ثقافة خوف أم ثقافة حب؟!

علي غازي

قال تعالى: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ..

إن هذه الآية من أقل الآيات التي يتم الإستدلال بها في خطابنا الثقافي الذي نستدل فيه بآيات من القرآن الكريم, على إعتبار أننا مسلمون تمثل لنا آيات القرآن الحق, والحق يستحق أن يُقتدى به ويستدل. فبرغم أن آية «بسم الله الرحمن الرحيم» الأكثر تكراراً في القرآن, فلم تخلو سورة منها سوى سورة التوبة, إلاّ أنه وفي المقابل هي أقل آية يتم الإستدلال بها في خطابنا الثقافي, والسؤال: لماذا أفكار هذا الخطاب قليلة فيما يمكن لهذه الآية أن تكون دليل ومثال عليه؟!

إن هذا السؤال يجعلنا نتأمل في ثقافتنا, وما الخطاب وما يحمله من أفكار إلاّ نتيجة لأي ثقافة, وهذا يدعونا للشك بأن ثقافتنا لا تقوم على الحب إذا اعتبرنا أن هذه الآية الكريمة دعوةٌ للحب مكررة في كل سوره, وقد تكون  ثقافتنا قائمة على الخوف, وإن صح ذلك فنحن في مشكلة كبيرة.

إذ أننا لا نكون أنفسنا طالما كنا خائفين, فالإنسان لا يكون نفسه وهو خائف, وأثر هذا الخوف واضح في ثقافتنا, فيكفي أن نتأمل هذه الآية الكريمة المكررة في كتاب الله والتي لم ننتفع منها ولم نفلح في التواصل القائم على الحب مع الله برغم أن الرحمن والرحيم كلمتان تدلاّن على أن من يتصف بها الأجدر بمن يتعامل معه أن يحبه لا أن يخاف منه, فالرحمن والرحيم صفتين محبوبتين يُحَبّْ من كانت فيه, إلا أن ثقافتنا لم يترسخ فيها هذا المفهوم والسبب فيما أظن أن ثقافتنا تقوم على الخوف فيترسخ فيها الترهيب بصورة مؤثرة أكثر من الترغيب بدليل أن الله شديد العقاب في ذهنيتنا وأكثر حظوراً من أنه الرحمن الرحيم على الرغم أنها لم تتكرر كما تكررت أنه الرحمن الرحيم وهذه أمثلة وإستنتاجات على أن ثقافتنا ربما تكون قائمة على الخوف حتى مع القدّوس العظيم برحمته لم تقم على الحب!

وأظن أن عبارة «يا ويلك من الله» أو «يا ويلك من ربي» دلالة بالغة الوضوح, على أن العلاقة بيننا وبين الرحمن الرحيم «علاقة خوف» لا «علاقة حب», وبالتالي من يستحق الحب لم يُحَبّْ بسبب ثقافة مجتمع قائمة على الخوف من كل شيء تقريبا حتى من ربهم, وإن كنّا نحبه فإنما نحبه من خوفنا منه وليس لحبنا له, أوليس هناك من يقول في خطابه: (موتوا في سبيل الله) والموت نخافه ولا نحب ما يربطنا به حتى وإن كان في سبيل الله, فلماذا لا يقول: (إحيوا في سبيل الله), ففي سبيل الله الحياة وليس الموت, وقد نفى الله قول الذين يقولون على من قتلوا في سبيله أنهم أموات, بل قال أنهم أحياء عند ربهم يرزقون.

إن صح هذا الشك فإن ثقافتنا في حاجة لنا كي نخلصها من هذا الخوف ونجعلها ثقافة حب, وثقافة أخلاق, وثقافة قيّم.. لا مكان للخوف فيها, فربما يكون هو المُشلّ لذهنية المجتمع وتفكيره وإنطلاقته نحو المستقبل الأجمل.

بالمناسبة: كتبت هذا المقال وأنا خائف, ولهذا فأنا لست من كتبه.

المصدر: http://www.okhdood.com/?act=artc&id=9169

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك