الشعوب الغامضة!!

يوسف الكويليت

    هل الشعوب الآسيوية الصفراء أكثر غموضاً وتحفظاً من بقية الشعوب الأخرى حتى أن انعكاس وجوههم يجعلك لا تستطيع قراءة الفرح من الحزن، والكآبة من السعادة، أو أن ذلك انطباع غربي باعد بين الشعوب، وخلص إلى أنه العرق الأسمى والنقي، وما سر هذا التوجه وتلك القراءات وما مدى تطابقها مع الواقع؟..

كثيرون تناولوا سر الشخصية الآسيوية جديتها بالعمل وتركيبتها الأسرية والاجتماعية، ورمزية التقاليد والتراث، وانعكاس إرثها الديني أو شبه الديني على الحياة العامة، كذلك ما قيل عن حذر تلك الشعوب إفشاء أسرارها أو وجهة نظرها حتى بالأمور العادية لدرجة أن أحد الكتاب الأمريكان ألف كتاباً عن حياة اليابانيين وعالمهم الخاص وانتهى إلى نتيجة أنه طيلة عشرين عاماً عجز أن يكسب صديقاً من الجنسين، وربما يعود ذلك إلى توالي الإمبراطوريات التي احتضنت الكهنة الذين يفسرون للقادة أفلاكهم وطلائع بختهم، لدرجة تسلطهم على الآخرين بالقتل والتعذيب والتهجير، وأن تتالي تلك الحكومات خلق في تلك النفوس الغموض، وهناك من يقيس على هذه النتائج الأحياء الصينية في مدن العالم ورفضها الاندماج بتلك المجتمعات لدرجة أنها تعيش بتقاليدها ولغاتها وطعامها بعيداً عن تلك الأصول، أو الدخول في حياتهم..

قد تكون هذه الأحكام جائرة وتندرج ضمن الحرب النفسية، لأن آسيا بدأت تفرز نفسها قوى متقدمة جمعت بين حضاراتها الكبرى، ونموذجها البشري الجديد حتى أننا نتذكر كيف بدأت صناعات اليابان بدائية تقلد المنتج الغربي والأمريكي، لكنها خرجت من التقليد إلى الابتكار والجودة واستطاعت اختراق متاريس الدول المتقدمة والمتخلفة بسلعها، وهو إنجاز تعدى فترة النهضة الأوروبية بزمن قياسي، وجاءت كوريا الجنوبية لتحدث رجة في السوق العالمي بمنجزات سابقة للعصر، ثم الصين التي بدأت تزحف على العالم بإغراقه بمنتجاتها وبضائعها وهي صورة مستنسخة من اليابان وكوريا غير أنها قد تصبح القاطرة الهائلة لبقية شعوب آسيا والعالم كله، حين خرجت استثماراتها إلى البلدان المتروكة والبكر في أفريقيا، وأمريكا الجنوبية وسط مخاوف لا تخفيها دول حلف الأطلسي..

لكن هل هذه الشخصية الديناميكية في تلك البلدان مغلفة بالأسرار والغموض، وأنها كعالم النحل في تنظيمها وجديتها تختلف عن بقية شعوب العالم بنفس الوقت كيف استطاعوا إدارة أعمالهم وتسويق منتجاتهم بهذا الذكاء لوجود حافز الالتقاء مع العالم، أم أن في داخل تلك الشخصية يكمن الغموض، حتى قيل إن الياباني لا يحترم في شعوب العالم إلاّ الألمان، وقد يعزى السبب إلى ما يشبه الحلف أو الآيدولوجيا الواحدة التي جعلت الدولتين تقفان في وجه العالم من منظور عرقي وعنصري في الحرب العالمية الثانية التي دمرت البلدين لتلك الأسباب؟..

الحرب لا تجري فقط بالأسلحة المدمرة، لأن هناك حروباً مساندة نفسية واجتماعية وعرقية، وخاصة إذا صاحبها تنافس اقتصادي وتقني، ولعل ما يجري بين الشرق والغرب نموذج لتصفية الحسابات بينهم..

المصدر: http://riy.cc/912270

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك