الثقافة تهزم السياسة

لا تزال الثقافة تثبت أنها قادرة على أن تفعل ما لم تفعله السياسة، في ظل ما توصف به الأخيرة من أنها "فنّ الممكن" فتتجاذب معها أحاديث تقال عنها دبلوماسية، وهى في حقيقة الأمر لا تخرج عن كونها أمورًا دعائيَّة، لا تستند إلى الحقيقة، وتجافي الواقع، وتتحايل على ما هو قائم.

لقد أصبحت الثقافة تثبت أنها قادرة على أن تقوم بما لم تقم به السياسة، أو ما عجز عنه السياسيون أو أخفقوا فيه، هذا ما يبرز في تحرك اتحاد الناشرين العرب حاليًا للتجاوب مع حملة المجتمع المدني، والتي جاءت في شكل مبادرة تحمل شعار "كتاب يكسر الحصار"، كمحاولة فاعلة لكسر الحصار الثقافي المفروض على قطاع غزة من ناحية، وكمحاولة رمزية لكسر الحصار السياسي المفروض على القطاع من ناحية أخرى.

شبابية

الحملة أطلقتها بعض الجمعيات الأهلية الفلسطينية والعربية عبر الموقع الاجتماعي "الفيسبوك" لتزويد قطاع غزة المحاصر بإصدارات متنوعة لكسر الحصار الاقتصادي والثقافي والسياسي الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أربع سنوات تقريبًا.

وتم إطلاق الحملة لخدمة الطلبة والباحثين في قطاع غزة، وكسر الحصار المعرفي بتوفير الكتب والمراجع العلمية، حيث سيتم تأمين نقل الكتب من خلال قافلة كتب كبيرة من مصر إلى قطاع غزة من قبل مجموعة من الشباب.

وتوصف المبادرة بأنها شبابية تعمل على كسر الحصار جنبًا إلى جنب مع الحملات الأخرى المحلية والدولية, وتضم مجموعه من الأفكار والمقترحات التي وُلدت من رحم معاناة الطلبة والباحثين في قطاع غزة بهدف كسر الحصار المعرفي, بإدخال قافلة كبيرة تحمل أحدث الإصدارات من الكتب والمراجع العلمية.

أصحاب المبادرة يتنوَّعون بين شباب محاصر حالم داخل غزة بالمعرفة، وطلاب لم يثنهم الحصار عن البحث في أرجاء العقول ووسائل التواصل مع العالم الخارجي.

كسر الحصار بكتاب

وتستهدف المبادرة كسر الحصار الشامل المفروض على قطاع غزة، وإعادة ترتيب خارطة الحاجة لأهالي القطاع، بناءً على المعرفة، ورَفْد قطاع غزة الكتبَ والمراجع والدراسات العلمية الحديثة للطلبة والباحثين.

كما تتضمن إيصال صوت شريحة كبيرة للعالم من الطلبة والباحثين المحرومين من المراجع الحديثة في قطاع غزة، من خلال إعداد الخطط والأهداف وآليات العمل للحملة, وانطلاق الحملة عبر الشبكة العنكبوتية من خلال الموقع الاجتماعي "الفيسبوك"، وتشكيل جسم الحملة المركزي في غزة، وإعداد قوائم بأسماء الكتب والمراجع العلمية الحديثة المفقودة في غزة.

كما تعمل على توفير أماكن لتجميع تخزين الكتب، وتشكيل شبكة مناصرة ودعم للحملة على مستوى البلاد العربية، واستقبال واستلام الكتب من المتبرعين والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية، أفراداً ومؤسسات حكومية وغير حكومية.

وتسعى المبادرة إلى حشد أكبر قدر ممكن من المناصرين والنشطاء الدوليين العرب والأجانب للدخول في القافلة، وإنشاء مكتبة كتاب لكسر الحصار، وإنشاء منتدى إبداعات شبابية، والإعلان عن تشكيل اللجنة المعرفية لكسر الحصار.

من معرض الكتاب

ومن جانبه, يقول الدكتور محمد عبد اللطيف, رئيس الاتحاد: إن التجاوب من جانب الاتحاد مع المبادرة يأتي في محاولة منه لكسر الحصار الثقافي المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، كرمز لكسر الحصار السياسي, ومشاركة من الاتحاد فيما يعانيه الشعب الفلسطيني من صعوبة في الحصول على حقه في المعرفة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، قبل عدة سنوات.

ويضيف د. عبد اللطيف أن الاتحاد نجح أخيرًا في الحصول على موافقات من جانب السلطات المصرية لتيسير شحنة من الكتب في مختلف أشكال المعرفة والفكر لتقديمها إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر، وإدخالها عبر معبر رفح، "ولذلك لم تعد هناك إشكالية في ذلك".

ويلفت د.عبد اللطيف الانتباه إلى أن الاتحاد سوف يستثمر مشاركة الناشرين العرب في معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال شهر يناير المقبل لمناقشة تفاصيل التجاوب من جانبهم مع المبادرة, وبحث طرق تنفيذها, وأعداد الكتب التي يمكن أن تحملها الشحنة، والتي سوف يتم إدخالها إلى القطاع المحاصر بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر المصري.

ويوضح أن التجاوب من جانب الاتحاد مع الحملة يأتي بغرض تلبية للتشوق إلى المعرفة والنَّهم من المعرفة والقراءة، والذي يتميز به الشعب الفلسطيني, وأنه في ظل وجود ممثل للناشرين الفلسطينيين من غزة في مجلس إدارة الاتحاد، فإنه قد "نقل إلينا رغبة الشعب الفلسطيني في التطلع إلى المعرفة والفكر، وتشوقهم إلى القراءة على الرغم من الحصار الشديد المفروض عليهم".

ويدعو كثير من المبدعين للتفاعل مع المبادرة، ويصفونها بالأمر الايجابي للغاية, وأنه من الضروري عليهم التفاعل معها, وتقديم ما بحوزتهم أو جزء منه إلى المبادرة، كدليل على الفاعلية والإيجابية في آن.

ويصف المثقفون مثل هذه المبادرة بأنها تمثل إرادة ثقافية من جانب المبدعين، وتعمل في اتجاه محاولة رمزية لكسر الحصار السياسي، لتكون المبادرة وسيلة من جانب الناشرين والمثقفين والمبدعين لكسر الحصار المتعدد الأشكال على قطاع غزة.

المصدر: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-53-143491.htm

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك