صراع الأجيال وثقافة السكاكين

كتبه:د.سلطان موسى العويضه

 

يشكي كل جيل من عقوق الجيل الذي قبله، وتلك حقيقة بشرية منذ الإنسان الأول إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد وُجد على قبر فرعوني عمره 4000 سنة تقريبا قبل الميلاد عبارة يشكو من خلالها صاحب القبر عقوق جيل عصره مقارنة بجيله!.

ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما معناه \"ربوا أولادكم لعصر غير عصركم فقد خُلقوا له لا لعصركم\". وتُجمع نظريات التربية وعلم النفس الحديث على حقيقة مفادها (رب إبنك على أن ينفصل عنك ) والمقصود أن نجاحك كمرب يعتمد في حقيقة إنفصال الإبن عنك عاطفيا. ولأدباء المهجر كتابات رائعة حول هذة المسألة تُختزل في أنك معبر لوجود إبنك لكنك لا تملكه.

دفعني لكتابة هذا المقال ما توارد على مسامعي من نشوز بعض المراهقين لدينا ولجوءهم للسكاكين للتعبير عن إحتياجاتهم النفسية وربما المادية ووالله أثناء كتابتي هذا المقال تلقيت إتصالا من مراهق مطعون بسكين!. وأتساءل أما آن الأوان لنا أن نتفهم ما معنى مراهقة؟ ما إحتياجاتها النفسية؟ كيف نتعامل مع المراهقون؟ أنسينا كيف كنا ونحن نسبر أغوارها أم أننا ولدنا كبارا؟ّ! .

المراهقة هي ثورة في النمو بمناحيه المختلفة بدء من تفجر الهرمونات وإختلاف الصوت وتسارع مضطرد في النمو الجسمي والعاطفي و أكبر مشكلة تواجهها المراهقة أو المراهق التأرجح الحثيث بين توديع عالم الأطفال المخملي إلى عالم الكبار و تبعات الإلتزام بالمنظومة القيمية للمجتمع وأخطر ما في ذلك الرغبة المُلحة في إثبات كسب الرهان والفوز في تخطي مرحلة الطفولة وإقتحام عالم الكبار ليُعترف بأن اليافع غدا راشدا أو رجلا وأن الطفلة المُدللة أصبحت فتاة تطمح بكل ما تطمح به النساء من زواج و حق في الأمومة وإستقلالية ببيت الزوجية.

كل ما يُطالب به المراهق هو الإعتراف به كرجل راشد والتعامل معه كند وليس كتابع، إن لم يجد هذا سيلجأ إلى لفت الإنتباه له بأي شكل ويبدو أن أكثر الوسائل رواجا هذه الأيام هي لغة السكاكين، فالطعن هنا يُعبر أبلغ تعبير عن نسف لكل المنظومة القيمية التي ظللنا نحشو بها عقله ووجدانه بها سنين عمره السابقة ، فالطعنة إذا ليست في خاصرة خصم يريد منه مالا أو إختلفا حول أمر ما ...هذا ما يبدو للناظر...لكنها طعنة لخاصرة المنظومة القيمية التي تكّسرت مجاديفه في الإبحار بمحيطها اللجّي.

ما تقدم ليس تبريرا لسلوك المراهقين، ولكنه تفسيرا عسى أن يجد رجع صدى لدى كل المعنيين.

همسة:
المراهقة عندنا تمتد لفترة أطول من غيرنا من مجتمعات فقد تصل لعمر الأربعين. بسبب فشل البعض في تربية الإنفصال و نجاحهم في تربية الإلتصاق النفسي لدرجة عجز الرجل الأربعيني (المراهق) على القدرة في إتخاذ أبسط قرارات حياته بمنأي عن الأهل. وعليه لا تُستنكر ثقافة السكاكين حين عجزت ثقافة الحوار المواءمة في ردم هوّة صراع الأجيال.

المصدر: http://www.aljoufnews.com/sa/articles.php?action=show&id=208

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك