دوريس هورفمن كاتبة كندية مشهورة في كندا وأمريكا وأوربا ، ولدت في نوراندا بمقاطعة كيبيك في كندا، عاشت في الفترة ما بين 1968-1980 في انجلترا، وعند حصولها على شهادة البكالوريوس بمرتبة الشرف والماجستير في الأدب والفلسفة من جامعة كوينز قامت بعدها بتدريس علوم الآداب في جامعة أكسفورد في انجلترا , وفي أول حياتها كتبت ثلاث روايات عن المراهقين، واعتبرت رائدة في هذا المجال، وقد درست هذه الروايات في المدارس الثانوية في أوربا واليابان وكندا .
في عام 1980 عادت إلى تورنتو في كندا، وعملت في المجلس الوطني للاتحاد في كندا، ومجلس إدارة نادي القلم في كندا، وكتبت الكثير من الروايات والقصص، وأول قصة للكبار كانت بعنوان: (سمك القرش في المنزل)، وآخرها كانت رواية (مدينة الذئاب)، وهي تحكي قصة أول امرأة طبيبة بيطرية في كندا.
عن نجاح الكاتب عالميًا، وكيف ينظر الغرب إلى الثقافة العربية، وعن انعكاس الثورات العربية على الكاتب العربي، وكيف يمكن أن يصبح الكاتب معروفًا عالميًا كانت محاور الحوار مع الكاتبة الكندية دوريس هورفمن في لقاء خاص لموقع الإسلام اليوم.
س – بوصفكم كاتبة معروفة في كندا والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، هل تعتقدين أن العالم الجديد من التكنولوجيا قد غير طريقة كتابة الكتاب؟
التطور الحاصل في عالم التكنولوجيا أعطى فرصة كبيرة للكاتب في مراجعة ما كتب وتصحيحه بصورة أسرع من السابق من الناحية الفنية، لكن لازالت الكتابة للرواية والقصة والإبداع هي عملية شاقة من أي وقت مضى.
س- أي نوع من القصص التي تحظى بشعبية متزايدة وإقبال من قبل المجتمع الكندي؟ وهل هناك كتّاب يكتبون لسن معينة.. على سبيل المثال كتاب للمراهقين وغيرهم من مختلف الأعمار؟
الإقبال المتزايد الآن على الكتب المصورة للأطفال، وكتب الخيال للأطفال، وكتب الخيال للشباب البالغين (تتراوح أعمارهم بين 12 و 16 عاما) والخيال للكبار. في عام 1970، عندما بدأت مسيرتي من خلال كتابة روايات واقعية حول المراهقين، لم يكن هناك خيال للشباب البالغين، وبالتالي تعتبر أول ثلاث روايات كتبتها في الخيال للبالغين تعتبر رائدة هذا النوع. والتفت بعد ذلك إلى الخيال للكبار في 1980.
منذ عام 1980 أصبح الخيال العلمي وقصص الرعب والخيال السحري، الأكثر شعبية في أدب الأطفال والشباب البالغين, وقصص هاري بوتر هي مثال على ذلك.
وفي عام 1970 بدأ الأدب الكندي يزدهر، وفي عام 1990 كان الأدب الكندي المخصص للكبار أصبح أكثر شعبية، وحقق انتشارا دوليا، وحاز على جوائز عالمية. في السابق بكندا كان الأدب الكندي لا يدرَّس في الجامعات الكندية لحد عام 1970، وما كان يدرس في الجامعات الكندية إلا الأدب البريطاني والأمريكي (أي الأدب المقارن)، وروايات من بلدان مختلفة.
وبعد أن تم تدريس الأدب الكندي في الجامعات الكندية تغيير الأمر، حيث حصدت كندا الكثير من الجوائز العالمية منذ عام 1990.
س- ما هي المعلومات والمهارات اللازمة للمؤلف ليكون ناجحا على الصعيد الدولي؟
هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، لأن التوقيت والحظ الجيد له دور كبير في تحقيق جزء كبير من النجاح. وأود أن أقول للكاتب أن يكون كاتبا جيدا، وأن يتناول قضايا دولية، فيكون عمله يحتوي أيضا على بعض النداء العالمي الدائم. ولا بد من البحث على ناشر قوي، لأن الناشر القوي يبذل جهودا كبيرة وعملا شاقا للترويج للكتاب الذي يقوم بنشره، وهذا يساعده على بيعها بسهولة أكبر في بلدان أخرى.
وكانت فرصتي جيدة عندما نشر روايتي الأولى ناشرٌ كان ينشر لـ"أسماء كبيرة"، وكانت هذه الأسماء معروفة في كتابتها، وتحظى باحترام كبير في بريطانيا والخارج, وهنا أقول للكاتب أن لا يستعجل في تحقيق النجاح لكتاباته وانتشاره ومعرفته.
أيضا عليه الاستعانة بمراجع كثيرة في كتابة روايته، لأن ذلك يساعده في الحصول على الجوائز الدولية، يضاف إلى ذلك الموهبة والانضباط في الكتابة والمثابرة في الوصول إلى ناشر جيد ينشر للكاتب روايته.
في هذه الأيام، ومع نشر التكنولوجيا الجديدة، يمكن للكاتب الذاتي نشر وبيع الكتاب دوليا عن طريقAmazon.com ، ولكن فرص النجاح دوليا تكون متدنية جدا، وأود أن أقترح ذلك فقط كملاذ أخير, إذا لم يجد الكاتب من ينشر له، وإذا لم يجد ناشرا قويا ومعروفا.
س- هل قرأت لكتّاب عرب؟ وإن كان ذلك، فمن أعجبك؟
أنا آسفة لو قلت إنني لم أقرأ حتى الآن لأيٍّ من الكتّاب العرب, ولكن أنوي ذلك في المستقبل.
س- هل تعتقدين أنه من الضروري للكاتب الناجح أن يكتب بلغته الأصيلة لكي يصل للعالمية؟ أم أنه من الأفضل أن يكتب بلغة بلده، حتى لا يؤثر على مصداقية ما يكتبه؟
إذا كان الكاتب مثلا يجيد الكتابة باللغة الانكليزية فلا مانع من ذلك , ولكن إذا لم يكن كذلك فيفضل أن يكتب بلغة بلاده التي يجيدها، ثم يستعين بعد ذلك بمترجم جيد, فمن المهم أن يجيد الكتابة للغة التي سيكتب بها، وإلا سيكون عمله ناقصا وروايته ستظهر ركيكة.
هناك كاتب كبير، مثل جوزيف كونراد، الذي اختار أن يكتب باللغة الإنكليزية، على الرغم من أنه لم تكن الانكليزية لغته الأم.
س- كيف يمكن لكاتب مثلك أن ينظر فيما يحدث في العالم العربي وربيع الثورات العربية كما أطلقت عليها الوكالات العربية والدولية؟ وما هو رأيك فيما يحدث في الشرق الأوسط؟ وهل هذه الأحداث تجذب المواطنين في الغرب؟
مثل معظم الكنديين، أنا مهتمة جدا بما يحدث في العالم العربي، ومهتمة جدا بأنه ينبغي تحقيق نوع من حكومة الغالبية لتلبية رغبات حاجات الشعوب العربية، مع أقل قدر من إراقة الدماء أو السجن أو الموت أو التعذيب.
س- هل تعتقدين أن الثورات العربية سيكون لها تأثير إيجابي على الكاتب العربي بالتحرر من القيود التي تمنعه من كتابة ما يريد؟
بالتأكيد، وأتمنى ذلك، وينبغي عليهم التحرر من القيود التي تمنعه من كتابة ما يريد.
س- كيف تنظرون إلى الثقافة العربية؟ وما هو الشيء الذي شد انتباهك من تلك الثقافة؟
أود أن أعرف الكثير عن الثقافة العربية, فلديها تاريخ طويل وكبير، والتحف الثمينة والهندسة المعمارية مثال على ذلك. وقد ساهم ذلك إلى حد كبير في المعرفة البشرية، والتعلم، والفن. والدين الإسلامي هو واحد من الديانات الكبرى. وقد عانت الثقافة العربية عبر قرون عديدة من الحروب والاضطرابات. أنا أحترم تلك الثقافة، ومعجبة بها، لأنها ساهمت في تقدم البشرية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأعتقد أن عليّ القيام بالمزيد من الاطلاع، لتعزيز فهم الإسلام والقيم الثقافية العربية، وكيف أنها تمتاز بسلام وبشكل مريح في المجتمع الكندي.
س- هل من عناصر نجاح الكاتب أن يكتب عن بيئته ومحيطه، الذي عاش وترعرع فيه، أم الكتابة عن المجتمعات الأخرى من وحي الخيال وفي بيئات لم يعيش فيها؟
الكاتب يجب أن يكتب بصدق، ويسعى للحقيقة، وهي عادة ما تكون أسهل وأكثر صدقا للكتابة حين تتوفر الخبرة والأماكن والأشخاص الذين لهم دراية بالموضوع الذي يكتب عنه. ويمكن القيام بذلك من خلال تجربة شخصية أو أبحاث أو المراقبة، أو من خلال متعاطفين مع أي طرف خارجي، أو الوافد الجديد. على سبيل المثال، يمكن عرض قصة مهاجر في كندا تكون مثيرة للاهتمام، وتلقى تقبلا من قبل القارئ.
س- هل تعتقدين أن القارئ الكندي يُقبل على قراءة القصص وكتب الثقافة العربية؟ وأي نوع يفضل قراءته فيما يخص تلك الثقافة؟
إذا كنت تسألين: لماذا يريد الكنديون هنا قراءة القصص حول الثقافة العربية، فجوابي هو: الكنديون عموما أصحاب أفق واسع، ومهتمون بالثقافات الأخرى. وكندا بلد يقبل التنوع الثقافي. ونحن بعد كل شيء أمة من المهاجرين، متكونة من مجموعة كبيرة ومتنوعة من الثقافات والشعوب. نظامنا التعليمي قد شجع دائما على قراءة أدبيات الدول الأخرى، وله دراية بتاريخ وثقافات العالم.
في العقود الأخيرة، منذ، 1980ومع بدء الحروب في العراق وإيران، والغزو الأمريكي للعراق، والحرب في أفغانستان، وجميع انتفاضات "الربيع العربي" 2011، صار الكنديون أكثر حرصا من أي وقت مضى على معرفة المزيد عن الثقافة العربية والتاريخ، ويتابعون الأفلام والكتب التي تتحدث عن الثقافة العربية , وما يجري في الدول العربية سرعان ما يصبح معروفا جدا في كندا والدول الغربية الأخرى.
س- من خلال تجربتك في مجال الأدب وتدريس الأدب في جامعة أكسفورد، ما هي النصيحة التي تقدمها كاتبة مثلك إلى الكتّاب والمثقفين في العالم العربي؟
إذا كنت تسأليني عن نصيحتي للمثقفين في العالم العربي، فأنا أقول: الآن هو الوقت المناسب لكتابة المزيد من الكتب والأفلام عن الثقافة والحياة والتاريخ في الدول العربية, وأيضا القصص والأفلام عن حياة المهاجرين العرب في دول مثل كندا والولايات المتحدة وأوروبا. وكتابة الكتب التي تدل على القيم المشتركة في الإسلام والمسيحية والثقافة العربية والكندية والأمريكية وأوروبا، سيكون ذلك موضع ترحيب. فالمطلوب الآن هو تعزيز التفاهم الدولي وتحقيق السلام.
لقد وجدت عندما كنت أدرس الأدب في جامعة أكسفورد 1970 أن الطلاب لديهم رغبة، ليس فقط في دراسة الأدب الانكليزي، وإنما في التعرف على الأدب في البلدان المختلفة، وقد سُمح لي بتدريس الروايات الكندية وروايات البلدان الأخرى، إضافة إلى الروايات الانكليزية , وبعد ذلك صار المنهج الذي قمت بتدريسه مرغوبا فيه لدى الطلاب، وكان الطلاب أذكياء لرغبتهم في التعرف على الثقافات الأخرى , وفي نهاية المطاف ستكون الفائدة في الصميم، وستعم المجتمع من خلال فهم الاختلافات والصفات العالمية.