ثقافة الحوار أولاً
أضافه الحوار اليوم في

نضال عارف
الإعلام العربي موجه وتأسس في بداياته على ضوابط لها علاقة بالأجندات السياسية وتوجهات الدول الراعية، والمتحكم في عملياته وإدارتها رأس المال، سواء أكان الممول أو الرعايات التي تأتي على شكل إعلان تجاري، ومن مهامه استقطاب الجمهور على أسس لا علاقة لها بالثقافة، وتجنيده ليتبنى هذا التوجه حصراً لا ذاك، الأمر الذي أظهر هذا الإعلام وكأنه في حرب فيما بينه.
ينظر إلى المثقفين باعتبار أنهم شريحة نخبوية من المجتمع، تعيش في (أبراج عاجية)، منعزلة عن محيطها، ومنغمسة في انشغالاتها اليومية، كما أن هذه الشريحة، يصعب تدجينها، أو ضبطها –في الأغلب– لتكون في هذه البوتقة أو تلك، الأمر الذي جعل من البرامج الثقافية، كما أرى، ملحاً خفيفاً لطعام البرامج.
أما البرامج الحوارية من حيث العموم، في الإعلام الفضائي العربي، فهي موجهة أيضاً، فتجد أن القائمين على الإعداد ينتقون ضيفين ليتحاورا في مسألة بعينها، إلا أنهما ليسا متكافئين، لا الخبرة متكافئة، ولا القدرة على الجدال، الأول يكون قوياً ويعبر عن وجهة نظر القناة، والثاني ضعيف ومهزوز ويعبر عن وجهة النظر الأخرى، وأحياناً يتعدد الضيوف لتكون الغلبة لوجهة نظر الإدارة.
وضمن التوصيف السابق، يمكننا القول إن (البرامج الحوارية) تخلو من الحوار العميق، الهادف، الذي يسعى إلى الحقيقة، وتحليل الظواهر، وفهمها، ومحاولة تقديم حلول للأزمات لا تأزيمها، و(الحوار العربي) في ضوء ما أرى: (صراع ديكة).
وقبل الوصول إلى (برامج حوارية) في الثقافة والفنون، يجدر أيضاً أن تكون هناك (ثقافة الحوار) قائمة في مختلف الأوساط، داخل المجتمع بتعدد ألوانه، وهذا وبكل أسف عنصر مفقود في الحالة العربية، الأمر الذي انعكس على محتويات البرامج التي يعلو بها (الصراخ والتهديد والسب والشتم) ومؤخراً وصلت الأمور إلى الضرب ورشق الماء وبشكل متكرر وعلى الهواء مباشرة.
وإن نظرنا إلى جداول الإنتاج الفضائية، نجد أن البرامج الحوارية الثقافية لا وجود لها إلا ما ندر، ويمكن أن تحصى وقد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وعادة ما تختفي هذه البرامج بعد فترة من بثها، لتنتكس بذلك الصورة عن البرامج الثقافية.
وإن نظرنا وتفحصنا الفضائيات، خاصة تلك التي تعرف نفسها بأنها ثقافية، لوجدنا أن قليلة الحضور في الأوساط الثقافية، فكيف يكون حالها وسط الجمهور؟ يجب أن نعترف أن الحضور الثقافي عموماً في حالة ضعف وتراجع، مع استثناءات محدودة، كمعارض الكتب، وبعض الندوات، فإن الأمسيات الشعرية والقصصية والمحاضرات النقدية، لا يتجاوز حضورها المعارف والأصدقاء، ما يعني أن هنالك خللاً في الأصل قائم، يجعل من البرامج الحوارية في المجال الثقافي.. أمر من الصعب تحقيقه بضربة (عصا الساحر).
الحوار الخارجي: