ثقافتنا نعم للتفاعل لا للذوبان

طارق فايز العجاوي

نعم أيها السادة نقبل لثقافتنا أن تتفاعل مع الثقافات الأخرى وهي أيضاً بطبيعتها قابلة للتفاعل مع الآخر ولكن نرفض أن نذوب ونتلاشى في ثقافة الآخر لأن وعاء ثقافتنا فيه من السعة لتذوب فيه كل ثقافات الدنيا قطعاً لا ادعى ذلك لذوبان الآخر في ثقافتنا ولكن قولي بأن الأجدر هي ثقافتنا من بين كافة الثقافات؛ نظراً للإرث العظيم بكل المعطيات وكافة الجوانب وقولي أيضاً بأن البعض سيظن بأني شوفوني النزعة والثقافة، أقولها وبملء الفم لا، ولكن كل منصف يجب أن يذعن لذلك إذا أراد الحقيقة وأذعن لأركانها وجعل من وراء ظهره الميل والهوى والدلائل.

أيها السادة: شاهدة أمام الجميع لا ينكرها إلا أعمى بصر وبصيرة أو مبتور ومأجور الواضح في عصرنا هيمنة القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة على وطننا العربي، وهذا واضح وجلي وقطعاً هي متحالفة مع الصهيونية بامتداداتها المعروفة، وهذا الوضع بالجزم لا يمكن أن يعالج من خلال حوار الحضارات والسبب الرئيس يعود إلى إدخال وزج المنطق الديني في عصرنا هذا رغم السلبية، إلا أنني أرى أنه ضرورة وبه كل الحق فاستنفارنا الديني لا بد منه أمام الهجمة الصهيونية المسعورة والشرسة التي ظهرت بوادرها منذ النشاءة الأولى والتي من خلالها بدأت الصهيونية باستنفار الجاليات اليهودية على مستند واه وأساس هش ألا وهو الادعاء بحقوق دينية على ثرى فلسطين الطهور، فأيها السادة ولوج باب المنطق الديني والحضاري الثقافي فيه مخاطر جمة لا تخفى على أحد على اعتبار أن هذه هي إستراتيجية اللوبي الصهيوني العالمي أساساً، التي دعت له وراجت عند الغرب وأمريكا والذي روج له أيضاً أرباب فكرهم الواهن ونذكر منهم:

هنتنجتون، ومنطقه الأعوج الذي يتنافر مع الموضوعية قطعاً، فتفاعلنا معهم يكشف سوء نواياهم وخباثة طرحهم المعوج المجافي لكل ما هو منطقي وكل خيوط الحقيقة بعد ذلك هل من العدل أن نذوب في مستنقع ثقافتهم؟!

علينا أيها الأخوة أن نضع رأسنا بين كتفينا وأن نعالج الأمور بحكمة ورصانة وموضوعية؛ لكي نتجنب الوقوع في شباكهم التي نصبت عمداً وقصداً؛ لتحقيق مآربهم وأهدافهم التي أضحت واضحة المعالم، ولا بد من الإشارة ونحن بهذا الصدد إلى التنبه لتلك الهاوية التي يمكن أن نهوي إلى أعماق أعماقها ألا وهي قبولنا استبدال المطالبة بتطبيق قواعد القانون الدولي الوضعي بحوار حضارات أو أديان الذي قطعاً تمسك بزمامه قوى الشر وعلى رأسه أمريكا والصهيونية، وذلك بهدف تحقيق مصالحها وغاياتها وأهدافها، ومن هذا الباب يجب علينا توخي أقصى درجات الحذر من الموضوع ألا وهو الهيمنة الثقافية على العالم والتي نتج عنها بالجزم ذوبان كافة الثقافات في وعاء ثقافتهم وبالتالي تلاشي تلك الثقافات أمام واجهة ثقافتهم وتكون هي السائد على امتداد العالم.

ونسوق مثالاً شاهداً على ما ندعي ألا وهي الجزائر البلد الشقيق التي أراد الاستعمار الفرنسي لشعبها الأبي التجهيل فالبعض يظن أن فرنسا عملت على طمس العربية لتحل محلها الفرنسية، أقول لكم هذا قمة الخطأ وسنامه؛ لأن فرنسا أرادت كخطوة أولى ترسيخ وجودها وذلك بتحطيم اللغة العربية بهدف القضاء على الإسلام على أساس أن الشعب الجزائري لم يعتنقوا الإسلام كونهم عرباً، بل انتسبوا إلى العروبة؛ لأنهم مسلمون إذا الهدف الاستعماري واضح، ألا وهو تحويل الجزائر إلى أغلبية أمية لكي تسهل قياضتها، وفيما بعد جاؤا بالـ الفرانكوفونية وهي مصطلح يدلل على مجرد العارف باللغة الفرنسية فقد عقدت مؤتمرات كثيرة تصب في ذات المنحى أما الأدهى والأمر هو ما نتج عنها ألا وهي (الفرانكوفيلية) وتعني كل متفاني في حب فرنسا ومعجب بتقاليد العيش لدى أهلها وهي بالتالي نزعة أجنبية هدفها تدمير الثقافة العربية ومقوماتها الحضارية فهي باعتقادي جزء من العولمة بحدودها الدنيا وتسعى بكل جهدها القضاء على الثقافة العربية بشكل عام وتحديداً في المغرب العربي وبالمجمل كان الكتاب الفرنكوفيليون بهم القليل من الخجل والاستحياء في طلب إحلال اللغة الفرنسية محل اللغة العربية ولكنهم طالبوا بإحلال العامية، تصور يا رعاك الله محل اللغة العربية الصحيحة السليمة لغة القران الكريم وبذلك يفسحون المجال واسعا للغتهم الفرنسية؛ لأنهم ينظرون إلى اللغة العربية الفصحى أنها قادرة على حمل الدين والفكر والفلسفة والحضارة بمخرجاتها والتراث الإنساني العظيم وما دونها العربية الفصحى فهي لا تتسع إلى كل ذلك، فقد بثوا الفرنكوفيلية عبر أنصار لها في المغرب العربي في المؤسسات العمومية وهيأت عيونها ليتولوا الهيأت الحكومية العليا فتزوجوا الفرنسيات أو أشباههن وأسسوا الجمعيات المشبوهة والمريبة وتسربوا إلى لجان إصلاح برامج التعليم وهذه هي الكارثة ومن هنا بدأت آثار سمومهم من أجل بناء عقلية لائكية غربية الاتجاه لدى النشء فهم قبل اللغة العربية نظرياً وفعلياً رفضوها وقبلوا الإسلام ظاهراً ورفضوه باطناً وما فتئوا وبكل وقاحة يطالبون باستبدال منهج التربية الإسلامية بما يعرف بمنهج التربية المدنية، وهذا التيار الخبيث النجس رغم أقليته الفرنكوفيليون أصبحوا يتحكمون في مصير الأغلبية ويتجاهلون مطامحها وتطلعاتها ويدوسون كل المثل و القيم والمبادئ التي تؤمن بها والتاريخ يذكر أن بعض قادة المغرب العربي اعتبر أن الصيام وهو الفريضة الإسلامية معيق لعملية الإنتاج تصوروا ما أدهى ذلك.

إذا مخارج مكرهم كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكن سيبقى لحضارة الإسلام وأمته سيوفا تذود عن هذا الحمى وأقلاماً جديرتا بكشف كل صور دهائهم وخبثهم، لقد تم والحمد لله.

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك