التمسك بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي
صادف أمس الذكرى السنوية ال60 لإصدار المبادئ الخمسة للتعايش السلمي. قبل 60 عاما في العام 1955 طرح قادة الصين والهند وميانمار المبادئ الخمسة للتعايش السلمى سويا، وشارك الملك فيصل (كان ولي العهد السعودي آنذاك) مع قادة الصين والدول الآسيوية والافريقية الأخرى في "مؤتمر باندونغ" الذي عقد في اندونيسيا لجعل هذه المبادئ الخمسة المهمة هي التى تنظم العلاقات الدولية.
لا يفوتنا اليوم أن نعبر عن إعجاب ببعد نظر ونفاذ بصيرة الجيل القديم من قادة الصين والسعودية وغيرهما. إن المبادئ الخمسة المتمثلة في الاحترام المتبادل للسيادة، ووحدة الأراضي، وعدم الاعتداء، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي، قد لاقت إقبالا أوسع من دول العالم مع مرور أكثر من نصف قرن تملؤه تغيرات الأوضاع الدولية، وأصبحت هذه المبادئ حجر الأساس في الكثير من دول العالم لتأسيس العلاقات الطبيعية وإجراء التبادلات والتعاون، حيث ظلت تلعب دوراً مهما في الحفاظ على سلامة العالم وتنميته.
تعيش منطقة الشرق الأوسط حالياً في عصر مفعم بتغيرات عميقة، وهذا يوجب الالتزام بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمى سواء في التعامل بين دول المنطقة، أو بين الدول خارجها. إن شعوب الدول العربية تتمتع بتقاليدها الوطنية والثقافية المتميزة، وتتطلع إلى الحياة السلمية والميسورة وبالكرامة. ومن المستحيل أن تتوفر الظروف الملائمة للدول العربية لتحقيق الاستقرار والتنمية إلا بالاحترام لسيادتها ووحدة أراضيها، واحترام حق شعوبها في اختيار الطريق التنموي بأنفسهم وفقاً لظروف دولهم الواقعية. وإن الحكومة السعودية، انطلاقا من الحفاظ على مصالح الشعب السعودي وشعوب الدول العربية الأخرى وتعزيز استقرار وتنمية المنطقة، ظلت تتخذ مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية كالمبدأ الأساسي في شؤونها الخارجية، الأمر الذي رفع مكانتها الدولية. وظلت الصين والدول العربية في مقدمتها السعودية تتعامل على أساس المبادئ الخمسة، أي تحترم بعضهما بعضا ولا تتدخل في شؤون الآخرين الداخلية، وتتعاون على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة، مما عزز الصداقة الصينية العربية التقليدية ودفع التعاون العملي بين الجانبين. وذلك يتجسد في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، ومن دعم الشعب الفلسطيني لتأسيس دولة مستقلة، إلى التشارك في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري في القرن ال21".
سنواصل التمسك بالمبادئ الخمسة للتعايش السلمي دافعين العلاقة الصينية - السعودية والعلاقات الصينية العربية إلى الأمام.
* السفير الصيني لدى السعودية