حوار الثقافات وفشل الرسوم المسيئة

فرضت قضية الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم , والتي أعادت نشرها 17 صحيفة دانمركية , بجانب صحف أجنبية أخرى , وحوار الثقافات وتحالف الحضارات, والأوضاع في فلسطين والانتخابات الأمريكية, نفسها على مائدة حوار الدكتور عبد العزيز التويجري، مدير عام المنظمة الإسلامية لتربية والثقافة والعلوم "الإيسيسكو" , مع نخبة من المثقفين والإعلاميين في مصر والعالم العربي , والتي ألقاها بمكتبة الإسكندرية .

وخلال المحاضرة , ندد التويجري بإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم , في عدد من الصحف الأجنبية , وما تمثله من إيذاء لمعتقدات المسلمين ومقدساتهم.

ولفت في محاضرته التي جاءت بعنوان "من حوار الثقافات إلى تحالف الحضارات: رؤية مستقبلية" , إلى أن الحوار والتفاهم لم يفلح في تجاوز أزمة الرسوم الدانماركية، بدليل إعادة نشرها مرة أخرى في 17 صحيفة ، "وهو ما يشير إلى وجود تخطيط مسبق وتعمد لاتخاذ تلك الخطوة التي يدعون زوراً أنها تأتي في إطار حماية حرية التعبير، رغم أن تلك الحرية لا ينبغي لها إطلاقًا أن تسيء للآخرين ومقدساتهم".

وندد بالربط الظالم بين الإسلام وما يسمى بالإرهاب، عندما اعتبر ظاهرته ظاهرة عالمية , "حيث قام العديد من غير المسلمين بعمليات إرهابية ، كالذي ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي حين قتل المصلين، ومن قام بعمل تفجيرات أوكلاهوما بالولايات المتحدة وغيرهم ، ورغم ذلك لم يقل أحد في العالم إن المسيحية أو اليهودية أو غيرهما دين الإرهاب, لذلك فلا يجب الربط بين دين من الأديان ومن يرتكبون أفعال مشينة ممن ينتسبون إليه".

وعرج التويجري في حديثه إلى القضية الفلسطينية , والتي أعتبرها أساس الكثير من المشاكل بين العالم الإسلامي والغرب : "كما أن حلها لن يستغرق من العالم سوى ومضة ضوء". داعيًا جميع أطراف العالم إلى الاعتراف بالحق الفلسطيني ، خاصة مع وجود قرارات دولية من الأمم المتحدة تدعم ذلك .

 

 

الغزو باسم الحرية

 

وانتقل إلى محور آخر,خاص بالانتخابات الأمريكية , والهيمنة الصهيونية وغزو الإدارة الأمريكية الحالية للعراق . منتقدا بشدة في هذا السياق الولايات المتحدة الأمريكية والمحافظون الجدد فيها ، الذين أسماهم بالمجرمين الجدد، والتي تدعي الديموقراطية ورعايتها, على نحو ما تمارسه في العراق ، معربا عن تمنياته بأن تخلص الانتخابات الأمريكية، المزمع إجراؤها قريبا، العالم من "المجانين" الذين يحكمون الولايات المتحدة الآن، على حد وصفه.

وأكد أن محاربة ما يسمى بالإرهاب والتطرف لا يمكن أن يكون بغزو الدول، وإنما باحترام القانون الدولي, موضحا في سياق آخر , أن الوضع في العالم الإسلامي حاليا لا ينبئ بخير، إذ ينتشر الجهل والفقر والمرض والبطالة والتخلف والتعصب والبعد عن هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم- بين ربوعه , "ومن هذا الضعف، لا يمكن أن يحقق العالم الإسلامي ما يصبو إليه، فقوته تكمن في الوحدة بين دوله".

وتعرض للمبادرة التي أطلقتها إسبانيا للتحالف بين الحضارات والتي تبنتها الأمم المتحدة، وقال:إن الفرق بين الحوار والتحالف هو أن الأخير أسمى من الأول، فالتحالف بين الحضارات هو عملية تكاملية للاعتراف بمساواة الحضارات في قيمتها الإنسانية، "فلا حضارة تسمو فوق أخرى، كما أن الحوار منطلق أما التحالف فهو غاية لابد أن تكون مؤسسة على الاحترام المتبادل".

وأضاف أن الحوار في تلك الحالة يعد عبثا لا طائل منه ، وهنا تكمن أهمية فكرة تحالف الحضارات، التي تؤسس على الحوار، والذي بدوره يؤسس على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدل ونبذ التعصب والكراهية، وهي جميعا أشياء يدعو إليها الدين الإسلامي ويحث عليها .

 

 

تعايش الشعوب

 

وقال التويجري: إنه لا مناص للبشرية سوى الدخول في حوار وتحالف الحضارات، القائم على الإنصاف والاحترام المتبادل، فمصير الإنسانية مشترك، وهذا ما يجب أن تعيه كافة الأطراف في مبادرة تحالف الحضارات .

وأضاف أن مصر هي أرض حوار الثقافات والحضارات والتعايش السلمي ، وأن فكرة الحوار انطلقت من العالم الإسلامي، فالرئيس الإيراني السابق , محمد خاتمي هو أول من نادى في العام 2001 من على منبر الأمم المتحدة بالحوار بين الحضارات, إلا أن العديد من الأحداث السيئة وقعت في هذا العام، بدءاً بأحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من حروب وصراعات، نتج عنها حدوث خلط كبير بين الإسلام الدين والحضارة، ومن يقومون بأعمال منحرفة ممن ينتسبون للدين الحنيف .

وأشار إلى أن الأديان جميعها تحض على التعايش السلمي بين الشعوب ، خاصة الدين الإسلامي ، الذي يحض كتابه المحفوظ -القرآن الكريم- على السلم والمصالحة والتعارف بين الشعوب وحرية المعتقد، إذ لا يجوز إكراه الآخرين على التدين بالدين الإسلامي.

وفي سياق آخر , تعرض التويجري الى اختيار الإسكندرية كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2008، مؤكدًا أن تاريخ المدينة وإبداعات سكانها في مسار الحضارة الإنسانية يعطي أهمية وثقلاً كبيراً، وأنها يجب أن تكون دائما بوابة للعالم الإسلامي.

ولفت أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ستشارك بقوة في الفعاليات الثقافية التي ستنظمها الإسكندرية بمناسبة اختيارها عاصمة ثقافية للعالم الإسلامي.

المصدر: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-53-12025.htm

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك