الأمر ببساطة حين يستفزك أحد بينما يرفض غيرك الأمر رفضا قاطعا .
ان قبولك لشيء ليس بالضرورة أن يتقبله الآخرون كما أن رفضك لشيء ليس بالضرورة أيضا أن يرفضه الآخرون .. ذلك أن الرؤية ليست واحدة وأن مسألة الرفض والقبول فيها الكثير من المعايير .
ان الصورة لتي تسرك لا تسر الآخرين وأن المنظر الذي أثار هواجسك لا يثير الآخرين .. ومع ذلك فثمة أشياء يتقبلها الكثيرون وأشياء أخرى يرفضونها لاسيما اذا كانت هذه الأشياء لها مساس بالقيم والمعتقدات والأخلاق .
ها أنت تريد أن يكون لوطنك مقاما عاليا , وطنا معافى حرا مستقلا , وها أنت لا ترضى بالاحتلال ولا مذلة الاحتلال , كما أنك لا تريد أن يظلمك أحد ولا يبخس حقك أحد , تكره الاستبداد وقيوده ,
فهل من أحد لا يشاركك هذا الرأي وهذه النظرة الصائبة ! وهل من أحد يرفض جو الحرية العبق! . . لا أحد الا من كان في قلبه مرض .
واذا أنت وقفت موقف الند ممن يسيء الى أخلاقنا ومعتقداتنا فهل من أحد يتقبل مثل هذه الاساءة! لا أحد الا من سقط في الوحل ؟
ان ما يجمعنا في الرفض أو القبول هو الفطرة السليمة التي خلقنا عليها لنرى الجميل جميلا والقبيح قبيحا , أما اذا كان العكس فهو السلوك المنحرف ليس الا .
وغير هذا وذاك فان الاختلاف في الرؤية هو أمر معقول ان لم يصاحبه تهور أو طيش أو أذى . نحن جميعا لنا وجهات نظر متباينة في حياتنا اليومية حول مسائل اجتماعية قد تكون معقدة بسبب المستجدات التي تطرأ علينا , غير أنه يجب علينا أن نفكر بعقل وروية قبل أن نحسمها بغضب وانفعال , فنرفض بعضها ونتقبل بعضها دون أن تكون لنا حجة أو قناعة .
انه من الحكمة أيضا ألا يكون رفضنا أو قبولنا بتأثير أهواء ذاتية أو لتعصب أعمى حيث تأتي نتائجه عديمة الجدوى تضر ولا تنفع فنخسر بالتالي كل جميل كنا نطمح اليه .

المصدر: http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.iraqnla.org/fp/journal54/...