فن الحوار!!

محمد عبد الواحد

الحوار والمناقشة هما دعامتان أساسيتان لاستمرار الحياة وبدونهما تتحول هذه الدنيا إلى تابوت كبير أو مقبرة.. فالإنسان الحي لا بد وأن يتكلم وينكر ويتألم ويحزن ويفرح.. وفي سبيل الانعتاق مما يحيط به من متاعب ومشاكل يومية يضطر إلى أن يخرج لسانه ليناقش ويطالب ويحكي.. ولكن هناك الكثير ممن يتحدثون عبر قنوات التلفزيون وهم لا يجيدون الحكي.. وقد يفهمون في أمور أخرى غير أدب الحوار.. ومع هؤلاء نصاب بالغثيان والقرف ونصرخ من أعماقنا: ليتهم سكتوا وحفظوا لأنفسهم ماء وجوههم.. ولكنهم بالطبع لا يسكتون ويستمرئون تعذيبنا بلغوهم الذي لا يفيد.
** ويبدو لي أن أحد المذيعين في إحدى القنوات الفضائية قد أصبح متخصصا في استفزاز الناس.. وكشف بعض الوجوه وتعريتها وإظهار خواء بعض العقول وتفاهتها.. والحق أن الخطأ ليس خطأه ولكنه خطأ من يقبل أن ينزع عنه ورقة التوت التي تستره.. لأنه رضي - بفعل الشهوة في الظهور على شاشات التلفزيون - أن يقف عاريا خاويا.. أمام خلق الله.
** وبعض هؤلاء الذين يتسابقون إلى الكلام في المحطات الفضائية وهم لا يجيدون الكلام ليسوا بأي حال لساننا ولا يعبرون عن حال هذه الأمة ولا عن رغباتها.. ولا عن طموحاتها.. وليسوا مرآة حقيقية لواقع هذا المجتمع أو المثقفين فيه..
** لقد قلت ذات زمن إن الذين نرغب منهم الحديث في التلفزيون لا يتحدثون.. والذين لا يجيدون الكلام.. هم وحدهم الذين يهذرون.. ويسقطون.. ويثيرون نقمة الناس وضجرهم.. والصمت ليس عيبا.. عندما لا تجيد الحكي.. وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي برغم كل إبداعه.. لم يكن يلقي قصائده أمام الناس وكان ينوب عنه في إلقاء شعره حافظ إبراهيم.. ولم ينتقص من مكانته وإبداعه شيء لأنه ترك فن الإلقاء والحديث إلى الناس لمن يجيده.
.. إنني أعرف أن هناك من يجيد الحديث وهم كثيرون ويحاورون ويناقشون ويناكفون.. ولكنهم يدركون أيضا أن المواجهة الصعبة تتطلب وعيا وإدراكا لمخاطبة الناس.. ولهذا فهم يرفضون رفضا قاطعا الظهور على شاشات التلفزيون فهذه الشاشة الفاضحة لا تستر شيئا.
وخيرنا من يستر نفسه ولا أزيد!!.

المصدر: http://www.amnfkri.com/news.php?action=show&id=23614

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك