فن الحوار

وجدان عوض عبدالرحمن جفشر القحطاني

 

مفهوم الحوار

الحوار في اللغة :

"وتَحاوَرُوا : تَراجَعُوا الكلامَ بينهمْ." ( الفيروزبادي ، 1993م )

"حاورته : راجعته الكلام  "(الفيومي،1987م ،ص 60 )

"وكلَّـمته فما رَجَعَ إِلَـيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُـحاوَرَةٌ وحَوِيراً ومَـحُورَة ، بضم الـحاء، بوزن مَشُورَة أَي جواباً. وأَحارَ علـيه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلـمة، والاسم من الـمُـحَاوَرَةِ الـحَوِير ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما . والـمُـحَاوَرَة : الـمـجاوبة. والتَّـحاوُر : التـجاوب؛ وتقول: كلَّـمته فما أَحار إِلـيَّ جواباً وما رجع إِلـيَّ حَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَـحُورَةً ولا حَوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستـحاره أَي استنطقه. ( ابن منظور،1410 هـ ،جـ 4، ص218 )  

 

" والـمُـحَاوَرَة : مراجعة الـمنطق والكلام فـي الـمخاطبة، " ( المصدر السابق ، ص218) .

 

الحوار اصطلاحاً :

" ويراد بالحوار والجدال في مصطلح الناس : مناقشة بين طرفين أو أطراف ، يُقصد بها تصحيح كلامٍ ، وإظهار حجَّةٍ ، وإثبات حقٍ ، ودفع شبهةٍ ، وردُّ الفاسد من القول والرأي ." ( ابن حميد ، د : ت ، ص 3 )

 

ويفهم من تعريف الحوار والمجادلة أنهما يشتركان في مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين إلا أن المجادلة تأخذ طابع القوة والغلبة والخصومة،.والجدل لم نؤمر به، ولم يمدح في القران على الإطلاق، وإنما قيد بالحسنى كقوله تعالى :( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(النحل: من الآية125) وقال تعالى(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(العنكبوت: من الآية46) 

فلفظ الجدل مذموم إلا إذا قيد بالأحسن، ومما يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : وما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ الآية:(  مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ )(الزخرف: من الآية58) (الترمذي ، 1994م ، جـ9،ص106 )[1]

حقيقة الحوار في المنهج الإسلامي

أولاً : مفهوم المنهج

المنهج في اللغة :

نهج

: طريقٌ نَهْج : بَـيِّنٌ واضِحٌ، وهو النَّهْج ، والـجمع نَهجات ونُهُج ونُهوج

و مَنْهَج الطريقِ : وضَحُه. والـمِنهاج : كالـمَنْهَج . وفـي التنزيل: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً)(المائدة: من الآية48)

وأَنهَج الطريقُ: وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجا واضِحاً بَـيِّناً ، والـمِنهاج : الطريقُ الواضِحُ. واسْتَنْهَج الطريقُ: صار نَهْجا ( ابن منظور ، 1410هـ ، ج2 ، ص 383 )

المنهج في الاصطلاح :

" الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة ، تهيمن على سير العقل ، وتحدد عملياته ، حتى يصل إلى نتيجة معلومة " ( العساف ، 1424 هـ ، ص 169 )

" فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة ، من أجل الكشف عن الحقيقة  " ( أبو سليمان ، 1416هـ ، ص 60 )

" طريق كسب المعرفة ، أو هو الطريقة التي يتبعها الباحث في دراسة المشكلة لاكتشاف الحقيقة ، أو هو الخطوات المنظمة التي يتبعها الباحث في معالجة الموضوعات التي يقوم بدراستها " ( الدغيمي ، 1417هـ ،ص 33 ) .

ثانياً : حقيقة الحوار في المنهج الإسلامي

الحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية المستندة أساسا إلى مبادئ الدين الحنيف وتعاليمه السمحة وهو موقف فكرى يعبر عن أبرز سمات الشخصية الإسلامية السوية وهي سمة التسامح .

الحوار في المنهج الإسلامي أسلوب من أساليب التربية وطريقة للفهم والإقناع والدعوة إلى الله عز وجل بالعقل والمنطق ،" ويمكننا تمييز ستة[2] أشكال من الحوار ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهي :

1-الحوار الخطابي : وقد يتطرق إلى الناحية التعبدية ، وقد يتطرق إلى التذكير بنعم الله ، قال تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ)(البقرة: من الآية211) وقد يتطرق إلى التنبيه والإيضاح مثل قوله تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ*الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) (النبأ:1-3) ، وقد يتطرق إلى إثارة العواطف الإنسانية والانفعالات الوجدانية مثل الخشوع لله والخوف من العذاب والشعور بالندم وشكر النعم ، قال تعالى : (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (الطور:29) .

2-الحوار الوصفي : ويقصد به وصف حالة نفسية أو واقعة بين المتحاورين ، وهدفه التربوي الاقتداء بصالح الأعمال والابتعاد عن سيئها ، وفي القرآن الكريم كثير من الآيات التي توضح حواراً يصف أهل الجنة أو أهل النار ، قال تعالى : (وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ *هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ*احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ*مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) (الصافات:20-23) .

3-الحوار القصصي : ويأتي في إطار قصة واضحة في شكلها وتسلسلها القصصي ، ويغلب عليه الإخبار ، وتأثيره التربوي يستند إلى الإيحاء وتربية العواطف وإدراك التصور الرباني لأمور الحياة ، ومن أمثلته الحوار الذي دار بين شعيب وقومه في سورة هود .

4-الحوار الجدلي لإثبات الحجة : وغايته إثبات الحجة على المشركين للاعتراف بضرورة الإيمان بالله وتوحيده ، ومن أمثلته قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى*مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى*وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (لنجم:1-5)

ومن آثاره التربوية تربية العقل على التفكير السليم وتحري الصواب والرغبة في الوصول إلى الحقيقة " ( غبان ، 1415هـ ، ص 121 )
أهمية الحوار

" استخدم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب ( أسلوب الحوار ) في عديد من المواقف [3]، لذا حرص المربون المسلمون على إتباع هذا الأسلوب والإشادة بأهميته . وفي هذا المجال يؤكد ابن خلدون أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعي والمناقشة لا الحفظ الأعمى عن ظهر قلب ، ويشير إلى أن "ملكة العلم" إنما تحصل بالمحاورة والمناظرة والمفاوضة في مواضيع العلم ، ويعيب طريقة الحفظ عن ظهر قلب ويعتبرها مسئولة عن تكوين أفراد ضيقي الأفق عقيمي التفكير لا يفقهون شيئاً ذي بال في العلم " ( غبان ،1415هـ ، ص 122)

" والواقع أن المربين المسلمين قد اهتموا بأسلوب المناظرة والحوار في التدريس واعتبروه أسلوباً مفضلاً مجدياً في التعليم ، حيث يقول الزرنوجي :"إن قضاء ساعة واحدة في المناقشة والمناظرة أجدى على المتعلم من قضاء شهر بأكمله في الحفظ والتكرار " ( المصدر السابق ، ص 122 )

" والحوار الهادئ ينمي عقل الطفل ، ويوسع مداركه ، ويزيد من نشاطه في الكشف عن حقائق الأمور ، ومجريات الحوادث والأيام ، وإن تدريب الطفل على المناقشة والحوار يقفز بالوالدين إلى قمة التربية والبناء ، إذ عندها يستطيع الطفل أن يعبر عن حقوقه ، وبإمكانه أن يسأل عن مجاهيل لم يدركها ، وبالتالي تحدث الانطلاقة الفكرية له ، فيغدو في مجالس الكبار ، فإذا لوجوده أثر ، وإذا لآرائه الفكرية صدى في نفوس الكبار ، لأنه تدرب في بيته مع والديه على الحوار، وأدبه ، وطرقه ، وأساليبه ... واكتسب خبرة الحوار من والديه ." ( سويد ، 1422هـ ، ص 119 )

ويرى الشيخ سلمان العودة أن أهمية الحوار تبرز من جانبين:

الجانب الأول: دعوة الناس إلى الإسلام والسنة:

"فتعقد لذلك محاورات مع غير المسلمين؛ لإقناعهم بأن دين الله تعالى حق لا شك فيه، أو مع مبتدعين منحرفين عن السنة؛ لدعوتهم إلى السنة، وأمرهم بالتزامها. والقرآن الكريم حافل بنماذج من مثل هذه الحوارات التي جرت بين أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام وبين أقوامهم، حتى إن قوم نوح قالوا له: (يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [هود:32]، فأكثر جدالهم حتى تبرَّموا من كثرة جداله لهم، والجدال نوع من الحوار.

إننا بحاجة إلى أن نحاور أصحاب المذاهب والنظريات والأديان الأخرى؛ بهدف دعوتهم إلى الله تعالى، فالحوار وسيلة من وسائل الدعوة.

ولا يجوز أبدًا أن نعتقد -كما يعتقد الكثيرون- أن العالم اليوم يعيش حالة إفلاس من النظريات والعقائد والمبادئ والمثل، فهذا غير صحيح؛ بل العالم اليوم يعيش حالة تخمة من كثرة النظـريات والمبادئ والعقائد والمثل والفلسـفات وغيرها، صحيح أنها باطلة، ولكن هذا الركام الهائل من الباطل مدجج بأقوى أسلحة الدعوة والدعاية، والدعاة الذين تدرَّبوا وتعلَّموا كيف يدافعون عن الباطل حتى يصبح في نظر الناس حقًّا.

أما أهل الحق فكثير منهم لا يحسن الطريقة المثلى للحوار؛ لإقناع الخصم بما لديه من الحق والسنة .

وقد لا يحسن هؤلاء أن يناقش بعضهم بعضًا، إلا من خلال فوهات المدافع والبنادق، فإن لم يملكوها، فمن خلال الأفواه التي تطلق من الكلمات الحارة الجارحة، ما هو أشد فتكًا  من الرصاص والقذائف.

إذن، فإن الهدف الأول من الحوار هو دعوة الكفار إلى الإسلام، أو دعوة الضالين من المبتدعة إلى السنة." ( العودة ، د : ت ، ص18 )

.الجانب الثاني: فصل الخلاف في الأمور الاجتهادية:

"فالحوار يُعد وسيلة للوصول إلى اليقين والحق في مسألة اجتهادية اختلفت فيها أقوال المجتهدين، فيتكلم اثنان في محاورة أو مناظرة للوصول إلى الحق في مسألة اجتهادية ليس فيها نص صريح، أو إجماع لا يجوز تعديه.

وليس من الضروري -أيها القارئ الكريم- أن تعتقد أن نتيجة الحوار لابد أن تكون إقناعك الطرف الآخر بأن ما عندك حق، وما عنده باطل، فليس هذا بلازم، فقد تقنع إنسانًا بذلك، فإن لم تتمكن، فأقل شيء تكسبه من الحوار - إذا التزمتَ بالشروط الموضوعية له - أن يعلم خصمك أن لديك حجة قوية، وأنك محاور جيد، وأن يأخذ انطباعًا بأنك موضوعي متعقل، بعيد عن التشنج والهيجان والانفعال.

فكثير من الناس يظنون أن الآخرين لا يملكون الحق، وليس عندهم شيء، وأنهم مجرد مقلِّدين، فإذا حاوروهم وناظروهم علموا أن لديهم حججًا قوية، فأقل ما تكسبه أن تجعل أمام مناظرك علامة استفهام.

فقد تلتقي بنصراني داعية إلى النصرانية، فتناقشه، فمن المحتمل أن يسلم، وهذا خير كثير، وهو أرقى وأعلى ما تتمناه، لكن قد لا يسلم، فهل تعتبر أنك قد خسرت المناظرة؟ لا؛ لأنه وإن لم يسلم، فربما صار عنده تفكير في الإسلام يدعوه إلى أن يبحث، ثم قد يسلم ولو بعد حين، وإذا لم يفكر في ذلك، فعلى الأقل صار عنده شكوك في دينه، وإذا لم يحصل هذا، فعلى أقل تقدير فتر شيء من الحماس الذي كان يحمله لدينه، وصار عنده تردد في مذهبه الباطل. 

ونحن نجد أن المسلمين الذين يكثرون الاحتكاك بأهل الكتاب أو بالمنحرفين عن الإسلام ويسمعون منهم الكثير؛ نجد أن هؤلاء المسلمين وإن لم يتركوا دينهم إلا أن حماسهم يقل ويفتر لدينهم حتى وهم على الحق؛ وذلك من كثرة ما سمعوا من أعدائه، فما بالك بأهل الباطل إذا سمعوا نقد باطلهم؟ لابد أن يفتر حماسهم له، أو يشكّوا فيه، أو يتراجعوا عنه. " ( المصدر السابق ، ص 20 )

أهداف الحوار وغاياته

"الغاية من الحوار إقامةُ الحجة ، ودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي . فهو تعاون من المُتناظرين على معرفة الحقيقة والتَّوصُّل إليها ، ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها ، والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق . يقول الحافظ الذهبي : ( إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ ، وإفادةِ العالِم الأذكى العلمَ لمن دونه ، وتنبيهِ الأغفلَ الأضعفَ ) .

هذه هي الغاية الأصلية ، وهي جليَّة بيِّنة ، وثَمَّت غايات وأهداف فرعية أو مُمهِّدة لهذا الغاية منها :

-       إيجاد حلٍّ وسط يُرضي الأطراف .

-       التعرُّف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى ، وهو هدف تمهيدي هام .

-       البحث والتنقيب ، من أجل الاستقصاء والاستقراء في تنويع الرُّؤى والتصورات المتاحة ، من أجل الوصول إلى نتائج أفضل وأمْكَنَ ، ولو في حوارات تالية ." ( ابن حميد ، د : ت ، ص 4 )

ومن أهداف الحوار :
أولاً: أن في الحوار مع الآخر اكتشاف الإنسان لما في نفسه من النقص والضعف والسلبيات التي لا تخلوا منها شخصية إنسانية.
ثانيا ً: أن في الحوار مع الآخر حصول الاحتكاك الفكرى والثقافى والتدافع الحضارى بين الناس .
ومن دون ذلك يركد الذهن ويفقد الدافع إلى المعرفة ، قال الله تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)(البقرة: من الآية251).

ثالثاً : تحقيق الذات وإثبات الهوية .

رابعاً : الحصول على التغذية الراجعة .

خامساً : الإبداع والابتكار .

سادساً : إزالة الضغائن والمشاحنات .

أصول الحوار الهادف

ذكر الشيخ ابن حميد ثمانية أصول للحوار :

الأصل الأول :

سلوك الطرق العلمية والتزامها ، ومن هذه الطرق :

1-     تقديم الأدلة المُثبِتة أو المرجِّحة للدعوى .

2-     صحة تقديم النقل في الأمور المنقولة .

وفي هذين الطريقين جاءت القاعدة الحوارية المشهورة : ( إن كنت ناقلاً فالصحة ، وإن كنت مدَّعيّاً فالدليل ) .

وفي التنزيل جاء قوله سبحانه : { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وفي أكثر من سورة :البقرة :111 ، والنمل 64 .  { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي } (الانبياء:24) . { قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (آل عمران:93) .

الأصل الثاني :

سلامة كلامِ المناظر ودليله من التناقض ؛ فالمتناقض ساقط بداهة .

ومن أمثلة ذلك ما ذكره بعض أهل التفسير من :

1- وصف فرعون لموسى عليه السلام بقوله : { سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } (الذريات:39) .

وهو وصف قاله الكفار – لكثير من الأنبياء بما فيهم كفار الجاهلية – لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم . وهذان الوصفان السحر والجنون لا يجتمعان ، لأن الشأن في الساحر العقل والفطنة والذكاء ، أما المجنون فلا عقل معه البته ، وهذا منهم تهافت وتناقض بيّن .

2- نعت كفار قريش لآيات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها سحر مستمر ، كما في قوله تعالى : { وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } (القمر:2) .

وهو تناقض ؛ فالسحر لا يكون مستمراً ، والمستمر لا يكون سحراً .

 

الأصل الثالث :

            ألا يكون الدليل هو عين الدعوى ، لأنه إذا كان كذلك لم يكن دليلاً ، ولكنه اعادة للدعوى بألفاظ وصيغ أخرى . وعند بعض المُحاورين من البراعة في تزويق الألفاظ وزخرفتها ما يوهم بأنه يُورد دليلاً . وواقع الحال أنه إعادة للدعوى بلفظ مُغاير ، وهذا تحايل في أصول لإطالة النقاش من غير فائدة .

الأصل الرابع :

الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مُسَلَّمة . وهذه المُسَلَّمات والثوابت قد يكون مرجعها ؛ أنها عقلية بحتة  لا تقبل النقاش عند العقلاء المتجردين  ؛ كحُسْنِ الصدق ، وقُبحِ الكذب ، وشُكر المُحسن ، ومعاقبة المُذنب .

أو تكون مُسَلَّمات دينية لا يختلف عليها المعتنقون لهذه الديانة أو تلك .

وبالوقوف عند الثوابت والمُسَلَّمات ، والانطلاق منها يتحدد مُريد الحق ممن لا يريد إلا المراء والجدل والسفسطة .

ففي الإسلام الإيمان بربوبية الله وعبوديَّته ، واتَّصافه بصفات الكمال ، وتنزيهه عن صفات النقص ، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، والقرآن الكريم كلام الله ، والحكم بما أنزل الله ، وحجاب المرأة ، وتعدد الزوجات ، وحرمة الربا ، والخمر ، والزنا ؛ كل هذه قضايا مقطوع بها لدى المسلمين ، وإثباتها شرعاً أمر مفروغ منه .

إذا كان الأمر كذلك ؛ فلا يجوز أن تكون هذه محل حوار أو نقاش مع مؤمن بالإسلام لأنها محسومة .

فقضية الحكم بما أنزل الله منصوص عليها بمثل : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ... } (النساء:65) . {  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (المائدة:45) .

وحجاب المرأة محسوم بجملة نصوص :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } (الأحزاب:59) .

وقد يسوغ النقاش في فرعيات من الحجاب ؛ كمسألة كشف الوجه ، فهي محل اجتهاد ؛ أما أصل الحجاب فليس كذلك .

الربا محسوم ؛ وقد يجري النقاش والحوار في بعض صوره وتفريعاته .

ومن هنا فلا يمكن لمسلم أن يقف على مائدة حوار مع شيوعي أو ملحد في مثل هذه القضايا ؛ لأن النقاش معه لا يبتدئ من هنا ، لأن هذه القضايا ليست عنده مُسَلَّمة ، ولكن يكون النقاش معه في أصل الديانة ؛ في ربوبيَّة الله ، وعبوديَّة ونبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، وصِدْق القرآن الكريم وإعجازه .

ولهذا فإننا نقول إن من الخطأ – غير المقصود – عند بعض المثقفين والكاتبين إثارة هذه القضايا ، أعني : تطبيق الشريعة – الحجاب – تعدد الزوجات – وأمثالها في وسائل الإعلام ، من صحافة وإذاعة على شكل مقالات أو ندوات بقصد إثباتها أو صلاحيتها . أما إذا كان المقصود : النظر في حِكَمِها وأسرارها وليس في صلاحيتها وملاءمتها فهذا لا حرج فيه ، إذْ :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ  }(الأحزاب:36)

وأخيراً فينبني على هذا الأصل ؛ أن الإصرار على إنكار المُسلَّمات والثوابت مكابرة قبيحة ، ومجاراة منحرفة عن أصول الحوار والمناظرة ، وليس ذلك شأن طالبي الحق .

الأصل الخامس :

التجرُّد ، وقصد الحق ، والبعد عن التعصب ، والالتزام بآداب الحوار :

إن إتباع الحق ، والسعي للوصول إليه ، والحرص على الالتزام ؛ وهو الذي يقود الحوار إلى طريق مستقيم لا عوج فيه  ولا التواء ، أو هوى الجمهور ، أو الأتْباع .. والعاقل – فضلاً عن المسلم – الصادق طالبٌ حقٍّ ، باحثٌ عن الحقيقة ، ينشد الصواب ويتجنب الخطأ .

يقول الغزاليّ أبو حامد : ( التعاون على طلب الحق من الدّين ، ولكن له شروط وعلامات ؛ منها أن يكون في طلب الحق كناشد ضالّة ، لا يفرق بين أن تظهر الضالّة على يده أو على يد معاونه . ويرى رفيقه معيناً لا خصماً . ويشكره إذا عرَّفه الخطأ وأظهره له ) .

ومن مقولات الإمام الشافعي المحفوظة : ( ما كلمت أحداً قطّ إلا أحببت أن يُوفّق ويُسدّد ويُعان ، وتكون عليه رعاية الله وحفظه .وما ناظرني فبالَيْتُ ! أَظَهَرَتِ الحجّةُ على لسانه أو لساني ) .

وفي ذمّ التعصب ولو كان للحق ، يقول الغزالي :

( إن التعصّب من آفات علماء السوء ، فإنهم يُبالغون في التعصّب للحقّ ، وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار ، فتنبعث منهم الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة ، وتتوفر بواعثهم على طلب نُصرة الباطل ، ويقوى غرضهم في التمسك بما نُسبوا إليه . ولو جاؤوا من جانب اللطف والرحمة والنصح في الخلوة ، لا في معرض التعصب والتحقير لأنجحوا فيه ، ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلا بالاستتباع ، ولا يستميل الأتْباع مثلُ التعصّب واللعن والتّهم للخصوم ، اتخذوا التعصب عادتهم وآلتهم )

والمقصود من كل ذلك أن يكون الحوار بريئاً من التعصّب خالصاً لطلب الحق ، خالياً من العنف والانفعال ، بعيداً عن المشاحنات الأنانية والمغالطات البيانيّة ، مما يفسد القلوب ، ويهيج النفوس ، ويُولد النَّفرة ، ويُوغر الصدور ، وينتهي إلى القطيعة .

وهذا الموضوع سوف يزداد بسطاً حين الحديث عن آداب الحوار إن شاء الله .

الأصل السادس :

أهلية المحاور :

إذا كان من الحق ألا يمنع صاحب الحق عن حقه ، فمن الحق ألا يعطى هذا الحق لمن لا يستحقه ، كما أن من الحكمة والعقل والأدب في الرجل ألا يعترض على ما ليس له أهلاً ، ولا يدخل فيما ليس هو فيه كفؤاً .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من كان على الباطل .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يجيد الدفاع عن الحق .

من الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يدرك مسالك الباطل .

إذن ، فليس كل أحد مؤهلاً للدخول في حوار صحي صحيح يؤتي ثماراً يانعة ونتائج طيبة .

والذي يجمع لك كل ذلك : ( العلم ) ؛ فلا بد من التأهيل العلمي للمُحاور ، ويقصد بذلك التأهيل العلمي المختص .

إن الجاهل بالشيء ليس كفؤاً للعالم به ، ومن لا يعلم لا يجوز أن يجادل من يعلم ، وقد قرر هذه الحقيقة إبراهيم عليه السلام في محاجَّته لأبيه حين قال :{ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً}(مريم:43).

وإن من البلاء ؛ أن يقوم غير مختص ليعترض على مختص ؛ فيُخَطِّئه ويُغَلِّطه .

وإن حق من لا يعلم أن يسأل ويتفهم ، لا أن يعترض ويجادل بغير علم ، وقد قال موسى عليه السلام للعبد الصالح :

{ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } (الكهف:66) .

فالمستحسن من غير المختص ؛ أن يسأل ويستفسر ، ويفكر ويتعلم ويتتلمذ ويقف موقف موسى مع العبد الصالح .

وكثير من الحوارات غير المنتجة مردُّها إلى عدم التكافؤ بين المتحاورين ، ولقد قال الشافعي رحمه الله : ( ما جادلت عالماً إلا وغلبته ، وما جادلني جاهل إلا غلبني ! ) . وهذا التهكم من الشافعي رحمه الله يشير إلى الجدال العقيم ؛ الذي يجري بين غير المتكافئين .

الأصل السابع :

قطعية النتائج ونسبيَّتها :

من المهم في هذا الأصل إدراك أن الرأي الفكري نسبيُّ الدلالة على الصواب أو الخطأ ، والذي لا يجوز عليهم الخطأ هم الأنبياء عليهم السلام فيما يبلغون عن ربهم سبحانه وتعالى . وما عدا ذلك فيندرج تحت المقولة المشهورة ( رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب ) .

وبناء عليه ؛ فليس من شروط الحوار الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قول الطرف الآخر . فإن تحقق هذا واتفقنا على رأي واحد فنعم المقصود ، وهو منتهى الغاية . وإن لم يكن فالحوار ناجح . إذا توصل المتحاوران بقناعة إلى قبول كلٍ من منهجيهما ؛ يسوغ لكل واحد منهما التمسك به ما دام أنه في دائرة الخلاف السائغ . وما تقدم من حديث عن غاية الحوار يزيد هذا الأصل إيضاحاً .

وفي تقرير ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله : ( وكان بعضهم يعذر كل من خالفه في مسائل الاجتهادية ، ولا يكلفه أن يوافقه فهمه ) ا هـ . من المغني .

ولكن يكون الحوار فاشلاً إذا انتهى إلى نزاع وقطيعة ، وتدابر ومكايدة وتجهيل وتخطئة .

الأصل الثامن :

الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون ، والالتزام الجادّ بها ، وبما يترتب عليها .

وإذا لم يتحقق هذا الأصل كانت المناظرة ضرباً  من العبث الذي يتنزه عنه العقلاء .

يقول ابن عقيل : ( وليقبل كل واحد منهما من صاحبه الحجة ؛ فإنه أنبل لقدره ، وأعون على إدراك الحق وسلوك سبيل الصدق .

قال الشافعي رضي الله عنه : ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجَّة إلا عظم في عيني ، ولا ردَّها إلا سقط في عيني ) ( ابن حميد ، د : ت ، ص 8 )

 آداب الحوار

إن آداب الحوار الصحيح، هي بإيجاز: 

أولاً: حسن المقصد:

فليس المقصود من الحوار العلو في الأرض، ولا الفساد، ولا الانتصار للنفس، ولكن المقصود الوصول إلى الحق .

والله تعالى يعلم من قلب المحاور ما إن كان يهدف إلى ذلك أم يهدف إلى الانتصار، والتحدث في المجالس أنه أفحم خصمه بالحجة.

ثانيًا: التواضع بالقول والفعل:

من آداب الحوار: التواضع، وتجنُّب ما يدل على العجب والغرور والكبرياء.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الكبر بطر الحق وغمط الناس"[4]

ثالثًا: الإصغاء وحسن الاستماع:

وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، فربما تحدَّث معه بعض المشركين بكلام لا يستحق أن يُسمع، فيصغي النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا انتهى هذا الرجل وفرغ من كلامه، قال له صلى الله عليه وسلم: "أوقد فرغت يا أبا الوليد؟" قال: نعم. فتكلَّم النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من القرآن .[5]

رابعًا: الإنصاف:

وهو أن تكون الحقيقة ضالتك المنشودة، تبحث عنها في كل مكان، وفي كل عقل.

.خامسًا: البدء بمواضع الاتفاق والإجماع والمسلَّمات والبدهيات:

فمن المصلحة ألا تبدأ الحوار بقضية مختلف فيها؛ بل ابدأ بموضوع متفق عليه، أو بقاعدة كلية مسلَّمة أو بدهية، وتدرج منها إلى ما يشبهها أو يقاربها، ثم إلى مواضع الخلاف.

.سادسًا: ترك التعصب لغير الحق .

.سابعًا: احترام الطرف الآخر:

فنحن مأمورون أن نُنـزل الناس منازلهم، وألا نبخس الناس أشياءهم.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم - "ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللعَّان، ولا الفاحش، ولا البذيء"،[6] فالمؤمن ليس باللعان، ولا بالطعان في الناس وأعراضهم، ونياتهم ومقاصدهم وأحوالهم، ولا بالفاحش، ولا بالبذيء.

وفي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحِّشًا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا"[7]، فهذا حال النبي صلى الله عليه وسلم وصفته، وهذا كلامه في وصف المؤمن، أنه لا يحب الفحش ولا التفحش.

ثامناً : الموضوعية :

الموضوعية تعني رعاية الموضوع وعدم الخروج عنه .

تاسعًا: عدم الإلزام بما لا يلزم أو المؤاخذة باللازم:

والإلزام -بأن تلزم إنسانًا بمقتضى كلامه- من المشكلات؛ لأن اللازم يصلح في كلام الله تعالى، فتقول: الآية يلزم منها كذا، واللازم يعتبر دليلاً من أنواع الدلالات، وكما يقول علماء الأصول: الدلالات ثلاث: دلالة المطابقة، ودلالة التضمن، ودلالة الإلزام، يعني: يلزم من هذا النص كذا وكذا.

فهذا يصح في كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أما كلام الناس فلا إلزام فيه بشيء ما، تقول: يلزم من كلامه كذا وكذا، رغم أنه ما خطر في باله هذا اللازم، ولا فكَّر فيه يومًا من الأيام، وقد لا يوافقك على أنه لازم، ولو وافقك على أنه لازم قد لا يُقر به، فلماذا تلزم الناس بشيء لم يلتزموا به؟

.عاشرًا: اعتدال الصوت:

لا تبالغ في رفع الصوت أثناء الحوار، فليس من قوة الحجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار؛ بل كلَّما كان الإنسان أهدأ كان أعمق؛ ولهذا تجد ضجيج البحر وصخبه على الشاطئ، حيث الصخور والمياه الضحلة، وحيث لا جواهر ولا درر، فإذا مشيت إلى عمق البحر ولجته وجدت الهدوء، حيث الماء العميق ونفائس البحر وكنوزه؛ لذلك يقول المثل الغربي: "الماء العميق أهدأ".

( العودة ، د : ت ، ص 37 )

 

التعلم من خلال لغة الحوار

 

" استخدم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب ( أسلوب الحوار ) في عديد من المواقف [8]، لذا حرص المربون المسلمون على إتباع هذا الأسلوب والإشادة بأهميته . وفي هذا المجال يؤكد ابن خلدون أن الطريقة الصحيحة في التعليم هي التي تهتم بالفهم والوعي والمناقشة لا الحفظ الأعمى عن ظهر قلب ، ويشير إلى أن "ملكة العلم" إنما تحصل بالمحاورة والمناظرة والمفاوضة في مواضيع العلم ، ويعيب طريقة الحفظ عن ظهر قلب ويعتبرها مسئولة عن تكوين أفراد ضيقي الأفق عقيمي التفكير لا يفقهون شيئاً ذي بال في العلم " ( غبان ،1415هـ ، ص 122)

" والواقع أن المربين المسلمين قد اهتموا بأسلوب المناظرة والحوار في التدريس واعتبروه أسلوباً مفضلاً مجدياً في التعليم ، حيث يقول الزرنوجي :"إن قضاء ساعة واحدة في المناقشة والمناظرة أجدى على المتعلم من قضاء شهر بأكمله في الحفظ والتكرار " ( المصدر السابق ، ص 122 )

" والحوار الهادئ ينمي عقل الطفل ، ويوسع مداركه ، ويزيد من نشاطه في الكشف عن حقائق الأمور ، ومجريات الحوادث والأيام ، وإن تدريب الطفل على المناقشة والحوار يقفز بالوالدين إلى قمة التربية والبناء ، إذ عندها يستطيع الطفل أن يعبر عن حقوقه ، وبإمكانه أن يسأل عن مجاهيل لم يدركها ، وبالتالي تحدث الانطلاقة الفكرية له ، فيغدو في مجالس الكبار ، فإذا لوجوده أثر ، وإذا لآرائه الفكرية صدى في نفوس الكبار ، لأنه تدرب في بيته مع والديه على الحوار، وأدبه ، وطرقه ، وأساليبه ... واكتسب خبرة الحوار من والديه ." ( سويد ، 1422هـ ، ص 119 )

ومن أهم التقنيات التي ينبغي مراعاتها في الحوار :

1-الاتجاه بالكلية إلى المحاور .

2-الاقتراب من المحاور .

3-التواصل البصري مع المحاور .

 

المراجع

1-               ابن حميد ، صالح بن عبد الله ( د : ت ) أصول الحوار وآدابه في الإسلام ، مكتبة صيد الفوائد

2-               ابن منظور ، جمال الدين محمد (1410هـ ) لسان العرب ،دار صادر ، بيروت

3-               أبو سليمان ، عبد الوهاب إبراهيم ( 1416 هـ ) كتابة البحث العلمي صياغة جديدة ، ط 6 ، دار الشروق ، جدة .

4-               الترمذي ، محمد بن عيسى ( 1994م) سنن الترمذي ،دار الكتب العلمية .

5-               الحاكم ، محمد بن عبد الله ( د : ت ) المستدرك على الصحيحين ، دار الكتب العلمية ، بيروت .

6-               سويد ، محمد نور بن عبد الحفيظ ( 1422هـ ) منهج التربية النبوية للطفل ، ط3 ، دار ابن كثير ، دمشق-بيروت .

7-               العساف ، صالح بن حمد ( 1424 هـ ) المدخل إلى البحث في العلوم السلوكية ، ط3 ، مكتبة العبيكان .

8-               العودة ، سلمان بن فهد ( د : ت ) أدب الحوار ، مكتبة صيد الفوائد .

9-               غبان ، محروس أحمد إبراهيم، وآخرون ( 1415 هـ ) أصول التربية الإسلامية ، دار الخريجي للنشر والتوزيع ، الرياض .

10-       الفيروز بادي ، محمد بن يعقوب ( 1993م ) القاموس المحيط ، مؤسسة الرسالة .

11-          الفيومي ، أحمد بن محمد بن علي ( 1987م ) المصباح المنير ، مكتبة لبنان ، بيروت .

 

 


1-    ابن ماجة ، باب اجتناب الجدل 1/49

وأحمد ، من حديث أبي أمامة الباهلي 6/21829

والسيوطي 6/18627

والحاكم 2/3721

[4] - مسلم 2/225

[5]- مصنف ابن أبي شيبة 8/32349

[6] - الترمذي 6/1981

-[7] البخاري 7/3483

المصدر: https://uqu.edu.sa/page/ar/146898

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك