الدولة العالمية للتواصل الاجتماعي..

يوسف الكويليت

    من المستحيل وقف تدفق السلع والأفكار والمعلومات بين الشعوب الضار منها والنافع إذا كانت الغايات تسير بحسابات المكاسب لا الأخلاقيات، وكما أن القوة العسكرية انفردت بالغزو والاحتلال والهيمنة على موارد الشعوب، فتدفق المعلومات بدءاً من بريد الحمام الزاجل وإلى وسائط التواصل الحديث التي خلقت معادلة ثابتة أن العالم بدأ يصغر إلى حدود القرية الواحدة، وأنه لا قدرة لأحد صد طوفان التقنيات الجديدة..

نحن في هذه القرية مجرد شارع أو زقاق صغير، وبالتالي هل يمكن عزل الإنسان عن عالمه الجديد، وخاصة أن قنوات التواصل بدأت تأخذ دراسات اجتماعية وسياسية وأمنية من خلال مخاطرها وإيجابياتها، وكما أن الأشرار يمكنهم صناعة المخدرات والمتفجرات وترويج الشائعات في حروب دينية واجتماعية وبناء مؤسسات الإرهاب، إلا ان المكاسب تتضاعف للحصول على المعلومات في البحوث الإنسانية والعلمية والطبية وتبادلها بين الخبراء والباحثين وحتى تسويق السلع قطع حبل الاحتكار في اتساع البيع والشراء بواسطة الشبكات العنكبوتية، وتحول الخبر إلى انتشار سريع لم يعد يجعل وكالات الأنباء قادرة على مجاراته أو حصره بها، وكذلك الخدمات الأخرى كالبنوك بما فيها السطو على حساباتها أو التجسس عليها، أسوة بانكشاف العالم أمام مخاطر أسرارها والتي حدثت مع الفضائح التي سربت عن مراكز المعلومات الأمريكية..

هذا التفاعل اللامحدود بين البشر زاد من التعارف وتبادل الثقافات والصداقات لكن هل يمكن للدعاة المصلحين عندنا، وبحسن نواياهم إيقاف المد اللامحدود واليقظة من أضراره، إذا علمنا أن في البيت الواحد تعم الأمية التقنية، ومن يتعاملون معها من الأجيال الصاعدة التي تبدأ من السن الخامسة إلى الأربعين؟ وهل بقدرتنا مراقبة ما يطلع عليه المراهقون من الجنسين سواء بتسويق المحرمات من جنس ومخدرات وغسل أدمغة، أو أي بضاعة يحرمها العالم؟

خبر أمس في هذه الجريدة قال إن مستوردات المملكة من أشربة الطاقة بلغ ستة مليارات ريال يمكن فيها بناء مؤسسات وشركات ومصانع صغيرة، لإهدار هذه المبالغ على شراب أُثبتت أضراره، وهذا جزء من عولمة السلعة الرديئة أو النافعة وبالتالي فإن اندماجنا مع العالم بدون حبوس أو حواجز، يعد جزءاً من نمو ظواهر مستحدثة سلبية وإيجابية، وهي ضريبة أي تطور يحدث في العالم، ولعل إنذارات علماء النفس والعلوم الاجتماعية من الخوف من عزلة الفرد ومشكلات اجتماعية خطيرة تجعلنا نفقد تعاطفنا وإنسانيتنا، لدرجة أنه لم يعد للمجتمعات خصوصيتها الذاتية أو حمايتها هي الأخطر..

الحذر وحده لا يكفي فنحن أمام طوفان هائل دخل بيوتنا وعقولنا والحصانة وحدها، حسب كل الدراسات، الوعي المتصاعد وهذا يحتاج إلى وسائل تربوية وسلوكية وروحية لا نجدها قادرة، في الوقت الراهن، مماشاة تدفق المعلومات..

وإذا كان لكل منتج جديد مشاكله وحلوله، فإننا أمام واقع لابد أن نتعايش معه، وبدون إرادة منا، لكن توجيه المخزون الأخلاقي للجيل الحاضر والقادم مسؤوليات تربوية واجتماعية على كل فرد في هذا المجتمع.

http://www.alriyadh.com/936346

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك